طمأن الرئيس المكلف تشكيل الحكومة اللبنانية سعد الحريري الى أن الأجواء الإيجابية حيال تأليف الحكومة «ستبرز قريباً جداً»، مشدداً على أن مصلحة لبنان واللبنانيين «تقتضي تشكيل حكومة وحدة وطنية في أسرع وقت». كلام الحريري جاء بعد لقائه رئيس الجمهورية ميشال سليمان أمس في بعبدا، وأطلعه على نتائج مشاوراته وحصيلة اللقاءات التي عقدها مع القوى السياسية. وقال الحريري بعد اللقاء الذي تخلله غداء: «التقيت الرئيس سليمان وكما تعلمون أن الحكومة تتشكل بالتعاون معه، وكانت لي سلسلة لقاءات واجتمعت مع عدد من القيادات السياسية ووضعت الرئيس في أجواء هذه الاتصالات». وأضاف: «الجو إيجابي والأمور تتقدم والجميع يريد أن يرى ولادة الحكومة في أسرع وقت ممكن وإن شاء الله ستستكمل اللقاءات والحوار القائم الذي كان، برأيي، من الضروري أن يحصل لأنه فعلياً لم تكن تحصل حوارات في العمق وبالأمور الأساسية أو الهواجس الأساسية الموجودة لدى بعض الأفرقاء السياسيين». وتابع: «هذا كله يحصل وستكون له تكملة خلال الأيام الثلاثة أو الأربعة الآتية بشكل متواتر. وإن شاء الله نستطيع الوصول الى انفراج ما في وقت قريب». وهل تبصر الحكومة النور بعد عودة الرئيس من اسبانيا؟ أجاب: «دعوا الرئيس يذهب الى اسبانيا وبعد عودته نرى». وهل تتوقع تشكيل الحكومة قبل نهاية الشهر؟ أجاب: «إن شاء الله. وبرأيي إذا سألتم الشعب اللبناني فانه يريد أن تتشكل الحكومة بالأمس قبل اليوم، واليوم قبل الغد، لذلك نسعى في هذا الاتجاه، وتعقد لقاءات بيني وبين الجنرال (ميشال) عون وبيني وبين حلفائي والجميع لنسرع تشكيل الحكومة». وقيل للحريري: الكل انتظر انعقاد القمة السورية - السعودية لكي تنعكس نتائجها على تشكيل الحكومة، ولكن يظهر أن لا تأثير لهذه القمة على الحكومة؟ فأجاب: «نحن دائماً نشجع التقارب العربي وبخاصة القمة التي انعقدت بين المملكة العربية السعودية وسورية وذهاب الرئيس (بشار) الأسد الى السعودية ومن ثم ذهاب خادم الحرمين الشريفين (الملك عبدالله) الى سورية، وهذا يريح الأجواء والعلاقات، خصوصاً أننا كلبنانيين يجب أن نعرف أن الجو العربي ككل بحث في هذه القمة». وتابع: «صحيح تم الحديث عن لبنان لكنه تم أيضاً حول كل المنطقة وهذا يشجع على أن تكون الأجواء مريحة للبلد وللبنانيين. هذه الأجواء ترجمت وهناك توافق أكثر وأكثر بين الفرقاء السياسيين». وأوضح أن «هذا لا يعني أن كل فريق سياسي أبلغ بضرورة الإيجابية هنا وهناك، ولكن هذا التقارب يفيد العرب وحدهم. ونحن دائماً نقول في لبنان إن هناك تهديدات إسرائيلية لكن هذه التهديدات هي على كل الدول العربية، بخاصة ما يحصل في فلسطين وفي المسجد الأقصى ولجهة بناء المستوطنات. كل هذه الأمور من سيواجهها؟ لا يستطيع أن يواجهها لبنان، ولكن إذا كان هناك توافق عربي لمواجهتها، أو حول السبل لمواجهة هذه المشاكل نحن نكون بالتأكيد أقوى كعرب إذا كانت وجهات النظر متوافقة». ورفض الدخول في تفاصيل لقاءه مع عون و»لا أودّ الحديث بما تحدثت به مع الجنرال عون الذي نحن بصدد بناء علاقة جيدة جداً معه. وهناك حوارات ونقاشات جدية معه، وهناك أمور لم نكن نعرفها عنه وكذلك هو لم يكن يعرفها عنا، وهذا الحوار الذي حصل خلال الأسابيع التي مضت هو حوار لمصلحة لبنان. فمن هذا المنطلق سترون الإيجابيات قريباً جداً، وبالتعاون مع الرئيس الذي أنا على اتصال دائم معه». وقال الحريري: «المهم أن يعرف الجميع أمراً وحيداً وهو أن مصلحة لبنان تقتضي أن ننجز حكومة وحدة وطنية بأسرع وقت ممكن لمصلحة اللبنانيين أولاً وللبنان أولاً». سليمان في طرابلس إلى ذلك، رعى سليمان مؤتمراً عن اللامركزية الإدارية في طرابلس (شمال لبنان) وألقى كلمة ربط فيها مقاربة هذه المسألة «بأفضل إدارة للتنوع ضمن الوحدة، وبالإنماء المتوازن»، آملاً بأن «ننكب على مقاربة اللامركزية فور إنجاز الانتخابات البلدية المقبلة». وقال: «لبنان اليوم أحوج ما يكون الى تصميم واضح من كل حكامه وأبنائه على التنافس على الخدمة العامة وعلى إعطاء الدولة بكل إداراتها الأولوية»، مشيراً إلى مضي 40 عاماً على منجزات «باني الدولة الرئيس الراحل فؤاد شهاب». وسأل: «ماذا أضفنا إليها وماذا فعلنا بالتوازنات؟ اسألوا اللبنانيين عن رأيهم بأداء الدولة يأتيكم الجواب الحسرة والأسف والغضب من تبديد حقوق الأجيال المقبلة». وأوضح أن «اللامركزية كانت عنواناً من عناوين خطاب القسم ويجب أن تكون بنداً أساسياً في بنود البيان الوزاري للحكومة العتيدة»، موضحاً أنه طلب من وزير الداخلية والبلديات (زياد بارود) وضع تصور شامل عن الموضوع يعرض لاحقاً على الجهات المعنية ثم يقر في مجلس الوزراء ثم في المجلس النيابي. وأكد أن «الإنماء المتوازن واجب وسنعمل على تحقيقه لا سيما في الشمال وعاصمته طرابلس، على رغم الأوضاع السياسية المعقدة والأزمة المالية العالمية التي تنعكس سلباً على مجمل أجهزة أو أنظمة النقد والتسليف في العالم». وأشار إلى أن «الاقتصاد اللبناني يستطيع النمو بوتيرة أكبر وأسرع من التوقعات السابقة هذا العام، وأن تدفق المغتربين وجذب الاستثمارات بإمكانهما إذا ما وجدت البيئة المؤاتية ايجاد فرص عمل جديدة وتحقيق النمو المرجو والإنماء المتوازن في كل أرجاء الوطن». وأوضح أن «اللامركزية في أجواء الأمن والاستقرار لها الدور الأساسي في بلوغ هذه الأهداف. والقوى المسلحة مدعوة لضرب المتلاعبين بأمن طرابلس وأبناء الشمال وكل لبنان وردع أي مخل بالأمن بما يخدم مصلحة المواطنين وهناء عيشهم».