أكد أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أن قمة الدوحة « تؤسس للتكامل بين الدول الخليجية»، داعياً إلى «ألا نسرع في تحويل الخلاف في الاجتهادات السياسية وفي تقدير الموقف السياسي التي قد تنشأ حتى بين القادة، إلى خلافات تمس قطاعات اجتماعية واقتصادية وإعلامية وغيرها»، وطالب بتجاوز الخلافات والتوجه إلى «الاتحاد الخليجي ومنه إلى الاتحاد العربي»، وانتقد ضعف التحرك الدولي تجاه سورية، وقال إن «الدول الكبرى تعمل بلغة المصالح ولا تصغي إلى المناشدات الأخلاقية». وقال الشيخ تميم في كلمته الافتتاحية للقمة الخليجية ال35 التي استضافتها الدوحة أمس» «نجتمع في ظل ظروف دولية وإقليمية بالغة التعقيد والدقة تفرض علينا مسؤوليات جساماً، وتضعنا أمام تحدي العمل على قدر هذه المسؤوليات، وسبيلنا في ذلك وحدة الصف والهدف، وبذل مزيد من الجهود للنهوض بعملنا المشترك والارتقاء به إلى مستوى الطموح ، وبما يحقق آمال شعوبنا وتطلعاتها في الأمن والازدهار». وأضاف أن بلاده تأمل أن تكون القمة» انطلاقة جديدة في العلاقات الخليجية، فإن دولة قطر سوف تكون كعهدها مساهماً فعالاً في تعميق هذه العلاقات وتعزيز التعاون والتكامل في جميع المجالات التي تعود بالخير على دولنا وشعوبنا، ويدفعنا السياق السياسي والاقتصادي العالمي بتحولاته السياسية والاقتصادية العميقة التي تتسم بانعدام اليقين، وما يحمله من مخاطر إلى تعزيز آليات تكاملنا الاقتصادي والتنموي وغيرها من المجالات». وشدد على أن «مبادرة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز إلى الانتقال لمرحلة الاتحاد الخليجي وسيظل هدفاً سامياً، ومنه إلى الاتحاد العربي، غير أن الإيمان بهذا الهدف والإصرار على تحقيقه يتطلبان منا أن ندرك أن خير سبيل لتحويله إلى واقع هو التحرك بخطوات تدريجية قائمة على تكامل المصالح الاقتصادية والعلاقات الاجتماعية والثقافية بين شعوبنا، ولكنها واثقة وتؤدي في النهاية إلى تحقيق أهدافنا ومصالحنا المشتركة»، مضيفاً:» فإذا لم تستمر آليات التعاون والتعاضد ومؤسساتهما بالعمل في مراحل الاختلاف بالرأي، فهذا يعني أننا لم ننجح في إرساء أسس متينة لهذه المنظمة بعد، وإذا لم تكن علاقات شعوبنا الأخوية مفروغاً منها حتى في مراحل الأزمات، فهذا يعني أن يبقى مجلس التعاون جسماً فوقياً. ثمة بداهات في علاقات دول مجلس التعاون وشعوبه يجب ألا تكون موضع تساؤل في أي وقت». وتطرق إلى التحديات التي تواجه مجلس التعاون، فقال: «لا يجوز لنا أن ننشغل بخلافات جانبية حول التفاصيل، ولقد آن الأوان أن يحدّد مجلس التعاون دوره وموقعه في الخارطة السياسية للإقليم بناء على مكانة دولِه الاستراتيجية ومقدراتها ومصالحها المشتركة. فالدول الكبرى لا تنتظر، ولا تصغي للمناشدات الأخلاقية، وهي كما يبدو تتعامل بلغة المصالح فقط، ومع من يثبت قوته على الأرض في الإقليم». وانتقد ما تمارسه إسرائيل من «إرهاب وعدوان في الأراضي الفلسطينية» وذلك عبر «النشاطات الاستيطانية والاعتداء على حرمة المسجد الأقصى المبارك وإجراءات تغيير هوية القدس الشريف وتدنيس مقدساته ، وممارساتها العدائية المنافية لأبسط الأعراف الدولية. وهي تضع المجتمع الدولي والعربي أمام مسؤولية كبرى». وأشار إلى أنه يتعيّن على العالمين العربي والإسلامي»اتخاذ وقفة جادة وقوية للدفاع عن مقدسات الأمة، ولا سيما في القدس، والذود عنها وتقديم العون اللازم لدعم جهود الشعب الفلسطيني في مواجهة الاعتداءات الإسرائيلية»، لافتاً إلى إن استمرار المجتمع الدولي في الوقوف متفرّجاً وصامتاً إزاء الممارسات الإسرائيلية غير المشروعة يعد «جريمة كبرى بحق الإنسانية». وفي الشأن السوري، قال أمير قطر إن «الأزمة الإنسانية تزداد مأسوية بالنسبة إلى هذا الشعب المنكوب. ومن أهم أسباب تفاقمها غياب رؤية واضحة لدى القوى المؤثرة في المجتمع الدولي لحل هذه الأزمة، وإصابة النظام الدولي بعُطْب حقيقي هو ازدواجية معايير الشرعية الدولية»، مؤكداً أن «مجلس الأمن فشل فشلاً ذريعاً في حماية المدنيين من جرائم الحرب والإبادة الجماعية، في مقابل إصرار النظام السوري على رفض الحل السياسي واعتماد الحل العسكري الشامل». وأكد أن بلاده تدعو إلى «الحل السياسي الذي يحقن الدماء السورية ويلبي مطالب الشعب السوري في التغيير والأمن والاستقرار، عبر توفير الضمانات الكافية التي تكفل حقوق هذا الشعب وتحقيق مطالبه العادلة والتمسّك بوحدة سورية أرضاً وشعباً، كما نؤكد أننا مع حق الشعب السوري في الدفاع عن نفسه ما دام الحل السياسي غير متوافر، وما دامت القوى العظمى تهمّش قضية هذا الشعب في مقابل مصالحها الأخرى». وأضاف: «من هنا فإننا ندعو المجتمع الدولي مجدّداً إلى التوافق الدولي والإقليمي، ونلحّ على أن يتخذ مجلس الأمن القرار اللازم لوقف أعمال القتل والجرائم ضد الإنسانية التي يرتكبها النظام، وتحقيق الحل السياسي الذي يلبي تطلعات الشعب السوري». وأوضح الشيخ تميم أن «الأوضاع الراهنة في العديد من الدول العربية، في ليبيا واليمن والعراق، تفرض ضرورة تضافر الجهود الإقليمية والدولية من أجل مساعدة تلك الدول على تجاوز الظروف الراهنة». وأشار إلى أن «ظاهرة الإرهاب التي يشهدها عالمنا المعاصر، ومنطقتنا العربية على نحو خاص، وما تشكّله من تحدٍّ خطير للأمن والاستقرار والتنمية، تستدعي منا ومن المجتمع الدولي بشكل عام، تكثيف الجهد الجماعي واتخاذ التدابير اللازمة كافة لمواجهتها واستئصال جذورها وعلاج أسبابها الحقيقية السياسية والاجتماعية والاقتصادية». وأضاف: «لا مجال أمامنا إلا مواجهة الإرهاب، ولكن لا بد أن تبذل جهود لتجنيب المجتمعات العربية آفة التطرف والإرهاب بالوقاية قبل العلاج، فالشباب الذين ينجذبون إليه لا يولدون متطرفين، ولا الإرهاب صفة تميز ديناً بعينه أو حضارة بعينها. والوقاية تكون بمعالجة الأسباب المتمثلة بنقص المناعة، وبتقليل احتمالات انتشار العدوى، قبل استفحال المرض». وعن أمن منطقة الخليج العربي قال: «رحبنا باتفاق 5+1 بشأن الملف النووي الإيراني، ونؤكد موقفنا الثابت من ضرورة التوصل إلى حل الخلافات بالطرق السلمية وجعل منطقة الشرق الأوسط خالية من أسلحة الدمار الشامل، كما نؤكد على ضرورة الحفاظ على علاقات التعاون وحسن الجوار مع الدول الشقيقة والصديقة التي تقع خارج منظومتنا». وشدد أمير قطر في ختام كلمته على ضرورة التنسيق الخليجي في القضايا كافة، وقال: «عهدنا أن نتحرك كرجل واحد، إعمالاً لقول الله عز وجل (واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا)، وأن نكون جميعاً كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضاً».