يتحدث وزير الاتصالات وتقنية المعلومات المهندس محمد جميل ملا في تصريح ساخن بمؤتمر صحافي قبيل أيام عن انعدام النية - وهي عماد العمل - لدى وزارته في تقديم خدمات للاتصالات بالمجان، مضيفاً بأنه ليس في أجندته البهرجة التي لا يوجد لها مبرر ولا يدرس بوزارته تقديم خدمات بالمجان، لأن ما يقدم مجاناً يُساء استخدامه عادة، وفي قوله السابق سخونة مرتفعة قليلاً ولم نكن بحاجة لمثل هذا النفي القاطع بل كان له أن يضع مفردات مطاطية من تلك التي اعتدنا عليها من وزن «نحن تفكيرنا متواصل»، ومن عيار «وفق خططنا المستقبلية»، وعلى هيئة «رنين التطوير المتقطع» لأنها ستكون بمثابة «البنادول» الذي نعالج به صداعنا النصفي حين يداهمنا بين وقت وآخر نظير عالمية خدمة الاتصالات المتوافرة حالياً. أعرف أن لغة التصريحات لعبة ممتعة لا يجيدها إلا قلة وهم ذوو الخبرة الناتجة من كثرة الظهور، وهي بمثابة الهروب الديبلوماسي السريع من أسئلة منتشرة أو فوضى حاصلة، ومع ذلك لا بد أن نكون صرحاء في التعاطي مع الواقع والكشف عن القفزات التي تتلاءم مع المكان وأهله دون الاتجاه للتبرير عن حالات التثاؤب ونيابة عن الخوض مباشرة في تكسير الشوك بالأيدي الحالمة تحت بند أنه يساء استخدام كل ما يندرج تحت خدمة اتصال، وكأني بكلامه أشاهد الجميع من حولي غارقاً في مسلسلات مكسيكية دافئة، أو مغامرات عاطفية قاتلة عبر أسلاك الاتصالات السلكية واللاسلكية ولن أفترض سوءاً أكبر، ولو سلمنا بشيء من العبث المراهق إلا انه لا يعني أن نلغي مجرد التفكير أو نستبعد حتى مجرد النية في لمحة تطويرية ولو على صعيد مؤسسات الحكومة أو جامعاتها الصاعدة. أذهب مع سياق الحديث لخدمة الاتصالات الأقل حظاً «الانترنت» لأطالب «وزيرنا الخلوق» نيابة عن كل المستخدمين الجيدين والسيئين بأن يدرس جدياً - دون أن يتهمه أحد بالبهرجة - تحسين مستوى الخدمة وتوسعتها وتخطي سرعة السلحفاة قبل القفز السريع الذي لا نحلم به قريباً تجاه الخدمة المجانية، ثم ليشرح لنا ما العلاقة الرابطة بين أن تكون خدمة «الانترنت» مجاناً على سبيل المثال وإساءة استخدامه؟ الواقع والعقل يقولان إن من يرد أن يسيء استخدام الخدمة فلن يثنيه عرض مجاني أو أوراق مفوترة. لا نريد - وبالنيابة عن المستهلكين مرة ثانية - مجانية الاتصالات ولكن نأمل بشيء من الأسعار المعقولة التي تتساوى مع المعروض، أو أن تعود المبالغ الحالية إلى الوراء كثيراً لتتساوى مع ما يقدم حتى لا يصعب أو يستحيل أن تكون الخدمة في متناول الأيدي، ولكي لا نحتاج، كما جرت العادة، إلى الاستعانة بآلة حاسبة لصف الأرقام بسهولة، وللذكرى فهي تفيد سأعترف بأننا لم نحلم يوماً ماضياً بمجانية خدمة اتصالات ولكن لا يزال الحلم مباحاً ومشروعاً نحو أحقية العثور على الخدمة وبمبلغ معقول مقارنة بالغير، نسيت أن أقول أخيراً إن الحالة الوحيدة الاستثناء، التي يحسب فيها كل ما ورد في الأسطر الماضية لاغياً، هي أن الوزير لا يستخدم الاتصالات مطلقاً وهنا نمد له العذر. [email protected]