صوت مجلس النواب الأميركي لمصلحة رفع سقف الدين، من دون فرض أية شروط، وأحال مشروع القانون على مجلس الشيوخ الذي يفترض أن يصادق عليه قبل 23 الجاري. وحصل مشروع القانون على موافقة 221 نائباً في مقابل معارضة 201، ومرر بأصوات الديموقراطيين، إذ انه لم يحصل إلا على 28 صوتاً جمهورياً، وفق وكالة «يو بي آي». وتصافح رئيس مجلس النواب الجمهوري جون باينرر، مع رئيسة الأقلية في المجلس الديموقراطية نانسي بيلوسي، بعد انتهاء التصويت. ورحب البيت الأبيض بتمرير مجلس النواب مشروع القانون، ورأى في الأمر خطوة إيجابية، وأكد ان الاقتصاد الأميركي يمضي قدماً لكن ثمة أموراً كثيرة لا بد من القيام بها. وذكّر ان بإمكان الكونغرس أن يبدأ برفع الحد الأدنى للأجور حتى لا يعيش أي شخص يعمل بدوام كامل، وعائلته في الفقر، ويمكنه أن يعيد ضمانات البطالة الطارئة ل1.7 مليون أميركي يبحثون يومياً عن العمل ويحتاجون إلى ما يعيلون به عائلاتهم، إلى جانب اتخاذ خطوات إضافية لتعزيز الاقتصاد واستعادة الفرص لكل الأميركيين. وفي هذا الاتجاه، أعلنت رئيسة الاحتياط الفيديرالي جانيت يلين خلال حديث خاص قبيل جلسة الاستماع التي عقدتها لجنة الشؤون المالية في الكونغرس، أن سياسة الحوافز النقدية التي اتبعها المصرف المركزي كانت ستصل الى نهايتها عاجلاً ام آجلاً، معتبرة انه لا يمكن شراء سندات الى ما لا نهاية، وأن هذه السياسة هي احدى الأدوات التي اثبتت فاعليتها، والتي يجب الحفاظ عليها لاستخدامها في ازمات مستقبلية. وعلى رغم ان اعلان «المركزي» الأميركي خفضه شراء السندات من 85 الى 65 بليون دولار شهرياً يعني حكماً اهتزاز ثقة المستثمرين في الأسواق المالية، الا ان تمسكه بخفضه قيمة الحوافز عكس ثقته في تحسن الاقتصاد الأميركي وفي نمو نسبة الناتج المحلي السنوي المتوقع ان تتراوح بين 2.9 و3.5 في المئة للعام الحالي. ثقة المركزي هذه انعكست ايجاباً على الأسواق المالية وساهمت في رفع سعر الدولار امام العملات العالمية. الثقة الأميركية في الاقتصاد تنبع من اعتقاد سائد بأن سياسات التقشف الحكومية التي قضت بزيادات ضريبية وخفوض في الإنفاق عام 2013، ادت الى تقلص النمو بنسبة 1 الى 1.5 في المئة، وفق تقارير «مكتب موازنة الكونغرس». هذه السياسات لن تتكرر هذا العام، وتالياً ستسمح للاقتصاد بالنمو من دون عوائق حكومية. ومن يدقق في الانعكاسات السلبية للخفوض الحكومية، قد يرى الصورة الاقتصادية الأميركية في شكل أكثر إيجابية. على سبيل المثال، يرى الموظف في البيت الأبيض جايسون فورمان، في معرض تعليقه على بيانات الوظائف الصادرة عن وزارة العمل الأسبوع الماضي، ان عدد الوظائف الجديدة في كانون الثاني الماضي بلغ 142 الفاً في القطاع الخاص، فيما انخفضت الوظائف الحكومية بواقع 29 الفاً. ويقول فورمان، في مطالعة مكتوبة، ان عدد الوظائف التي أوجدها القطاع الأميركي الخاص على مدى الأشهر الإثني عشر الماضية بلغ 2.3 مليون، اي بمعدل 191 الف وظيفة في الشهر. ويعتقد خبراء اميركيون ان الاقتصاد الأميركي بحاجة لخلق 180 ألف وظيفة شهرياً على الأقل كمؤشر الى نمو جيد يستوعب العاطلين من العمل كما المنضمين الجدد للقوة العاملة. وهكذا، بافتراض ان الحكومات الفيديرالية والمحلية لم تقلص وظائفها، وأن القطاع الخاص خلق 191 ألفاً في الشهر، ستبدو صورة الاقتصاد الأميركي زهرية اكثر مما تشي به الأرقام المتداولة. ويعتقد كبير الباحثين الاقتصاديين في معهد «بروكنغز» دونالد كون، ان نسبة البطالة التي تشير الى عودة الاقتصاد الى سابق عهده هي 5.5 في المئة. ويقول كون في شهادة امام الكونغرس ان نسبة البطالة التي بلغت 6.6 في المئة، وفق وزارة العمل، تنخفض بسرعة، وعلى الاحتياط الفيديرالي الإعلان عن سياسة جديدة لتبرير استمرار خفضه الفائدة الى نسب تقارب الصفر في المئة. وكان المصرف المركزي الأميركي اعلن في الماضي ان هدف سياسة التيسير النقدي التي اعتمدها ترتبط بخفض نسبة البطالة الى 6 في المئة، ما حدا بيلين الى القول بما يشبه التباهي، ان سياسات «المركزي» لدعم الاقتصاد والتي بدأت مع نهاية عام 2012، ادت الى خفض في نسبة البطالة من 8.5 الى 6.6 في المئة. «الأخبار الزهرية» للاقتصاد الأميركي جاءت على خلفية تصريحات متكررة من السياسيين، وخصوصاً في الحزب الجمهوري، حول عدم رغبتهم في التهديد بعدم رفع سقف الاستدانة البالغ 17 تريليوناً و300 مليون دولار. وكان مجلس الممثلين، الذي تسيطر عليه غالبية جمهورية، رفض قانوناً ينص على رفع سقف الدين الى ما بعد انتخابات الكونغرس المقررة في تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل، لأن القانون تم ربطه بزيادة في تعويضات العسكريين، ما نسفه ودفع رئيس الكونغرس جون باينر الى تقديم مشروع قانون جديد مخصص لرفع سقف الاستدانة حصراً. يذكر ان رفع سقف الاستدانة من دون الوصول الى «حافة الهاوية المالية»، كما في الأزمات الماضية، من شأنه ان يرسل مزيداً من التطمينات للمستثمرين وأسواق المال. كما ان المزاج الأميركي حول الاقتصاد جيد، وعلى رغم بعض العثرات في تقرير من هنا او هناك، الا ان القناعة لدى غالبية المسؤولين والمعنيين تجمع على نمو متوقع هذا العام، وهذه اخبار جيدة لا للولايات المتحدة فقط، وإنما للنمو العالمي الذي توقع صندوق النقد الدولي ان يكون مدفوعاً بالنمو الأميركي، نظراً الى تباطؤ اقتصادات الدول النامية والهزات المالية التي يعاني منها بعض هذه الدول.