يقدم الناقد الأردني فخري صالح في كتابه «شعرية التفاصيل: أثر ريتسوس في الشعر العربي المعاصر - دراسة ومختارات» الصادر عن الدار العربية للعلوم - ناشرون (بيروت) ومنشورات الاختلاف (الجزائر)، دراسة عن الشاعر اليوناني ريتسوس، ويلقي ضوءاً على الأثر الذي تركته ترجمة شعر ريتسوس في الشعراء العرب الجدد، بدءاً من مترجمه سعدي يوسف وانتهاء بعدد من الشعراء الجدد الذين تبدى تأثير ريتسوس في شعرهم. وقد خلق تياراً شعرياً جديداً في الشعر العربي الراهن، هو تيار القصيدة اليومية أو قصيدة التفاصيل. وبعد التقديم الذي يعرّف بحضور ريتسوس العربي وبشعره وبمختلف ترجماته، والذي يشتمل على عرض سريع لنشأته في ظروف عائلية مأسوية، أودت بحياة أمه وأخيه بمرض السل، وأوصلت اباه وأخته الى الجنون، ومعاناته هو نفسه من مرض السل لسنوات طويلة، يقسّم الباحث كتابه الى شقين، يقدم في الشق الأول، البحث المتعلق بتأثير الشاعر اليوناني في الشعر العربي المعاصر، منذ نهاية السبعينات، خصوصاً بعد أن ترجم سعدي يوسف أول المتأثرين به، قصائد له التي قال فيها: «انها قصيدة الظاهرة اليومية المتشربة بميثولوجيا معادة التركيب». «ثمة في شعر ريتسوس غياب للنبرة الذاتية وسيادة للنبرة الحيادية حيث يكون الحدث، او الآخرون أو الأشياء أبطال المشهد الشعري، كما ان القصيدة الريتسوسية تتمتع بغزو عالم السرد وبناء حكاية من المشهد الشعري الذي تصفه. من هذا المنطلق يكون سعدي يوسف أكثر المقتربين منه بخاصة في مجموعته الشعرية «يوميات الجنوب يوميات الجنون»، بحسب ما يقول الباحث الذي يضع مقارنات أخرى لتأثير الشاعر اليوناني في قصائد الشاعر عباس بيضون، خصوصاً في ديوانه «تقدم الألم» وفي قصيدة «الأيدي»، وفي قصائد الشاعر أمجد ناصر، الذي يبلغ ذروته في ديوان «وصول الغرباء»، وفي شعر نوري الجراح خصوصاً في قصيدة «السائق»، وفي ديوان «شمس في خزانة» للشاعرة لينا الطيبي، وفي قصيدة «فجأة، عميقاً عارماً» للشاعر وليد خازندار. يتضمن الشق الثاني من الكتاب مجموعة من القصائد القصيرة المترجمة للشاعر اليوناني الكبير الذي يتزايد حضوره في الساحة الثقافية العربية، وهذه المختارات توفر تعريفاً فعلياً بعالم ريتسوس الشعري، وبقصائده الملحمية الطويلة وقصائده القصيرة...». ومنها «خضوع»: «فتحت النافذة. طيّر الهواء/ جديلتها بقوة، مثل طيرين كبيرين،/ فوق كتفها. أغلقت النافذة/. حطّ الطيران على الطاولة ونظرا اليها. خفضت/ رأسها بينهما وبكت بهدوء». وما تجدر الإشارة اليه ان صالح نقل قصائد ريتسوس عن الترجمة الانكليزية وليس عن اليونانية.