عاد الشاعر والروائي والوزير الراحل غازي القصيبي مساء الثلثاء الماضي إلى الواجهة مجدداً، التي لم يغادرها يوماً، من خلال الندوة التي ينظمها كرسي غازي القصيبي للدراسات التنموية والثقافة بجامعة اليمامة، وافتتحها أمير منطقة الرياض تركي بن عبدالله بن عبدالعزيز. عاد القصيبي في حفلة افتتاح الندوة التي عنوانها: «غازي القصيبي.. الشخصية والإنجازات»، روائياً وشاعراً وأديباً وسياسياً ووزيراً وإنساناً وصديقاً وزميل دراسة وعمل، إذ تحدثت أسماء قريبة منه، عن محطات جمعتهم به، بدا للحضور أنهم في كل مرة يكونون «في ضيافة القصيبي» يتعرفون على شيء جديد عنه، وكأنما هو مستودع للأسرار والمعارف والخبرات لم تنتهِ بوفاته، وكأنما لا تزال هنالك ملامح وجوانب لم يُمَطْ عنها اللثام بعدُ، وتحتاج إلى ندوات وإلى دراسات وأبحاث؛ لتحيط إحاطة شاملة بصاحب «شقة الحرية». وفي حفلة الافتتاح التي حضرها عدد كبير من الأدباء والإعلاميين والمسؤولين، ثمن المشرف الأكاديمي على الكرسي الذي يحمل اسم الراحل الدكتور معجب الزهراني في كلمته، الرعاية الكريمة لأمير منطقة الرياض للندوة، مشيراً إلى أن غازي القصيبي رمز للفكر المستنير والإبداع الشعري والكتابات السردية الحرة، ورمز للتنمية. وأوضح الزهراني أن الكرسي سيعمل جاهداً في استكمال جميع إنجازات الراحل حتى يظهر جميع جهوده، لافتًا إلى أن هذه الندوة هي وفاء لصاحب «حياة في الإدارة». وقال إن الكرسي بصدد تنظيم ندوة بعنوان: «رهانات التنمية تحديات الثقافة» خلال الفترة المقبلة. في حين استذكر الدكتور محمد الرميحي إنجازات الراحل غازي القصيبي، الذي وصفه بالجاد الهازل، المتواضع المثقف الوطني. وتطرق الرميحي إلى تاريخ لقائه بغازي القصيبي، من خلال تقديم مسرحية في المنامة في المرحلة الابتدائية ومزاملته له، مستشهداً بأبرز المواقف التي جمعت بينه وبين الأديب الراحل. وفي ختام كلمته عبر شكره للجامعة على وفائها لغازي القصيبي بتنظيم هذه الندوة. وأصغى الحضور إلى قصيدة بديعة قرأتها الشاعرة سعدية مفرح، لاقت الإعجاب. وفي حفلة الافتتاح استعرض المهندس عبدالعزيز الزامل والأمين العام لمجلس الوزراء عبدالرحمن السدحان والدكتور عبدالواحد الحميد ومحمد رضا نصرالله والدكتورة نورة الشملان مشاهدات ومواقف مع الراحل. واستعرض المهندس الزامل الجوانب الإدارية لغازي القصيبي، إذ وصفه بالأديب المحنك، مشيراً إلى مزاملته في الدراسة الجامعية في الولاياتالمتحدة الأميركية، ومزاملته له إبان عمله وزيراً لوزارة الصناعة والكهرباء. وقال الزامل إن الراحل كان يتميز بوضوح الرؤية والنزاهة وتحقيق النتائج التي يستفيد منها المواطن، مضيفاً أن الراحل كان «يركز على الخطط والمبادئ الأساسية ويترك التنفيذ لمرؤسيه، كما كان العمل معه مبنياً على الاحترام والتقدير»، مؤكداً أنه تعلم الكثير منه. وسلط السدحان الضوء على إنجازات القصيبي داخل الوطن وخارجه، واصفًا إياه بأنه فيلسوف التنمية، مشيراً إلى تميزه في الشعر والأدب وإلى أنه «منظومة إنسان طاهر السريرة تميز بعذوبة اللسان وسحر القلم، واقترنت حياته بالتفوق منذ نشأته، مروراً بدراسته وانتهاء بإنجازاته في عمله». واقترح السدحان على الكرسي تنظيم جائزة باسم الراحل ذات شقين، أولاهما للشعر وثانيها للنقد. في حين قال الحميد إن الراحل كان يدهشه بشخصيته العبقرية الفذة، وتحدث عن إنجازاته في وزارة العمل، التي تمثل واحدة من محطات إنجازاته الإدارية، مؤكداً أن القصيبي رجح المصالح العامة على المصالح الضيقة، وأن نظرة الراحل لوزارة العمل هو أنها السبيل لتوظيف السعوديين، مستعرضاً الصعوبات الإدارية التي استطاع تجاوزها بحنكة إدارية، وهو ما أسهم في خفض نسبة البطالة في المملكة وزيادة نسبة السعودة. وتوقفت الشملان عند مآثر الراحل وما أبدعه من مؤلفات فذة باقية في المكتبة العربية، شاهدة على إنجازاته الأدبية والإدارية، مقدمة مقتطفات من ديوانه «حديقة الغروب»، ثم استمع الحضور إلى قصيدة ألقتها الشاعرة هند المطيري. وفي الختام كرم مدير الجامعة الدكتور حسين الفريحي المشاركين في الندوة. واختتم حفلة الافتتاح بلوحة فنية من كلمات غازي القصيبي عدها حسين مليس. يذكر أن الفعاليات العلمية التي تستمر يومين، بدأت صباح أمس في فندق مداريم كراون، وتضمنت خمس جلسات تغطي اثنتان منها محور الفكر في كتابات غازي القصيبي وواحدة للكتابة السردية، والجلستان الأخيرتان عن كتاباته الشعرية المتنوعة من ناحية الأشكال والمواضيع. أما فعاليات اليوم (الخميس) فستكون في مقر جامعة اليمامة، وتتضمن أربع جلسات تتناول الإنتاج الروائي الغني لغازي القصيبي. يذكر أن كرسي غازي القصيبي للدراسات التنموية والثقافية أنشئ بعد موافقة وزارة التعليم العالي، ويهدف إلى إضافة بنية معرفية جادة إلى المنظومات القائمة حالياً بالجامعة وتطويرها بانتظام، ودعم ثقافة البحث الرصين والفكر الخلاق داخل الجامعة وخارجها، والمساهمة في إثراء الحقل الثقافي الوطني والخليجي بالأعمال المعرفية المتخصصة، وتقديم استشارات ثقافية للجهات المعنية حكومية كانت أو أهلية.