سارع الشاب العشريني الى تعديل الحاجز الذي يفصل بينه وبين جهاز الحاسوب المجاور عندما جلست الى جانبه فتاة لتصفح الانترنت. لكن الارتباك الذي بدا واضحاً على وجه الشاب دفع الفتاة الفضولية الى الالتفات نحو جهاز الحاسوب فوجدته مليئاً بصور أحد المواقع الإباحية، ما دفع الشاب الى مغادرة مكانه الى جهاز حاسوب آخر بعيد من العيون المتلصصة. هذا الشاب اعتاد ارتياد مقاهي الانترنت في شكل يومي لزيارة المواقع الإباحية، مستفيداً من الحيلة الالتفافية التي اعتمدها صاحب المقهى بتحميل برنامج يفتح المواقع المغلقة التي أقدمت وزارة الثقافة العراقية على حجبها قبل نحو أسبوعين مثيرة موجة استياء كبيرة بين الشباب وأصحاب مقاهي الانترنت على حد سواء. والقرار الذي اتخذته الوزارة والقاضي بحجب المواقع الإباحية والجنسية وبعض المواقع الإخبارية «التي تروج للإرهاب» بحسب تصريحات المسؤولين، قوبل بموجة تذمر كبيرة بين الشباب الذين يرتادون المقاهي للاطلاع على تلك المواقع ومن أصحاب المقاهي الذي تضرروا من توقف توافد الزبائن على محالهم كما في السابق. وبات بعض الشباب يعمد قبل الدخول الى سؤال صاحب المقهى إن كان يبيح فتح جميع المواقع أم يحجب بعضها فتترتب على إجابته إمكانية دخوله الى المكان أو مغادرته الى مكان آخر. ويقول جليل نجم صاحب مقهى انترنت في مدينة الحرية إن حجب المواقع الجنسية وبعض المواقع الأخرى التي تبث مشاهد من عمليات ذبح الرهائن في العراق أو مشاهد القتل الطائفي تسبب في انخفاض نسبة إقبال الشباب على مقاهي الانترنت. ويضيف: «منذ اتخاذ القرار انخفض عدد زوارنا الى النصف. وإذا بقي الأمر على ما هو عليه، سأضطر الى تنزيل برامج خاصة تقوم بفتح المواقع المحجوبة مثلما يفعل غيري من أصحاب المقاهي وأنا بالنتيجة لا أريد أن أخسر زبائني». وخلال الحديث مع جليل، سأل شاب إن كان «النت مفتوح بشكل كامل»، فأجابه جليل: «ليس بعد لكننا سنفتحه في شكل مطلق الأسبوع المقبل»، فواصل الزبون طريقه على الأرجح نحو مقهى آخر. شباب آخرون يجدون في إغلاق الموقع تقييداً للحريات الشخصية ويرون أن هذه الخطوة ستدفعهم الى البحث عنها في أي مكان آخر عملاً بالمثل القائل «كل ممنوع مرغوب»، خصوصاً أن وسائل التكنولوجيا تتيح الالتفاف على تقنيات المنع والحجب. ويقول أسعد خضر وهو طالب جامعي، إن قرار وزارة الثقافة «أعاد العراق الى عصر النظام السابق عندما كانت الحكومة تضع قيوداً على استخدام شبكة الانترنت وتحجب جميع المواقع التي لا تتلاءم مع سياستها وتترك الفرد العراقي رهينة لدوامة الممنوع». ويضيف: «لا ضير في حجب المواقع التي تتنافى مع الذوق والآداب العامة، لكن هناك مواقع لا تخل بالآداب وهي مجرد أفلام وثائقية وصور تم حجبها بحجة انها تروج للإرهاب». ويرى عبد الزهرة الطالقاني المتحدث الرسمي باسم وزارة الثقافة أن قرار حجب المواقع «فهم في شكل سيء، إذ أن الحجب لا يهدف الى تقييد الحريات بل الى منع المواقع التي تروج للإباحية والانحلال الأخلاقي والإرهاب، لم نقصد تقييد الحريات بقدر ما اردنا أن ننقذ المجتمع من السموم التي يمكن أن تتسرب الى جسده».