يسعى لبنان الى عكس صورة تنوعه وتواصله الدائم مع العالم مجدداً من خلال استضافته دورة الألعاب الفرنكوفونية السادسة التي يفتتحها اليوم الرئيس ميشال سليمان والأمين العام للمنظمة الفرنكوفونية عبدو ضيوف، في حضور حشد من المسؤولين والقادة والوزراء يتجاوز عددهم 30 وزيراً، ويتقدمهم رئيس الحكومة الفرنسية فرنسوا فيون، والأمير البير دو موناكو. وسيعقد بعضهم محادثات مع نظرائهم اللبنانيين. ويترأس فيون وفداً يضم وزراء ونواباً وشيوخاً يمثلون المجموعات السياسية كلها في مجلس النواب الفرنسي. إنها «قمة فرنكوفونية رياضية - ثقافية» تجمع أكثر من 3 آلاف مشارك من 42 بلداً، يتنافسون ضمن 7 أنشطة رياضية و7 ثقافية وفنية. وتبلغ موازنتها 12 مليون يورو، تدفعها مناصفة الدولة اللبنانية ومنظمة الفرنكوفونية. وحصل لبنان خلال الأشهر الأخيرة على مساعدات ومنح أسهمت في إنجاز ورشة تأهيل ملاعب ومرافق وتزويدها التجهيزات المطلوبة. وعلى غرار الدورات الكبرى، تتخطى المناسبة بعدها التنافسي الصرف الى التأثير ايجاباً على الحركة الاقتصادية والسياحية للبنان، علماً أن أنشطة متنوعة عدة وعروضاً ومهرجانات وندوات تدور في فلك الحدث في مختلف المناطق، ومنها ما ستحتضنه «قرية الشركاء في الفرنكوفونية» وسط بيروت، وتشمل يومياتها عقد مؤتمرات في النهار وتنظيم حفلات في الليل، فضلاً عن برنامج «نادي فرنسا» الذي سيفتح أبوابه في المعهد العالي للأعمال. وتصادف الدورة الفرنكوفونية احتفال بيروت باختيارها «مدينة عالمية للكتاب» هذه السنة، وهو ما يعزز الطابع الثقافي والحضاري للمدينة، ولا سيما أن الألعاب تنظّم تحت شعار «التنوع والتضامن والتميّز». واختصر ضيوف الشعار بأنه «يعني المشاركة الحقيقية بين الشمال والجنوب. وهي حافز صريح كي يدرك الشباب الطريق نحو المستقبل»، ولا سيما أن أكثر من 50 مليون مشاهد سيتابعون الأنشطة والمنافسات من خلال النقل التلفزيوني المباشر. والألعاب التي تنطلق في لبنان، على رغم العثرات الأمنية والسياسية التي يعيشها هذا البلد، تعتبر بالنسبة الى كثر متنفساً، خصوصاً أنه سعى الى نيل شرف الاستضافة منذ عام 1997، وحقق هدفه خلال مؤتمر وزراء الشباب والرياضة الفرنكوفون الذي عقد في بيروت في 15 آذار (مارس) 2003، وبعد منافسة نهائية «محتدمة» جمعته مع رومانيا، لكن التطورات السياسية «فرملت» مرات زخم الاستعداد والتحضير وعدلت فيهما. واليوم هو محطة استثنائية في برنامج الدورة، إذ إن حفلة الافتتاح في مدينة كميل شمعون الرياضية ستحمل نحو 50 دقيقة من العاطفة والتواصل من لبنان إلى العالم. وبحسب ما قال مخرج الحفلة الفرنسي دانيال شاربانتييه ل «الحياة» إن «الحفلة هي عيد الفرنكوفونية التي يحتضن لبنان دولها مُظْهِراً لها غناه وكنوزه»، وهي إرث يجسّد حضارة لبنان وتنوعه وتعدديته، وهو ما سيرسخ في ذهن العالم بالدرجة الأولى»، كما توضح رئيسة لجنة الافتتاح نورا جنبلاط. ويجسّد العرض الفني الذي سيقام على مساحة 18 ألف متر مربع عابقة بالأضواء، بعد المراسم البروتوكولية ودخول الوفود، «قصة الذهاب والعودة»، رحلة في التاريخ عبر المناطق اللبنانية ومعالمها الخالدة وإشعاعها على العالم منذ عهد الفينيقيين، يحييه حوالى 1200 شخص، ونخبة من الفنانين، ويمزج في فقراته مقتطفات من أعمال أسماء كبيرة، وتصاميم أزياء مشعة منها تصميم إيلي صعب ثوب «اليسار ملكة قرطاج... وأوروبا». وستتجه الأنظار نحو النجمة اللبنانية ماجدة الرومي والفنان السنغالي يوسو ندور. وستؤدي الرومي أغنتيها الشهيرة «يا بيروت»، وتنشد مع ندور أغنية الدورة «نحن أصدقاء العالم» بالعربية والفرنسية، وهي اقتباس بتصرّف من مسرحية سعيد عقل الشعرية «قدموس». وتختتم الأمسية بحفلة غنائية لندور. ولعلّ الجانب الأبرز في فقرات العرض ومراسم الافتتاح عموماً دور الشباب اللبناني الذين جعلهم المخرج شاربانتييه العنصر الرئيسي، حتى إن «المغامر» مكسيم شعيا «قاهر» قمة إيفيرست والقطبين الشمالي والجنوبي، يوجّه إليهم رسالة فور دخوله أرض الملعب حاملاً علم الفرنكوفونية، مؤكداً أنهم الطاقة والقدرة الخلاقة والأمل المتجدد. وهذا ما تهدف إليه الألعاب الفرنكوفونية منذ إطلاقها فكرة عام 1987، وبلورتها ميدانياً في النسخة الأولى عام 1989 في المغرب.