صدمةٌ أوجعت المُعارضين، قبل المُؤيدين، تلك التي انكشفت عنها الحلقة الأولى من سلسلة «رئيس ونساء»، المُخصّصة للبثّ عبر الإنترنيت، من تأليف وسيناريو وحوار وإخراج فؤاد حميرة، وإنتاج فتحي بيوض، وجريدة «زمان الوصل» الإلكترونية السورية. تلك الحلقة التي جاءت بعنوان «كيف وصل إلى كرسي»، محاولةً النيل من الرئيس بشار الأسد، والتهكّم على شخصه، والسخرية من طريقة وصوله الحكم، انتهاءً بالتعليق على الحرب الدائرة اليوم على أرض سورية، بأنها «ما خلصت»!... وعلى رغم أن فؤاد حميرة، نفسه، تحدّث عبر قناة «أورينت»، في لقاء سبق عرض الحلقة الأولى، عن ضرورة التمييز بين الدراما المُخصّصة للتلفزيون، والدراما المُخصّصة للبثّ عبر الإنترنيت، والتقاط الفروق بين هذه وتلك، في محاولة للإشارة إلى أنه هو شخصياً يُدرك هذه الفوارق، إلا أن مشاهدة الحلقة الأولى من سلسلته، أثبتت أنها لا تنتمي إلى الدراما التلفزيونية، ولا إلى هزليات الإنترنت. وعلى رغم أن مدّة الحلقة لم تتجاوز 9 دقائق، إلا أنها كانت كافية لتبديد الأوهام كلّها، التي اعتقدها المؤلف والمخرج، القادم من كتابة السيناريو في الدراما التلفزيونية السورية العتيدة. فلا الاشتغال على التناقض ما بين صوت التعليق والصورة المرئية، أو على التناقض ما بين الحوار المنطوق والكتابة المقروءة على الشاشة، أفاد في شيء، وبقيت الحلقة تائهة تماماً بين الجدّ والهزل، الكوميديا و «المسخرة»، السخرية والخفّة التي لا تُطاق. زاد مأساة هذا العمل، الظهور المُستغرب للفنانة مي سكاف، الذي لا يليق بتاريخها السينمائي (صهيل الجهات)، ولا بحضورها المسرحي أو التلفزيوني. ولعل المُشاهد لن يستطيع تفسير ظهور سكاف، في مشهد أول، تقول: «أنا أرملة الآن... وهذه هويتي»، وسيتساءل: ترى ممّن تسخر؟ كما لن يمكنه تقبل ظهورها في مشهد ثانٍ، وهي تغنّي بطريقة أوبرالية: «بكرا الصبح... بدي إياه رجّال». ناهيك عن ظهور ثالث في مشهد وهي ترقص، بما لا تقبله عين، ولا يرضاه عقل، ولا يطيقه فنّ مهما كان هزلياً! منذ المشهد الأول، الذي شاءه المؤلف المخرج محاكاةً لمشهد تذكره كتب التاريخ الإسلامي، بصدد الخليفة الأموي عبدالملك بن مروان، لحظة جاءه خبر وفاة أبيه مروان بن الحكم، ينبئ مسلسل «رئيس ونساء» (إن صحّت التسمية) بأنه يفتقد توازنه، ويضيّع بوصلته، ولن تنفعه الحركات ذات الدلالة المُقززة، مثل دسّ الإصبع في الأنف، أو في الأذن، بالانتهاء إلى أيّ معنى كوميدي، أو نقد لاذع، أو محاكاة تهكّمية. وحتى محاولات تحطيم الحدود بين الواقعي والهزلي، والتمثيلي والوثائقي، والدلالي والمباشر، وانتهاء بظهور المؤلف وكاتب السيناريو والحوار والمخرج فؤاد حميرة، شخصياً، في اللقطة الأخيرة، ليقول: «ما خلصت»، لم تستطع النجاة بهذه المحاولة من سقوطها وفشلها الذريع، الذي عبّر عنه المُترجم السوري صخر حاج حسين، عندما طالب حميرة وسكاف بالاعتذار العلني، وحذف العمل، ل «تفاهته»، ولأنه «لا يليق بالثورة السورية»!