شددت شركات أمنية متخصصة في حماية المجمعات السكنية المنتشرة بالمنطقة الشرقية، إجراءات الحراسة بالتزامن مع دخول كانون الأول (ديسمبر)، إثر حادثة استهداف المقيم الدنماركي بالرياض، التي أعلن تنظيم «داعش» تبنيه لها، في إصدار مرئي بعنوان: «أول الغيث». وشهد العقدان الماضيان عمليات إرهابية متفرقة استهدفت أجانب مقيمين بالسعودية، كانت ذروتها منتصف العقد الماضي حين شهدت الرياضوالخبر عمليات إرهابية نفذتها خلايا تابعة لتنظيم «القاعدة» الإرهابي، استهدفت مجمعات سكنية يقطنها أجانب. أسفرت عن مقتل العشرات، وأبرزها العملية المزدوجة التي استهدفت مجمعي أشبيلية والحمراء بالرياض 2004، وكذلك مجمع الصانع بالخبر في العام الآتي. وصدرت قبل أسابيع أحكام ضد بعض منفذي هذه العمليات، تضمن بعضها «القتل تعزيراً». فيما أكدت مصادر أمنية أن «وتيرة الإجراءات الأمنية على المجمعات في نسقها الطبيعي، ولا يتم رفعها إلا في حال ورود معلومات أو تحذيرات». فيما اكتفى مساعد المتحدث باسم وزارة الداخلية العقيد عمر الزلال، بالقول ل «الحياة»: «إن حماية المجمعات السكنية مسؤولية مديرية الأمن العام والشرط في المناطق». فيما نفى مشرف على مجمعات سكنية في مدينتي الخبروالجبيل، أن تكون زيادة الحراسة على علاقة بممارسة طقوس دينية في أعياد الميلاد، «وإنما لحماية سكان المجمعات»، لافتاً إلى أن «الإرهابيين كثيراً ما يستهدفون إحداث شغب في المناسبات». وكشف مشرف على مجمع سكني ل«الحياة»، عن «تكثيف الإجراءات الأمنية خلال الفترة الأخيرة. إلا أنه مجدداً تم وضع اشتراطات عند الدخول والخروج لسكان المجمعات، لاسيما لزائريهم، إذ يشترط إحضار الهوية أو الإثبات الرسمي، مع ضرورة معرفة صلة القرابة بين الزائر والمقيم داخل المجمع». وأضاف المشرف (فضل عدم ذكر اسمه): «نكثف الحراسات الأمنية خلال كانون الأول (ديسمبر) من كل عام. لأن بعض النفوس الضعيفة والضالين من الإرهابيين يستهدفون تلك المناسبات»، مؤكداً أن إدارته «تمنع إحياء ليالي أعياد الميلاد وليلة رأس السنة الميلادية في المجمعات السكنية، إلا أن الحراسات تكون مضاعفة». وذكر أنه تم «عقد اجتماع مع شركات متخصصة في الحراسات. وقمنا بتزويدهم بمطالباتنا، تزامناً مع إطلاق التنظيم الإرهابي «داعش» ما يسمى ب «أول الغيث». وأردف أن «هذه الإجراءات ليست تخوفاً من الإرهابيين، فنحن على ثقة تامة في الإجراءات الأمنية بالمملكة، وحرصها على سلامة المواطن والمقيم، إلا أن الحذر واجب». وذكر أنه «يجب على من يدخل المجمعات السكنية التعريف بنفسه، وهناك كاميرات على بوابات المجمعات، لرصد الداخل والخارج، وتوفير الأجواء الآمنة إلى السكان، تحسباً لأي ظروف طارئة». فيما أوضح فيصل بادوواد المسؤول في قسم المتابعة والتفتيش في أحد المجمعات السكنية في الخبر، ل «الحياة»، أن «توفير الأمن والحماية هدف رئيس لإدارة المجمعات»، لافتاً إلى أن «شركات الحماية الأمنية تقوم بالتنسيق مع أصحاب المجمعات بتوفير خطط أمنية، ومع بدء دخول كانون الأول (ديسمبر) وتحديداً خلال الفترة من 20 إلى 31 من الشهر ذاته، تتم مضاعفة الحماية الأمنية، ليس لحماية الشعائر الدينية للمسحيين، كما يعتقد البعض، وإنما لإجهاض خطط الإرهابيين، الذين ربما يقومون بأعمال إرهابية في هذه المناسبات». يذكر أن تغريدات ظهرت في موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، لأصحاب معرفات مشهورين بكونهم «دواعش»، تضمنت ما يشير إلى ضرورة «محاربة النصارى في بلاد الإسلام». وكتب أحدهم: «لابد من إخراج المسحيين من دول الإسلام». فيما كتب آخر: «حملة أول الغيث ستكون انطلاقة أولى وسنكمل الطريق». وعلق مغردون على العبارات «الداعشية» مؤكدين ضرورة «محاربة هذه الفئة». وكتب أحدهم في تعليقه: «الرسول عليه الصلاة والسلام لم يقتل يهودياً ولا نصرانياً، فكيف تعيثون في الأرض فساداً وتدمرون وتحرقون وتستهدفون الأبرياء». الهدلاء: الإرهابيون يقتلون الأجانب لأهداف سياسية وليست دينية دعا باحث أمني إلى أخذ تهديدات التنظيمات الإرهابية، سواءً من «داعش» أم غيره، باستهداف الأجانب على محمل الجد، لافتاً إلى أن هذه التنظيمات تضع هذه الأهداف على رأس هرم أولوياتها لإحراج المملكة مع دول العالم. إلا أنه أكد أن استهداف الأجانب «ليس لأهداف دينية، بل سياسية بحتة». وأكد الباحث في الشؤون الأمنية والقضايا الفكرية ومكافحة الإرهاب والأمن الإلكتروني الدكتور محمد الهدلاء، أن استهداف المجمعات السكنية «هدف رئيس للتنظيمات الإرهابية». وقال في تصريح إلى «الحياة»: «ترتفع حمى هذا الاستهداف في المناسبات الدينية»، لافتاً إلى أن الإرهابيين سواءً من «داعش» أم غيرها من تنظيمات الإرهاب، يحاولون من خلال هذه العمليات «الرجوع إلى الشارع السعودي، وإيضاح الصورة بأن هدفهم الأجانب والغرب، وقتل كل من لا يمت للدين الإسلامي بصلة، علماً بأن أهدافهم سياسية، ولا تتعلق في الدين». وأضاف الهدلاء: «عندما يقوم الإرهابيون بقتل مقيم دانمركي أو الاعتداء عليه، أو غيره من الجنسيات الغربية، يحاولون تنظيف صورتهم أمام الشارع السعودي». وطالب الأجهزة الأمنية بضرورة «أخذ ما أعلنه «داعش» عن حملة «أول الغيث»، بعين الاعتبار، فهم يحاولون استعادة ثقة الشارع السعودي بهم، على رغم أن الجهود الأمنية والوحدة الوطنية فاقت أية اعتبارات يسعى إليها الإرهابيون». وأوضح الباحث الهدلاء أن «المناسبات الدينية واستهداف الأجانب غير المسلمين فيها، هدف يبدو أنه رئيس، ليس لأنهم غير مسلمين، وإنما لتخريب علاقة المملكة مع الدول الأخرى»، مضيفاً: «إن أهداف الإرهابيين ليست دينية، وإنما سياسية، وهذا لا بد من توعية المجتمع السعودي به، فهدف الإرهابيين هو زعزعة العلاقات بين المملكة والدول الأخرى، وبالتالي تتأثر علاقاتها الخارجية، وفكرهم بعيد كل البعد عن قتل غير المسلمين». الإرهاب ضد الأجانب: بدأ في 1995 ونشط بعد 2003 وعاد خجولاً في 2014 بدأت العمليات الإرهابية التي استهدفت الأجانب في السعودية منتصف تسعينات القرن الميلادي الماضي، من خلال تفجيرات في مدينتي الرياضوالخبر، غير أن وتيرة هذه العمليات تسارعت في 2003، خلال سلسلة من الهجمات التي استهدفت مجمعات سكنية يقطنها أجانب، إضافة إلى عمليات استهداف فردية، وتواصلت هذه العمليات حتى 2007، وكادت تختفي طوال الأعوام التي تلتها، بفعل الضربات الأمنية القاسية التي وجهتها الأجهزة الأمنية السعودية لخلايا تنظيم «القاعدة». إلا أن 2014 سجل عودة محدودة لهذه العمليات. في ما يأتي رصد لأبرز هذه العمليات: - تشرين الثاني (نوفمبر) 1995: انفجار سيارة من نوع «ميتسوبيشي» مفخخة في الرياض أمام مبنى مكاتب البعثة العسكرية الأميركية القريب من منشآت الحرس الوطني السعودي، نتج منه مقتل خمسة أميركيين وهنديين، وأصيب نحو 60 شخصاً بجروح. - حزيران (يونيو) 1996: وقع انفجار ضخم بالقرب من مجمع سكني، يقطنه أميركيون يعملون مع سلاح الطيران في مدينة الظهران، وأدى إلى مقتل 19 أميركياً وسعودياً، وجرح 372 شخصاً. - أيار (مايو) 2003: استهدفت ثلاث سيارات مفخخة ثلاثة مجمعات سكنية، يقطنها غربيون وعرب، في الرياض، قتل فيها 20 شخصاً، ونجم عنها 194 إصابة. - حزيران (يونيو) 2003: توفي أميركي أصيب بجروح خطرة، إثر إطلاق الرصاص عليه خلال وجوده في قاعدة بحرية. إذ كان يعمل في قاعدة الملك عبدالعزيز في الجبيل. - تشرين الثاني (نوفمبر) 2003: تم تفجير مجمع المحيا السكني، الذي يسكنه غالبية من المواطنين العرب والمسلمين. وكانت حصيلة الهجوم 12 قتيلاً، و122 مصاباً. - أيار (مايو) 2004: اقتحم مسلحون مواقع صناعية في مدينة ينبع، وقتل خمسة أشخاص (أسترالي وأميركيان وبريطانيان)، إضافة إلى رجل أمن سعودي، وإصابة 14 من زملائه. - أيار (مايو) 2004: مجموعة مسلحة تقتحم مجمع الواحة السكني في مدينة الخبر، واحتجاز 45 رهينة، وقتل العشرات من ساكنيه، قبل أن تتمكن قوات الأمن السعودي من اقتحام المبنى، بعد 48 ساعة، وتحرير الرهائن. - أيار (مايو) 2005: مقتل المصور الصحافي الأيرلندي سايمون كامبرز، وإصابة زميله الصحافي البريطاني فرانك غاردنر، اللذين يعملان لحساب هيئة الإذاعة البريطانية في حي السويدي بالرياض. وقتل روبرت جايكوب أميركي الجنسية، ويعمل في شركة فينيل، بعد إطلاق الرصاص عليه في منزله بحي الخليج شرق الرياض. كما وقعت حادثة أخرى مماثلة بعدها بأيام، إذ تم إطلاق رصاص من مسلحين على الأميركي كينيث سكروز، الذي يعمل في شركة «الإلكترونيات المتقدمة»، على باب منزله في حي الملز بالرياض، ما أدى إلى مقتله على الفور. كما تم العثور في استراحة بحي المونسية بالرياض على دلائل تشير إلى مقتل الرهينة الأميركي بول مارشال جونسون، الذي يعمل في شركة «الإلكترونيات المتقدمة»، والذي اختطفه الإرهابيون، إذ نفذوا تهديدهم بقتله، بعد رفض السلطات السعودية الإفراج عن زملائهم المعتقلين. - آب (أغسطس) 2004: مقتل المقيم الأيرلندي توني كستوفر، الذي يعمل مهندساً في شركة «أركي» للمقاولات في حي الروضة بالرياض. - أيلول (سبتمبر) 2004: مقتل المهندس البريطاني أدمون ستيوارت سميث، الذي يعمل في شركة «ماركوني» للاتصالات، داخل موقف للسيارات بمركز ماكس التجاري في حي النسيم بالرياض. وبعدها بنحو عشرة أيام قتل الموظف الفرنسي في شركة «طومسون» لورائيل راسيل، برصاص مجهولين في سيارته بحي الزهراء بجدة. - أيار (مايو) 2006: تعرضت القنصلية الأميركية في جدة إلى إطلاق نار من مسلح، قبل أن تتمكن سلطات الأمن من إلقاء القبض عليه، بعد أن أصابته. - شباط (فبراير) 2007: مقتل ثلاثة فرنسيين بهجوم مسلح شمال المدينةالمنورة. - كانون الثاني (يناير) 2004: إطلاق نار على ديبلوماسيين ألمانيين في بلدة العوامية (محافظة القطيف). تشرين أول (أكتوبر) 2004: إطلاق النار على سيارة تقل أميركيين يعملان في شركة دفاعية، تتولى تدريب وحدات من الحرس الوطني السعودي أدت إلى مقتل أحدهما. - تشرين الثاني (نوفمبر) 2004: إطلاق النار على مقيم دانمركي بالرياض في محاولة لاغتياله.