تمكن زوار بعض الحدائق الدمشقية في الفترة الأخيرة من الاستمتاع يوم الجمعة الذي يُصادف عطلة نهاية الأسبوع، بسماع موسيقى حية من دون أن يضطروا لتغيير مكان نزهاتهم البسيطة. وذلك بفضل مشروع «موسيقى على الطريق» الذي تقيمه جمعية «صدى» بتعاون وتمويل من محافظة دمشق. وعلى رغم تأخر المشروع إلى نهاية احتفالية «دمشق عاصمة ثقافية 2008»، إلا أنه استطاع إقامة 52 عرضاً موسيقياً، بجهود حوالى أربعمئة عازف سوري، ينتمون إلى 17 فرقة موسيقية. أربع حدائق هي تشرين والمنشية ودمشق والجاحظ، أتاحت للسوريين العابرين والمهتمين بالموسيقى، أن يُتابعوا أهم الفرق السورية، بالصدفة ومن دون عناء الذهاب الى المسارح أو صالات العرض. فهدف «موسيقى على الطريق» الذهاب إلى الناس حيث يجلسون، ليتطور اهتمامهم بالموسيقى لاحقاً، بطريقة تضمن التعريف بالموسيقى الكلاسيكية لأوركسترا طلاب المعهد العالي، وأوركسترا «أطفال شمس»، والتخت النسائي السوري، وغيرها من الفرق الكلاسيكية، إضافة إلى فرق الكورال، وبعض الفرق الأخرى مثل «جسور للتراث السوري»، و«وجوه للتخت الشرقي»، و«تشيلي باند للموسيقى اللاتينية»، و«خماسي شام النحاسي»، وفرقة عمر حمود وأماديس دنكلز لموسيقى الجاز. وتقيم محافظة دمشق على هامش التظاهرة فعالية «ليالي الشام» كمشروع آخر خاص بها، يتضمن عروضاً شعبية وتراثية، وتأمل المحافظة تمديد التعاون بينها وبين جمعية صدى حتى نهاية عام 2010. ويرى رئيس الجمعية بشار العظمة أن الهدف هو تحويل الأماكن العامة إلى مراكز ثقافية ممتعة، فاستمرار نجاح المشروع مرتبط بإقبال الناس وبقائهم للاستماع. وشارك الفنان دريد لحام أوركسترا الجيش العربي السوري بقيادة الرائد محمد المحمد، أول من أمس، بأغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي أهداها كهدية رمزية إلى «غزة الصامدة والقدس مدينة الملائكة وجنوب لبنان المقدس» كما قال. والأغنية التي غناها جوزيف عازار سابقاً، وألفها لحناً وكلاماً إيلي شويري عرفت بصوت لحام، وطلبت منه في أكثر من مناسبة لأدائها. ويقول الفنان السوري ل «الحياة»: «من دون شك «موسيقى على الطريق» حدث هام جداً، لأن ما نستمع إليه موسيقياً في العادة عبر الإذاعة أو التلفزيون أو التسجيلات، لا يغني عن الاستماع الحي للموسيقى حيث يكون التفاعل أكبر، وتصبح النزهة في يوم العطلة أكثر فائدة». وقدمت الفرقة قطعاً موسيقية عسكرية نادرة، إضافة إلى أخرى من التراث وهي: «مارش الرفيق القديم»، و«مارش من أوبرا عايدة»، و«آه يا زين»، و«مارش بردى»، و«سويت» لمجموعة الأغاني الشعبية الروسية والعربية، و«راديتسكي مارش»، و«صف العسكر». الجمهور جلس على الأرض الى جانب الفنان دريد لحام وزوجته، وشارك فرقة هي جزء من ذاكرة الشعب السوري ولعبت دوراً في الحياة الاجتماعية والسياسية والانقلابات في سورية، وغابت لتعود منذ أعوام. فكان المشهد أشبه بحفلة عائلية حميمة في إحدى دور دمشق القديمة. قطعت «موسيقى على الطريق» إلى اليوم جزئين من ثلاثة أجزاء في مشروعها بحسب ما قال العازف ومدير الحدث شربل أصفهان. فكانت البداية مع 12 فرقة، ولا بد من الوقوع في أخطاء يتم تداركها مع الوقت في سعي إلى تطوير الفكرة الأولى للنشاط، إضافة إلى محاولة إيجاد تعريف صحيح بأهم الموسيقيين المنتمين إلى المعهد العالي للموسيقى. فهل تحاول باقي المحافظات السورية الاستفادة من نجاح التجربة؟