أكد صندوق النقد الدولي أمس ان الدول المصدرة للنفط في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ستضيف مئة بليون دولار الى احتياطاتها الأجنبية عام 2010 بفضل تحسن اسعار الخام. وتوقع في تقرير صدر في دبي ان يترافق «ارتفاع اسعار النفط وعودة الانتعاش المنتظر في الطلب العالمي مع ارتفاع في الإيرادات النفطية فتسمح للبلدان المصدرة للنفط بإعادة بناء ارصدة احتياطاتها الدولية».وأورد التقرير الذي يختص بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وأفغانستان وباكستان، ان هذا الارتفاع المرتقب «سيساهم في وضع الأساس اللازم للحفاظ على مستوى الإنفاق العام» في الدول المصدرة للنفط. وتزامناً مع الأزمة الاقتصادية العالمية «سحبت البلدان المصدرة للنفط من ارصدتها الاحتياطية بدرجات متفاوتة ما خفض فائض الحساب الجاري في هذه البلدان بنحو 350 بليون دولار»، بحسب التقرير الذي توقع «ان ينتعش الناتج المحلي الإجمالي، النفطي وغير النفطي، لهذه البلدان الى أربعة في المئة تقريباً عام 2010». وأشار مدير منطقة الشرق الأوسط ووسط آسيا في الصندوق مسعود أحمد خلال مؤتمر صحافي في دبي إلى ان استمرار إنفاق حكومات الدول الغنية بالنفط في المنطقة على البنى التحتية خلال الشهور الماضية «مكّنها من احتواء تأثير الأزمة على القطاعات غير النفطية وساعدها على تحقيق نمو هذه السنة». وتوقّع ان تشهد الدول العربية المستوردة للنفط، تراجعاً في معدل في النمو من خمسة في المئة عام 2008 إلى 3.6 في المئة عام 2009، على رغم تمكّنها من تجنب التداعيات الكبيرة الناجمة عن الأزمة المالية العالمية بسبب ضعف اندماجها في أسواق المال العالمية، ومحدودية تعاملات أجهزتها المصرفية بالمنتجات المهيكلة، وضيق قاعدة صناعاتها التحويلية. ورجّح التقرير ان تتأثر دول مثل مصر ولبنان والأردن بعودة ارتفاع أسعار السلع المتوقع ان ترافق انتعاش الاقتصاد العالمي. وتوقع ان يحقق الناتج المحلي الإجمالي للقطاعات غير النفطية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا نمواً مقداره 3.2 في المئة هذه السنة، على رغم الضرر المباشر الذي أصاب هذه البلدان جراء انخفاض أسعار النفط والنضوب المفاجئ لتدفقات رؤوس الأموال الداخلة، الذي انعكس سلباً على فوائض الحساب الجاري في المنطقة، والذي قد لا يتعدى 50 بليون دولار هذه السنة، في مقابل 380 بليوناً عام 2008. وتوقع الصندوق ان يصل نمو القطاعات النفطية وغير النفطية في المنطقة عام 2010 إلى 4.4 و3.9 في المئة على التوالي، لكنه ربط إمكان تحقيق اقتصادات المنطقة الاستفادة القصوى باستمرار الإنفاق العام على البنية التحتية والتنمية الاجتماعية، بالإضافة إلى تصميم استراتيجيات لإيقاف دعم السيولة الاستثنائي لتخفيف آثار الأزمة المالية العالمية. ورجح التقرير الذي تلا أحمد أجزاء منه ان ترتفع حصة دول مجلس التعاون الخليجي في الواردات العالمية من 2.7 في المئة في 2008 إلى 3.2 في المئة عام 2010. وعلى رغم التوقعات الإيجابية التي رسمها الصندوق لاقتصادات المنطقة خلال الأشهر المقبلة، أكد ان الأزمة المالية العالمية كشفت عن بعض جوانب الضعف في القطاع المالي للدول العربية المصدرة للنفط، وهو «ضعف نظم الأخطار وفرط اعتماد المؤسسات على الرفع المالي». ودعا أحمد دول المنطقة العربية المصدرة للنفط إلى «تقوية التنظيم والرقابة الماليين، التي يجري استحداثها في بعض دول المنطقة حتى تتمكن من وقاية النظام المالي من الصدمات المستقبلية»، وأن تضع في سلم أولوياتها تطوير الأسواق المالية، وتحسين مناخ الأعمال بغية دعم التنوع في النشاط الاقتصادي وإيجاد فرص عمل. وأشار إلى ان ما يساعد الدول العربية غير المصدرة للنفط على دعم الطلب، هو تقديم دفعات مالية منشطة، بالإضافة الى الآثار المتولدة من زيادة الإنفاق العام في البلدان المجاورة المصدرة للنفط. لكنه أشار إلى ان أقصى ما يمكن ان تحققه هذه الدول هو معدلات نمو ضئيلة فقط، وذلك «للسبب ذاته الذي عرضها لتباطؤ اقتصادي محدود نسبياً جراء الأزمة المالية العالمية». ولفت أيضاً إلى ان الدول غير النفطية تأثرت بصورة غير مباشرة جراء «تراجع إيرادات الصادرات السلعية والاستثمار الأجنبي وإيرادات السياحة وتحويلات العاملين في الخارج. وتوقع ان تتراجع إيرادات الصادرات السلعية بمعدل 16 في المئة هذه السنة، وأن تنخفض نسبة الاستثمارات الأجنبية بمعدل 32 في المئة. وأضاف التقرير ان دول المغرب العربي المستوردة للنفط تأثرت بشدة بتداعيات الأزمة المالية العالمية على دول الاتحاد الأوروبي، غير ان موسم الحبوب «الاستثنائي الذي شهده المغرب أدى إلى تخفيف اثر التباطؤ الاقتصادي على الناتج المحلي الإجمالي». وتوقع الصندوق ان يظل النمو ثابتاً نسبياً في دول المغرب العربي عام 2010، بنسبة 3.8 في المئة، نتيجة التعافي البطيء في اقتصادات الاتحاد الأوروبي. وفي ضوء استمرار تقلص الدفعات المنعشة لاقتصادات الدول العربية غير المصدرة للنفط، نصح الصندوق صانعي سياساتها بالتركيز أكثر على برامج الإصلاح التي ستساهم في تنشيط القطاع الخاص، وزيادة فرص العمل وتعزيز القدرة التنافسية.