استؤنفت اليوم الأربعاء في مينسك مفاوضات السلام بين كييف والمتمردين الانفصاليين الموالين لروسيا بعد أربعة أشهر تقريباً من توقفها ومع ارتفاع حصيلة ضحايا النزاع إلى أكثر من 4700 قتيل. وأعلن الناطق باسم الخارجية البيلاروسية دميتري ميرونتشيك، أن المحادثات "بدأت" قرابة الساعة 14:30 بتوقيت غرينتش في المقر السابق لرئيس بيلاروسيا ألكسندر لوكاتشينكو في وسط مينسك و"تجري في جلسة مغلقة". وذكر مراسلو "فرانس برس" في المكان، أن المحادثات تضم الرئيس الأوكراني الأسبق ليونيد كوتشما والسفير الروسي في أوكرانيا ميخائيل زورابوف ورئيسة "منظمة الأمن والتعاون في أوروبا" هايدي تاغليافيني وممثلين للانفصاليين بينهم أندريه بوتشيلين رئيس "جمهورية" دونيتسك المعلنة من جانب واحد. وكان الرئيس الأوكراني بترو بوروشنكو أعلن الإثنين عن استئناف مفاوضات السلام الأربعاء والجمعة في مينسك بعد أكثر من أسبوعين من التشكيك بموعدها. وأكدت "منظمة الأمن والتعاون في أوروبا" والانفصاليون وسلطات بيلاروسيا أمس الثلثاء، انعقاد اللقاء بين ممثلي الطرفين المتنازعين وروسيا والمنظمة. وتهدف المحادثات الجديدة إلى إحياء عملية السلام التي بدأت مطلع أيلول (سبتمبر) الماضي وأدّت إلى اتفاقات تهدف خصوصاً إلى رسم حدود فاصلة بين المعسكرين. كما أسفرت عن اتفاق أول لوقف إطلاق النار في أوكرانيا صمد قليلاً لكنه انهار بعد ذلك. وكان بوروشنكو أكد مطلع كانون الأول (ديسمبر)، أن اتفاقات مينسك التي وقعت في الخامس من كانون الأول (ديسمبر) ستشكل "أساس تسوية سلمية" للنزاع. وقالت تيليافيني في تصريحات نقلتها وكالة أنباء "إنترفاكس-أوكرانيا"، إن أربعة ملفات ستناقش في مينسك هي: وقف كامل لإطلاق النار، سحب الأسلحة الثقيلة، تبادل كل الأسرى وتسليم مساعدات إنسانية إلى المنطقة الخاضعة لسيطرة المتمردين. ونقلت الوكالة عن ممثل الانفصاليين دنيس بوشيلين، أن المتمردين يأملون بحث مسألة "رفع الحصار الاقتصادي" عن هذه الأراضي التي قطعت كييف التمويل عنها منذ منتصف تشرين الثاني (نوفمبر)، وتطبيق قوانين أوكرانية تنص على مزيد من الاستقلال للمنطقة والعفو عن بعض المقاتلين المتمردين. ورفضت كييف بشكل قاطع حتى الآن إعادة تمويل المناطق المتمردة وتطالب من جهتها بإلغاء التصويت الانفصالي الذي جرى الشهر الماضي في "الجمهوريتين" الانفصاليتين المعلنتين من جانب واحد. وقال إيغور بلونيتسكي، أحد قادة المتمردين، في تصريحات نقلها مكتبه الإعلامي، إنه إذا تم التوصل إلى اتفاق بين الأطراف فستوقَّع الوثائق الرسمية في الاجتماع المقبل الجمعة. وتأتي هذه الدورة الجديدة من محادثات السلام بالتزامن مع توتر جديد بين موسكو وكييف، فقد تبنى البرلمان الأوكراني الذي يهيمن عليه الموالون للغرب، بأغلبية كبيرة مشروع قرار ينص على تخلي أوكرانيا عن وضع الدولة غير المنحازة، وهو الوضع الذي كان يبعدها، على غرار سويسرا، عن الانضمام إلى التحالفات العسكرية وبالتالي لا تلعب أي دور في الحروب. وأصبحت أوكرانيا دولة غير منحازة في عهد الرئيس فيكتور يانوكوفيتش في 2010. ورحّب بوروشنكو الذي يفترض أن يوقع النص، بالتصويت في تغريدة على "تويتر" قائلاً: "أخيراً صححنا هذا الخطأ"، مضيفاً أن "التكامل الأوروبي والأوروبي-الأطلسي طريق لا بديل منه لأوكرانيا". وكان بوروشنكو أكّد ضرورة تبني هذا النص بسبب "العدوان" العسكري الروسي على أوكرانيا. وقالت ملاحظة كتبت على مشروع القانون إنه في مواجهة "الضم غير الشرعي" من موسكو لشبه جزيرة القرم الأوكرانية و"التدخل العسكري" الروسي في شرق أوكرانيا، على الدولة "البحث عن ضمانات أكثر فاعلية لأمن وسلامة وسيادة أراضي" البلاد. وتعليقاً على هذا القرار، قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في تصريحات بثها التلفزيون الحكومي الروسي، إن هذا القانون "سيؤدي إلى نتائج عكسية". وأكد لافروف أنه "يجب وقف تأجيج أجواء المواجهة"، مؤكداً أنه "سيكون من الأجدى لأوكرانيا أن تبدأ أخيراً حواراً مع قسم من شعبها تم تجاهله بالكامل" في الشرق الموالي لروسيا. من جهته، قال رئيس الوزراء ديمتري مدفيديف إن "التقدم بطلب لعضوية الحلف الأطلسي سيحوّل أوكرانيا إلى خصم عسكري محتمل لروسيا". وحذر من أن تخلي أوكرانيا عن الحياد والقرار الذي وقعه الرئيس الأميركي باراك أوباما الجمعة بفرض عقوبات جديدة على روسيا "سيكون لهما انعكاسات سلبية للغاية". وكتب على صفحته في "فايسبوك": "سيتعين على بلادنا الرد على ذلك".