بطريقة مثيرة للاستغراب ظهر علينا سليمان الدويش في جريدة الوطن، بمقال طويل مؤطراً بصورته، يسبقه حوار قصير أجراه معه رئيس تحرير الصحيفة، الذي بالأمس شنّ الدويش هجوماً قاسياً وسوقياً عليه بعنوان: «إخسأ يا جمال». ما حواه مقال الدويش من هجوم شنّه على القاعدة، لم يتعد، كلاماً انشائياً، ولا يزيد عما يكتبه عادة هؤلاء «المتسطحون» في العلم، الذين يدبجون مقالاتهم بآيات وأحاديث، ونظم بارد أكل عليه الزمن وشرب، ليقولوا بديهيات مألوفة يعرفها رجل الشارع الأمي، مثلاً: أن قتل النفس حرام، وأن تكفير المسلمين لا يجوز، و أن الإرهاب أساء للمشاريع الإسلامية الخيرية، فهل في هذا جديد؟ وهل هذا هو وقت مناسب لمثل هذا الكلام؟ إن من يرى صورة الدويش في هذا التوقيت على صدر الصفحة الأولى لا شك أنه سيتوقع: إما اعتذار للرجل الذي شتمه بالامس، أو تراجع عن إنكاره لمسألة خلافية كما في مسألة الاختلاط في جامعة الملك عبدالله. الدويش الذي عرف بمواقفه المتشددة، ومهاجمته لمشاريع التطوير والتنمية، مثل تطوير المناهج، ومعارض الكتب الدولية، ومهاجمته للكتاب والمتنورين، والتحريض على عدائهم، بطريقة سوقية استفزازية، ويرد على المختلفين معه بمفردات لا تليق برجل شارع، فكيف برجل يضع قبل اسمه الداعية الإسلامي! يقول في حديثه: «إن القاعدة قد شوهت صورتنا في الخارج»، وينسى أنه أشد من يشجع في منتديات المتشددين حملات التشنيع والتكفير، فيهاجم دعاة احترام حقوق الإنسان، والمرأة، و يرى أن ما يقضي هو به، في مسائل مثل: كشف وجه المرأة والاختلاط على سبيل المثال هو الحق، ولو اختلف في هذا القول مع المذاهب الأخرى، ويرى وجوب الانكار على الناس حتى ولو في مسائل خلافية. المقال والحوار القصير معه، لا يشير إلى أي تغير أو تراجع في مواقفه، فإذا كان يريد أن يتراجع عن إثارته لغبار الجهل والتجهيل في معرض إدانته لمشروع تنموي علمي، فيجب أن يقولها صراحة ومن دون مواربة. وإلا فإنه يبدو قد تذكر أن عليه أن يستنكر فعل «القاعدة»، والهجوم على الأمير محمد بن نايف! وكأنها مراجعات لم ينته منها سوى اليوم، وهذه مصيبة أخرى! هل كان وراء خروج الدويش في «الوطن» بعد شتيمة خاشقجي هدف آخر، أم انه حقاً خرج بالأمس فقط ليدين «القاعدة» بعد كل هذه السنوات؟ إذا كان هذا هو هدفه، فحري بنا أن نقول له (صح النوم يا شيخ)! [email protected]