موسكو، لندن، إسلام آباد – أ ب، رويترز، أ ف ب – اتهم «الحرس الثوري» الإيراني أمس، الولاياتالمتحدة وبريطانيا وباكستان بمساعدة جماعة «جند الله» التي استهدفت «الحرس» بتفجير انتحاري الأحد الماضي، أسفر عن مقتل 41 شخصاً على الأقل بينهم 11 من قادة هذه القوة. تزامن ذلك مع حضّ الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد نظيره الباكستاني آصف علي زرداري على «اعتقال» عناصر الجماعة الموجودين على الأراضي الباكستانية، ومعاقبتهم. وأعلن محمد مارزيه المدعي العام في زاهدان عاصمة محافظة سيستان بلوشستان مقتل 41 شخصاً على الأقل في التفجير الانتحاري الذي استهدف اجتماعاً لقادة من «الحرس الثوري» مع وجهاء عشائر شيعية وسنية في بلدة بيشين قرب الحدود مع باكستانجنوب شرقي البلد. وأفادت معلومات في إيران بمقتل 11 من قادة «الحرس الثوري»، بينهم الجنرال نور علي شوشتري مساعد قائد سلاح البر في «الحرس». وأعلنت جماعة «جند الله» التي تنشط في المحافظة، مسؤوليتها عن التفجير. وأكدت الجماعة السنية التي يتزعمها عبد المالك ريغي، في بيان نُشر على موقع إسلامي على الانترنت يستخدمه تنظيم «القاعدة»، أن التفجير «رد على جرائم النظام الإيراني ضد الشعب الأعزل في بلوشستان». وأشار البيان الى أن منفذ التفجير يُدعى عبد الواحد محمدي ساراواني، موحياًَ بذلك انه من بلدة ساراوان التي تبعد 40 كيلومتراً عن الحدود الباكستانية. واتهم البيان الحكومة الإيرانية بإعدام أشخاص كثيرين، لمجرد انهم من السنة أو من البلوش. في غضون ذلك، أعلن قائد «الحرس الثوري» الجنرال محمد علي جعفري أن الأجهزة الأمنية الإيرانية قدمت أمس «وثائق تشير الى أن جماعة عبد الملك ريغي الإرهابية على صلات مباشرة بأجهزة استخبارات أميركية وبريطانية وللأسف باكستانية»، مضيفاً: «ما من شك في أن هذا الشخص وخططه تقع تحت مظلة هذه الأجهزة وحمايتها، وينفذ خططها». وتابع: «وراء هذا المشهد جهازا الاستخبارات الأميركي والبريطاني، وستكون هناك إجراءات انتقامية لمعاقبتهما». وأعلن أن وفداً إيرانياً سيتوجه الى باكستان لتسليمها «دليلاً كي يعلموا أن الجمهورية الإسلامية مدركة للدعم الذي تقدمه» باكستان ل «جند الله»، موضحاً ان «الوفد سيطلب تسليمه (ريغي)». أما قائد سلاح البر في «الحرس الثوري» الجنرال محمد بكبور فقال إن «قاعدة الإرهابيين والمتمردين لا توجد في إيران، بل تدربهم أميركا وبريطانيا في دول مجاورة. وأقر الأشخاص الذين اعتقلوا بأن أجهزة الاستخبارات الأجنبية تجهزهم». لكن ناطقة باسم وزارة الخارجية البريطانية أكدت «رفضها القاطع أي اتهام يشير الى أي علاقة لبريطانيا بهذا الاعتداء. الإرهاب مقيت في أي مكان وجد فيه». وكانت واشنطن نفت أيضاً أي ضلوع لها في التفجير. في هذا الوقت، أبلغ نجاد زرداري بأن «علاقة أخوة تربط إيرانبباكستان، لكن تواجد عناصر إرهابية في باكستان غير مبرر». ونقلت وكالة الأنباء الرسمية الإيرانية (ارنا) عن نجاد قوله لزرداري في اتصال هاتفي تلقاه من الرئيس الباكستاني، ان «على الحكومة الباكستانية المساعدة في اعتقال هؤلاء المجرمين بسرعة ومعاقبتهم. وعلى البلدين تحديد جدول زمني للتعاون في مجال التصدي لهؤلاء المجرمين وانزال العقاب العادل في حقهم». ونقلت «ارنا» عن زرداري «تنديده بالحادث الإرهابي»، مضيفاً ان «الإرهابيين ارتكبوا جرائم كثيرة ضد الشعب والحكومة الباكستانيين، لذلك بدأنا عمليات واسعة للتصدي لهم وهدفنا استئصال جذورهم». وأضافت ان زرداري أكد «موافقة بلده على اقتراح نجاد تحديد جدول زمني لاستئصال جذور الإرهابيين في شكل شامل». وأفاد بيان أصدرته الرئاسة الباكستانية، بأن زرداري اعتبر التفجير «شنيعاً وبربرياً»، مشيراً الى انه يحمل «تواقيع عدو جبان فارّ». وشدد على العلاقات التاريخية بين إيرانوباكستان، مؤكداً أن بلده سيواصل التعاون مع طهران لمكافحة التطرف والإرهاب. في غضون ذلك، أكد الشيخ محمد علي التسخيري أمين عام مجمع التقريب بين المذاهب الإسلامية أن «إيران لا تسمح بالتلاعب بالوحدة بين المذاهب في المناطق الإيرانية». وقال ل «الحياة» إن «هذه الأعمال لا تؤثر مطلقاً في العلاقات الطيبة بين الشيعة والسنة في كل المناطق الإيرانية، وستزيد أواصر الوحدة والانسجام بينهما». وفي موقف لافت، دان الرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف التفجير، مؤكداً في رسالة تعزية وجهها الى نجاد أن «مكافحة التهديدات المرتبطة بالإرهاب والتطرف أياً كان مصدرها، تتطلب توحيد كل القوى في البلد». وقال: «نحن مستعدون للتعاون مع الجمهورية الإسلامية في مكافحة هذه التهديدات». أما رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان فاتصل بنجاد معزياً، مشيراً الى انه سيزور طهران في الأيام المقبلة لمناقشة سبل تحسين التعاون في مكافحة الإرهاب. وبعث الرئيسان السوري بشار الأسد واللبناني ميشال سليمان ببرقيتي تعزية إلى نجاد، دانا فيها «العمل الإرهابي».