إن أردت ان تتلمس حال السينما في بلادنا، يكفيك ان تنظر الى النجوم المتمايلين على السجادة الحمراء في اي مهرجان سينمائي عربي كان، حتى تدرك انتصار التلفزيون على الفن السابع.يتبدى هذا من خلال نظرة سريعة الى قائمة العرب المشاركين في افتتاح الدورة الثالثة من مهرجان الشرق الاوسط السينمائي الدولي الذي يُعقد في أبو ظبي هذه الأيام. فإذا كان الغرب تمثل ولو في شكل متواضع بنجوم سينمائيين من الطراز الأول مثل صاحبة الأوسكار هيلاري سوانك وديمي مور، فإن معظم نجوم العالم العربي أتوا من الشاشة الصغيرة ليحتفلوا بأعمال الشاشة الكبيرة. من جمال سليمان وعابد فهد ورشيد عساف وسلوم حداد ورنا أبيض من سورية الى سعاد عبدالله وهيفاء حسين وغانم الصالح من الخليج الى عمار شلق من لبنان، وسواهم من الممثلين الذين عرفهم المشاهد العربي في التلفزيون حتى وإن شارك بعضهم في عمل او اثنين سينمائيين... حتى نجمات مصر في الافتتاح، أي منة شلبي وهند صبري وغادة عادل لا يمكن وصفهن بنجمات الفن السابع حصراً بعدما طرقن أخيراً باب التلفزيون. وإذا ألقينا نظرة على تعامل المهرجانات العربية مع جيرانها، وتحديداً تركيا وسينماها التي يخصص لها في ابو ظبي قسم يسلط الضوء على نتاجاتها الحديثة، يتبين لنا ان هذه السينما لم تسلم من منافسة الدراما التي غزت بيوت العرب... وما استقدام نجوم التلفزيون - وهم اصحاب شعبية واسعة في العالم العربي خلافاً لزملائهم في الفن السابع - لنلتقط لهم الصور على السجادة الحمراء، الا دليل. خصوصاً بطل مسلسل «نور» مهند الذي قلّ ان تمر مناسبة عربية من هذا النوع الا وتجده فيها، وأيضاً نجوم مسلسل «وادي الذئاب» الذي تعرضه قناة «أبو ظبي»، ما حتّم وجودهم في مهرجان أبو ظبي. فهل سحب التلفزيون البساط من تحت أقدام السينما في عقر دارها، أي في المهرجانات السينمائية التي يمفترض انها مخصصة للاحتفاء بالفن السابع ونجومه فحسب؟ وهل تقلصت شعبية نجوم السينما لمصلحة شعبية نجوم الشاشة الصغيرة؟ ثم، هل اضحت الاستعانة بنجوم التلفزيون في المهرجانات السينمائية حاجة لاستقطاب الجمهور الذي يبتعد أكثر فأكثر من الشاشة الكبيرة؟ كل هذه الأسئلة تحيلنا على غياب السينما في العالم العربي، ما يبرر هذا الفراغ الذي يملأه التلفزيون. من هنا السؤال: إذا كان للتلفزيون كل هذه السطوة والحضور عند الجمهور، لماذا إذاً لا يفكر صناع المهرجانات السينمائية التي تتكاثر في العالم العربي بما لا يتناسب وحجم الإنتاج باستحداث مهرجانات تعنى بالدراما التلفزيونية وتضع في تصرفها الإمكانات الكبيرة التي تسخّر في المهرجانات السينمائية؟ عندها قد يضرب هؤلاء عصفورين بحجر واحد: سيساهمون في إعلاء شأن الدراما من خلال المنافسة على الفوز بجوائز قيمة. ثم لن يضطروا الى استعارة النجوم من شاشة صغيرة الى شاشة كبيرة.