على رغم أن المملكة تعد من الدول النامية وتشهد نمواً سكانياً كبيراً يتطلب حاجات مالية متزايدة لتغطية تكاليف التنمية البشرية والتجهيزات الأساسية وبناء القدرات الذاتية، فقد اهتمت بالغ الاهتمام بمساعدة الدول الأخرى الأكثر حاجة، وبما يتجاوز بمراحل النسب الدولية المنشودة، وقد أكد التقرير الصادر عن مكتب الأممالمتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية أن المملكة العربية السعودية تصدرت دول العالم في مجال التبرعات لتمويل عمليات الإغاثة الإنسانية عام 2008. لقد ساهمت المملكة بمبلغ بليون دولار في صندوق مكافحة الفقر في العالم الإسلامي، إضافة إلى مساهمتها في رؤوس أموال 18 مؤسسة وهيئة مالية دولية، وتجاوز ما قدمته المملكة العربية السعودية من مساعدات غير مستردة وقروض ميسرة خلال العقود الثلاثة الماضية 100 بليون دولار، استفاد منها 95 دولة نامية، ويمثل هذا المبلغ 4 في المئة من إجمالي الناتج الوطني للمملكة وهي نسبة أعلى بكثير من النسبة المستهدفة من الأممالمتحدة، وانطلاقاً من اهتمام خادم الحرمين الشريفين بنشر التعليم على أوسع نطاق في الدول النامية، فقد أعلنت السعودية عن تخصيص 500 مليون دولار لمشاريع التعليم في الدول النامية. أما في مجال الإعفاء من الديون، فقد سبق للمملكة أن تنازلت عما يزيد على 6 بلايين دولار أميركي من ديونها المستحقة على الدول الفقيرة، كما ساهمت بكامل حصتها في صندوق مبادرة تخفيف الديون لدى صندوق النقد الدولي، وتدعو المملكة مجدداً الدول الصناعية المتقدمة للوفاء بما هو مطلوب منها سواء في مجال نسب المساعدات المباشرة أو في مجال فتح أسواقها أمام صادرات الدول النامية دون قيود غير مبررة. إن القضايا الملحة التي يواجهها العالم في مواضيع التغير المناخي والأمن الغذائي وارتفاع أسعار السلع الأساسية تتطلب تعاون المجتمع الدولي بكل مكوناته في سبيل إيجاد حلول عادلة تأخذ مصالح الجميع في الاعتبار، وتستند إلى مبدأ المسؤولية المشتركة والمتباينة بين الدول المتقدمة والنامية والمنصوص عليها في الاتفاقية الدولية للتغير المناخي، فليس من العدالة أن نحمل البعض أعباء تفوق قدراته، في حين نتساهل مع آخرين أكثر إسهاماً في تنامي المشكلة وأكثر قدرة على تحمل أعباء الحلول.