مدريد، برلين - أب، أ ف ب - فتحت السلطات الإيرانية تحقيقاً قضائياً في حق مهدي كروبي المرشح الإصلاحي الخاسر في الانتخابات الرئاسية التي أجريت في حزيران (يونيو) الماضي، لمحاسبته على تأكيداته أن متظاهرين احتجِزوا خلال الاحتجاجات التي أعقبت الاقتراع، تعرضوا لتعذيب واغتصاب، الأمر الذي نفته السلطات. وقد يشكل التحقيق خطوة أولى في اتجاه محاكمة قادة المعارضة، بمن فيهم المرشح الإصلاحي الآخر مير حسين موسوي والرئيس السابق محمد خاتمي. تزامن ذلك مع إعلان المخرجة الإيرانية نرجس كَلهور، وهي ابنة مهدي كلهور مستشار الرئيس محمود احمدي نجاد للشؤون الثقافية والإعلامية، أنها طلبت اللجوء السياسي في ألمانيا. وقالت كلهور (25 سنة) بعد مشاركتها في مهرجان للفيلم حول حقوق الإنسان في نورمبرغ، بفيلم قصير ينتقد النظام الإيراني: «أخشى أن أتعرض لمشاكل إذا عدت الى بلدي، لذلك طلبت أمس (الاثنين) اللجوء السياسي قبل يوم من انتهاء صلاحية تأشيرتي». وأضافت: «كانت لديّ مشاكل سياسية مع والدي منذ بعض الوقت. ومنذ سنة ونصف سنة أعيش مع والدتي». ونقلت وكالة الأنباء الرسمية الإيرانية (إرنا) عن مهدي كلهور إنه كان يجهل نيات ابنته، مضيفاً ان «المسألة هي أحد نماذج الحرب الإعلامية التي شنتها المعارضة». وأوضح أنه طلّق زوجته قبل نحو سنة، مشيراً الى أنها كانت من أشد معارضي نجاد. في غضون ذلك، قال اسفنديار رحيم مشائي مدير مكتب نجاد أن طهران ترى «بداية تغيّر» في موقف واشنطن حيالها، وعزا ذلك الى إدراك الولاياتالمتحدة أن إيران هي «أهم دولة في أهم منطقة في العالم». أما الجنرال حسين سلامي نائب قائد «الحرس الثوري» فاعتبر ان «لا مثيل للعزة والشموخ اللذين تحظى بهما إيران التي تقف في هرم القوى العالمية». ورأى أن «إيران مركز الثبات والاستقرار في المنطقة، ولا يمكن تسوية أي معادلة من دون حضورها وتواجدها في الساحة». وعلى صعيد ملاحقة كروبي، نقلت «إرنا» عن مدعي عام طهران عباس جعفري دولت أبادي، قوله أن ملفاً للتحقيق فُتح حول كروبي، مضيفاً أن الأخير «رجل دين وعلى المحكمة الخاصة برجال الدين درس تصريحاته. لكن تقرير لجنة التحقيق (التي شكلها القضاء) أُرسل إلينا ويُدرس الآن». وزاد: «بعض الأشخاص استُدعوا في إطار هذا الملف، وسنبلغ آخرين عندما يكون لدينا مزيد من المعلومات». وأكد أن 10 أشخاص سيحاكمون بتهمة إثارة الاضطرابات التي أعقبت الانتخابات الرئاسية. وأُنشئت المحكمة الخاصة برجال الدين للنظر في الملفات المتعلقة بهم، وهي تعمل في سرية تامة. وكانت لجنتا تحقيق، قضائية وبرلمانية، نفتا بشدة رواية كروبي حول «اغتصاب» متظاهرين محتجزين، ودعت اللجنة القضائية الى التحرك ضد من سمتهم «المتآمرين معه». وحضّ «الحرس الثوري» ورجال دين بارزون على محاكمة كروبي وموسوي وخاتمي. ومثل اكثر من مئة شخص أمام محكمة الثورة بتهمة إثارة الاحتجاجات، لكن الإجراء القانوني ضد كروبي هو الأول الذي يستهدف مرشحاً في الانتخابات. والأخير رئيس سابق لمجلس الشورى (البرلمان) ويُعتبر «شيخ الإصلاحات» في إيران. وعلى رغم فتح تحقيق قضائي في حقه، أبلغت مصادر مطلعة قريبة من المجلس الأعلى للأمن القومي» الإيراني «الحياة» أن لا مؤشرات الى رغبة النظام في اعتقال كروبي. وقالت إن المجلس يعارض اعتقال موسوي وكروبي، لاعتبارات تتعلق بالأوضاع الخارجية والداخلية. وتسعى شخصيات قريبة من المحافظين الى «مصالحة وطنية» بين كل الفرقاء. وفي مقدم الوسطاء مهدوي كني سكرتير «جماعة العلماء المناضلين» المحافظة الى جانب رئيس مجلس خبراء القيادة هاشمي رفسنجاني ورئيس البرلمان علي لاريجاني وناطق نوري عضو الجماعة ورئيس هيئة التفتيش التابعة للمرشد علي خامنئي. ويعتقد مراقبون أن هذه الأسماء لم تكن لتنخرط في هذا المسعى، ما لم تكن حصلت على موافقة ضمنية من خامنئي، لكن ذلك لا يحجب معارضة متشددي التيار المحافظ من مؤيدي نجاد. وتعتقد مصادر إصلاحية أن فتح ملف قضائي في حق كروبي، في هذا الوقت تحديداً، يدخل في إطار التخريب الذي يمارسه متشددون، لإحباط جهود المصالحة. الى ذلك، أوردت صحيفة «ال موندو» الإسبانية أن السلطات الإيرانية تعتقل منذ 22 آب (أغسطس) الصحافية فريبة باجو التي تعمل مترجمة لدى الصحيفة اليمينية. ونقلت الصحيفة عن مينا جعفري محامية باجو أن «فريبة مُتهمة بنشر دعاية ضد الجمهورية الإسلامية»، مضيفة أنها «تعرضت لضغوط للاعتراف بالاتهامات المفبركة ضدها».