تبنت السياسة السعودية على مستوياتها كافة مبدأ «تقنين التفاهم الودي»، وجعله مبدأ لعلاقاتها مع دول الخليج، وهو ما عبّر عنه صراحة الملك خالد بن عبدالعزيز – يرحمه الله – لدى مشاركته في الاجتماع التأسيسي لمجلس التعاون في العاصمة الإماراتية أبوظبي في 25 أيار (مايو) 1981، بقوله: «نسير على مبدأ تقنين التفاهم الودي، وجعله عملاً منظماً لمعاملات المنطقة بيسر ومحبة، لترجمة رغبة شعوبها وأهلها التي عاشت على الأخوة والوئام». وقال بعد وصوله أبوظبي – بحسب وكالة الأنباء السعودية -: «إننا نتطلع إلى أن يكون هذا التجمع خيراً للأمة الإسلامية»، مؤكداً أنه تجمع «يعمل لخير المنطقة ولا يهدف من قريب أو بعيد بطريق مباشر أو غير مباشر للإضرار بأحد، فهو ليس تكتلاً عسكرياً ضد أي فريق، وليس محوراً سياسياً ضد أية قوى». ووصف في حديث صحافي في مايو 1981 قمة مجلس التعاون الخليجي التأسيسية بأنها «حدث تاريخي طالما انتظرته طويلاً أجيال منطقة الخليج وشبه الجزيرة»، مجدداً «التأكيد على أن لقاء أبوظبي ليس موجهاً ضد أحد، وهو لتنظيم حال أسرة واحدة يكون تحركها تحركاً موحداً». وشدد رحمه الله على أن الهدف «خير أمتنا وخدمة عقيدتنا الإسلامية، وهي عقيدة بها كل الخير للبشرية، وبها العدل، وأي تفسير خارج هذا الإطار هو تفسير خاطئ الغاية منه التشويش وهو موضوع لم يعد يؤثر فينا»، مضيفاً: «قررنا بمشيئة الله مع إخواننا في الخليج أن نترجم الرغبات إلى نظم نسير عليها لصالح منطقتنا وحماية خيراتها ولتوحيد كلمتنا». كما اضطلع خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز، - يرحمه الله - بدور مهم في هذا المجال لما قدمه من عطاء ورعاية للمجلس منذ نشأته ثم انطلاقته، إذ وقف في الدورتين الأولى والثانية يشد من عضد الملك خالد، ثم حمل المسؤولية انطلاقاً من الدورة الثالثة التي عقدت في المنامة في تشرين الثاني (نوفمبر) 1982. ومنذ ذلك التاريخ تمكن الملك فهد، من دعم السير بالمجلس نحو القمة متجاوزاً كل الصعوبات التي تقف في طريقه، ساعياً مع قادة دول المجلس إلى بلوغ الهدف المنشود. ... الحسم في مواجهة أزمات المنطقة من بين أبرز الأدلة التي تبرهن على حرص السعودية على وحدة دول الخليج وصمودها والعبور بها إلى بر الأمان، الموقف الرائد الذي وقفه خادم الحرمين الشريفين الملك فهد، تجاه غزو النظام العراقي السابق للكويت العضو في المجلس. فمنذ اليوم الأول للغزو قامت السعودية بإجراء سلسلة من الاتصالات والمشاورات الواسعة مع مختلف الأطراف العربية والإسلامية، أملاً بإيجاد حل عربي إسلامي للقضية يجنبها أي تدخل أجنبي، ويتيح المجال للتوصل إلى حل ينهي المشكلة والآثار المترتبة عليها، لكن نظام الحكم في العراق رفض الاستجابة لنداء العقل. وهنا نهض خادم الحرمين الشريفين الملك فهد، بمسؤولياته الثقيلة بكل قوة واقتدار، واتخذ القرار المناسب في الوقت المناسب في التاسع من آب (أغسطس) 1990، والذي كان بمثابة نقطة تحول جذرية في الموقف برمته، إذ أعلن في كلمة استعرض خلالها الأحداث المؤسفة قراراً حاسماً بالاستعانة بقوات أجنبية لمساندة القوات المسلحة السعودية في أداء واجبها الدفاعي عن الوطن والمواطنين ضد أي اعتداء. وقال في هذا السياق: «إن القضية واضحة تماماً، فالأزمة الخطيرة في الخليج التي تنذر بانفجار رهيب في المنطقة لها سبب واحد وهو العدوان العراقي على أرض الكويت وسيادته واستقلاله ومقدراته، وإذا كان سبب الأزمة واضح تماماً فإن إنهاء الأزمة واضح تماماً أيضاً وهو إزالة السبب، ويتمثل ذلك في الانسحاب العراقي من الكويت بلا شروط، وعودة الشرعية إلى هذا البلد العربي المسلم الشقيق».