منع الجيش اللبناني التنقل بين بلدة عرسال شرق البلاد وجرودها الحدودية مع سورية، إلا بإذن مسبق، وذلك بهدف منع تسلل مسلحي المعارضة السورية المتحصنين في المناطق الجبلية المحاذية للحدود إلى الداخل اللبناني، وفق ما أفاد اليوم الإثنين مصدر عسكري. ومن شأن هذا القرار أن يقطع الطريق على مسلحي فصائل المعارضة السورية والناشطين المعارضين المتنقلين بين منطقة القلمون السورية الملاصقة لعرسال والأراضي اللبنانية. ويعتبر هذا الطريق أبرز معبر لهؤلاء للحصول على التموين وبعض السلاح. وقال المصدر لوكالة "فرانس برس" رافضاً الكشف عن اسمه "صدر قرار بمنع التنقل بين بلدة عرسال وجرودها إلا بترخيص من استخبارات الجيش، وقد دخل هذا القرار بالفعل حيّز التنفيذ". وأضاف أن الهدف من القرار "ضبط حركة الإرهابيين الذين يستغلون الطريق للتنقل بين البلدة وجرودها والحصول بذلك على مؤن لهم وأغراض أخرى". وقال مدير "المرصد السوري لحقوق الإنسان" رامي عبدالرحمن رداً على سؤال لوكالة "فرانس برس" إن مسلحي المعارضة في المناطق الجبلية في القلمون "سيصبحون محاصرين تماماً في حال تنفيذ القرار. من جهة يقطع الجيش اللبناني عليهم الطريق، ومن الجهة الأخرى، هناك الجيش السوري". واستعادت القوات السورية مدعومة بعناصر "حزب الله" غالبية مدن وقرى القلمون السورية من مقاتلي المعارضة في نيسان (ابريل) الماضي. إلا أن آلاف المقاتلين بقوا يتحصنون في المناطق الجردية والمغاور الحدودية مع لبنان، ويتخذونها نقطة انطلاق لهجمات، كذلك يتسللون منها ذهاباً وإياباً عبر الحدود اللبنانية. وتملك عرسال حدوداً طويلة جداً مع سورية، وتتداخل المناطق الجبلية فيها مع جرود منطقة القلمون السورية، ولا توجد معابر رسمية بين المنطقتين، ولا ترسيم واضح للحدود. وشهدت عرسال معارك عنيفة في مطلع آب (أغسطس) بين الجيش اللبناني ومسلحين قدموا من سورية ومن مخيمات للاجئين السوريين داخل البلدة استمرت خمسة أيام وتسببت بمقتل عشرين جندياً و16 مدنياً وعشرات المسلحين. وانتهت هذه المواجهات بانسحاب المسلحين من عرسال إلى الجرود وإلى سورية، إلا أنهم خطفوا معهم عدداً من العسكريين وعناصر قوى الأمن الداخلي، ولا يزال خمسة وعشرون من هؤلاء محتجزين لدى "جبهة النصرة" وتنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش). ومنذ آب (أغسطس)، تكررت الاعتداءات والكمائن على دوريات ومواقع للجيش اللبناني في عرسال ومحيطها أسفرت عن مقتل عدد من العسكريين. وأثار قرار الجيش اللبناني احتجاجات مواطنين لبنانيين وآخرين سوريين، وفق الوكالة الوطنية للإعلام (رسمية). وأوضحت الوكالة إن "شباناً لبنانيين وسوريين تظاهروا اليوم عند حاجز الجيش في وادي حميد في عرسال احتجاجاً على الإجراءات، (...) فحصل إشكال بينهم وبين الجيش، ما استدعى إطلاق عناصر الجيش النار في الهواء لتفريق المحتجين"، فأصيب ثلاثة أشخاص بجروح. وقال المصدر العسكري إن الأشخاص الذين يعملون في كسارات منتشرة في المنطقة المستهدفة بالقرار "حصلوا على تراخيص خاصة بهم للوصول إلى أماكن عملهم". وأضاف تعليقاً على الاحتجاجات "هؤلاء المتظاهرون لا يريدون أن يعملوا في الجرود، لأن الذين يعملون هناك حصلوا على تصريحات تسمح لهم بالتنقل، لكنهم يريدون أن تبقى الطريق مفتوحة أمام الإرهابيين". وينقسم اللبنانيون على خلفية النزاع السوري بين مؤيدين للنظام ومتعاطفين مع المعارضة.