لا مفر من ظهور تجاعيد تقدم العمر على الإنسان، إذ لا تنفع الكريمات ومستحضرات التجميل في إخفائها! أما المؤسسات والشركات والإدارات، وما في حكمها، فبالإمكان منع ظهور التجاعيد فيها بتجديد دماء المنتسبين إليها، سواء بمتابعة المستجدات وتجديد التأهيل، وإدخال دماء شابة وتبديل دوري للرؤساء والقيادة بحسب نظام اختيار الأفضل بالانتخاب أو التزكية الصحيحة السليمة، وأي تراخٍ في ذلك يؤدي حتماً لظهور تجاعيد الزمن في وجه هذه المؤسسة أو تلك، ما يشوه الوجه الحضاري المشرق للمؤسسات العريقة، ويتسبب في ترهلها وانفلات الزمام، ففي صالة المغادرة تم إتباع نظام طابور الدخول الوحيد لكل الرحلات الدولية بدلاً من الطوابير بحسب كل وجهة للرحلات الدولية، فيصل امتداد الطابور الزقزاق «المتعرج» إلى مسافة بعيدة، ولكل الرحلات، للهند والقاهرة وإندونيسيا وماليزيا... إلخ، وعلى رغم اختلاف مواعيد الإقلاع فالكل يدخل هذا الطابور، وفي الجهة الأخرى نرى في الكاونترات موظفين فقط، وأحياناً يضطر أحدهما إلى التحرك لمباشرة أمور أخرى، ويأتي المُشرف ويحاول إيقاف سيل المتسللين عبر حواجز الطابور الموحد، أو عبر فتحة الخروج، وتطوعت أنا ومعي آخر للقيام بمنع المتسللين من فتحة الخروج، ولاحظ المُشرف محاولاتنا مد يد المساعدة، على رغم عناد المتسللين وعدم تقدير تطوعنا، بل استنكروا علينا التطوع! بقولهم من كلفك بذلك؟ فقلت لهم المُشرف، وأشرت إليه، فأومأ المُشرف بالإيجاب، وكلف أحد موظفي الكاونترات بالوقوف معي لدرء الاشتباك مع أحد المتسللين! واستطعنا ضبط منع التسلل، وقد أظهر موظف الكاونتر تبرمه من التكليف قائلاً: هذا مو شُغلي؟ فقلت وأنا مجرد متطوع، لأجل حفظ الدور، ولكن الطابور أبطأ مما يمكن تصوره، وذهبت للمشرف أستحثه وهو واقف على الكاونتر يحاول التعامل مع الجمهور المتوتر بسبب احتمال ضياع الرحلة لنفاد الوقت، وحاول التصرف بأن طلب من ركاب رحلة جاكرتا الخروج من الطابور إياه، والذهاب إلى أقصى كاونتر على اليسار 51، إذ انكشف أنه للقاهرة! ومع الدربكة الحاصلة وارتفاع الأصوات قال: أهذا جزائي إني ساعدتكم؟ فقلنا أين نذهب إذاً؟ فتفضل موظف كاونتر52 و53 بإنقاذ الموقف، وقاما بإنهاء إجراءات إصدار البوردنج كارد، وإلا كادت الرحله تفوتنا، وقد فاتتنا رحلة سابقة، ولكن ليست إلى إحدى تلك البلدان ولكن إلى أميركا، على رغم أن الطابور هنا هو الطابور الوحيد المخصص لوجهة واحدة وليس فيه رحلات لوجهات أخرى، وبسبب بطء الطابور، على رغم أنه وحيد وخاص بالولايات المتحده الأميركية، فقد تم قفل الرحلة قبل بلوغنا لدورنا بالطابور وأقلعت الطائرة بدوننا، وعلمنا من المطلعين على الأمور أن الطائره أقلعت «فل» أى مملوءة كاملاٌ!! وذلك بسبب التسلل عبر الواسطة وما شابهها، وتقدمت حينها بشكوى للمدير العام ولم أستطع الوصول إليه، وتم استلام المعروض عن طريق السكرتارية ولكن من دون رقم معاملة، كما هو المتبع في مثل هذه الحالات، وبرر السكرتير عدم وجود نظام رقم المعاملة بأن وصول المعروض إلى المديرالعام مضمون، طالما استلمته منك! ولكن وعلى رغم إنقضاء سنة على ذلك، لم أتلق أي رد! وبقيت الصورة تتكرر كما هي، بل أشد قسوة وفي طابور الرحلات المتعددة،كما أسلفنا. هذه صورة بسيطة من صور خطوط تجاعيد الزمن والترهل، ولابد من التدخل على أعلى مستوى لإنقاذ هذه المؤسسة العريقة مما هي فيه، والكل يتحدث عنها، وبالأمس القريب ظلت معوقة مع الطفل المرافق حبيسة الطائرة لأربع ساعات ما بين فيينا وميونيخ، لأن الموظف المسؤول عن ذوي الاحتياجات الخاصه نسيها! وظل مستقبلوها في خوف عليها لوصول عفشها بدونها، واضطر الكابتن للعودة بها من ميونيخ لفيينا بعد أن نجح أحد معارف مستقبليها في الاتصال البرقي بالطيار، بعد فشل الاتصال بالنت والهاتف لأنه لا أحد يرد، ولولا أن المُبرق أحد العاملين بالخطوط هناك لما أمكن إرسال البرقية بطريقة مباشرة إلى الطيار، ولا يمكن الاعتماد أبداً على الصدف أو الواسطات أو غيرهما من الوسائل غير المُقررة. الخطوط من أكثر المؤسسات إطلاعاً على المستجدات في عالم الطيران، وكذلك الطيران المدني وبإمكانهما تحسين الأداء بشكل أرقى وأحسن وعلى أعلى المستويات، فقط نحتاج إلى إعداد المنتسبين إليهما الإعداد اللازم وتكثيف عددهم وزيادة عدد المشرفين الأكفاء. ولابد من إعادة برمجة الطوابير، كما هو المتبع في أميركا وإنكلترا، بحيث يقوم الناقل الوطني ذو الرحلات المتعددة الوجهات بتوجيه طوابير متعددة بحسب الوجهة مباشرةً فور الدخول لصالة المغادرة مع تحديد الموظفين المباشرين لكل رحلة وعددهم، وبجيث لا يتحركون أو ينتقلون حتى الانتهاء من عمل البوردنج كارد لجميع الركاب في الوقت المناسب وبلا دربكة ولا واسطة ولا تسلل ولا ضياع رحلة أحد المسافرين. هذا الوجه الحضاري العريق لهذه المؤسسة العريقة يجب، وبالإمكان إزالة خطوط التجاعيد والترهل عنها، وذلك بالتخلص من الثغرات الكثيرة المتفشية، وطرق التغلب عليها ليست بالأمر الصعب! وكل ما نحتاجه هو التصميم والأخذ بالأسباب، وإبقاء الصلة بين الطرفين «الناقل والمسافر» بحيث لا تنقطع همزة الوصل بينهما! وبحيث يستطيع المسافر إيصال ملاحظاته إلى المسؤولين فيها بطريقة رسمية صحيحة في عصر الحاسب الآلي، وبرقم المعاملة حتى يتمكن من المتابعة، كما هو حاصل في الإمارة، إذ تستطيع متابعة معاملتك وشكواك أو تظلمك عبر الحاسب الآلي، فلماذا تُستثنى الخطوط نفسها عن هذا النظام؟ ولو تم هذا فسوف تختفي كل الثغرات وتستقيم الأمور... فهل نحن فاعلون؟ [email protected]