حسم الرئيس المكلف تأليف الحكومة اللبنانية سعد الحريري التأرجح الذي ساد في الأيام الماضية بين التشاؤم في شأن تشكيل الحكومة وبين التفاؤل بنجاح الاتصالات الجارية بتكتم شديد من أجل تدوير الزوايا لإزالة العراقيل من أمام إنجازها، لمصلحة الاتجاه الإيجابي لنتائج الحوارات الجارية، معلناً عن تقدم فيها، لا سيما مع رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» النيابي العماد ميشال عون الذي التقاه ليل أول من أمس، مؤكداً أنه «بصدد بناء علاقة جيدة جداً معه»، ورافضاً كشف أي تفاصيل حول مداولاته معه، والتي تدور حول البدائل من مطالبه، خصوصاً مطلبه الحصول على حقيبة الاتصالات التي ستؤول الى غيره بعد أن شغلها الوزير جبران باسيل مسؤول الاتصالات السياسية في «التيار الوطني الحر». وتلاقت تصريحات أدلى بها الحريري أمس، بعد لقائه رئيس الجمهورية ميشال سليمان لإطلاعه على نتائج اتصالاته وحواراته في شأن إنجاز الحكومة، مع معلومات كانت نشرتها «الحياة» أمس عززتها أيضاً أوساط متعددة رجحت أن ترى الحكومة العتيدة النور نهاية الأسبوع المقبل، في موازاة توقع أكثر من جهة أن الحكومة ستنجز بعد عودة الرئيس سليمان من زيارته إسبانيا التي تبدأ غداً وتنتهي الأربعاء المقبل. ولمّح الحريري، في تصريحه بعد اجتماعه مع سليمان، الى ذلك في معرض تأكيده أن «الجو إيجابي» بالقول إن الحوار «سيستكمل خلال الأيام الأربعة الآتية في شكل متواتر (أي فترة سفر سليمان) وإن شاء الله نستطيع الوصول الى انفراج ما في وقت قريب». وقال: «تعقد لقاءات بيني وبين الجنرال عون وبيني وبين حلفائي والجميع لنسرّع تشكيل الحكومة». ورداً على سؤال عن انعكاس القمة السعودية – السورية على لبنان أوضح الحريري أن «التقارب العربي يريح الأجواء والعلاقات... وهناك توافق أكثر... وهذا لا يعني أن كل فريق سياسي أبلغ بضرورة الإيجابية هنا وهناك لكن التقارب يفيد العرب». وتزامنت مسحة التفاؤل التي أضفاها الحريري مع معطيات أوساط ديبلوماسية في بيروت عن ان القيادة السورية أبلغت رئيس الوزراء الإسباني خوسيه لويس رودريغيز ثاباتيرو خلال زيارته دمشق الخميس الماضي توقعاتها بأن تتشكل الحكومة اللبنانية خلال 10 أيام، لا سيما أنها كانت دعت حلفاءها في لبنان الى المرونة والتسهيل في عملية التأليف. ودفعت هذه الأجواء الإيجابية رئيس البرلمان نبيه بري الى ملاقاة الرئيس المكلف في خطاب ألقاه عصر أمس لمناسبة افتتاح مكتبة الشيخ بهاء الدين العاملي، بالقول: «أخال صوت مؤذن الحكومة الأخ سعد الحريري سيفك صيامي قريباً كما لمست، وتصريحه بعد لقائه رئيس الجمهورية خير دليل»، في إشارة منه الى موقفه منذ أسابيع بالصيام عن الكلام الى أن تظهر ملامح تشكيل الحكومة وتذليل العقبات من أمامها. وكان نائب وزير الخارجية الروسي الكسندر سلطانوف زار بيروت أمس والتقى سليمان والحريري وتمنى رداً على سؤال أن تؤلف الحكومة في أسرع وقت ممكن على أساس الوفاق الوطني والحوار والأخذ في الاعتبار الحفاظ على سيادة لبنان واستقلاله. ورأى سلطانوف الذي غادر الى دمشق لإجراء محادثات حول عملية السلام، على أن يعود الى بيروت، أن انتخاب لبنان عضواً في مجلس الأمن دليل ثقة. وأكد الرئيس سليمان في خطاب ضرورة تشكيل حكومة وحدة وطنية لا حصص فيها إلا للمصلحة العامة. وشدد على ضرورة مقاربة تطبيق اللامركزية الإدارية بعد إنجاز الانتخابات البلدية في الربيع المقبل.