تبدأ اليوم في كمبالا جولة جديدة من المفاوضات بين دول حوض النيل لعقد اتفاق إطار لتقسيم مياه النهر، بعدما شهدت الجولات الماضية انقسامات شديدة، بسبب رفض بعض دول حوض النيل استمرار العمل باتفاقات تمنح مصر صلاحية الاعتراض على إنشاء أي سدود. وغادر وزير الري المصري الدكتور محمد نصر الدين علام القاهرة صباح أمس متوجهاً إلى العاصمة الأوغندية في زيارة تستغرق ثلاثة أيام يترأس فيها وفد بلاده في جلسة المفاوضات الأولى للجنة الفنية الاستشارية التي شكلتها دول حوض النيل للتوصل إلى صيغة توافقية بعد تعثر الاتفاق. وقال علام أمس إن «جولة ثانية من المفاوضات ستعقد في العاصمة التنزانية في كانون الأول (ديسمبر) المقبل، فيما تعقد جولة ثالثة في منتجع شرم الشيخ في النصف الثاني من شباط (فبراير) المقبل»، على أن تعرض نتائج الاجتماعات الثلاثة على الاجتماع الوزاري لدول حوض النيل الذي يعقد في شرم الشيخ. وكان الاجتماع الوزاري لدول الحوض الذي عقد في الاسكندرية الشهر الماضي منح اللجان الفنية والقانونية مهلة مدتها ستة شهور للوصول إلى صيغة توافقية لنقاط الخلاف بين دولتي المصب (مصر والسودان) ودول المنبع. وتتمثل هذه الخلافات في ثلاث نقاط أساسية هي الأمن المائي والموافقة المسبقة على مشاريع السدود والحقوق التاريخية في مياه النيل لمصر والسودان. وبدا خلال الأيام الاخيرة أن القاهرة تلقي بكل ثقلها سعياً وراء حلحلة سريعة لخلافاتها مع دول حوض النيل في شأن القضية التي «تشكل خطاً أحمر»، بحسب وصف مسؤولين مصريين، خصوصاً مع مخاوف أثارتها زيارة وزير الخارجية الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان لأثيوبيا وكينيا وتوقيع اتفاقات مع البلدين في مجال استغلال الموارد المائية. ويرى مراقبون أن دول حوض النيل قد تبدي مزيداً من التشدد، مستغلة الورقة الإسرائيلية. ورفضت القاهرة في اجتماع مجلس وزراء الموارد المائية لمجموعة دول حوض النيل الذي عقد في أيار (مايو) الماضي في العاصمة الكونغولية كينشاسا، التوقيع على اتفاق إطار ينظم تقسيم مياه النيل، مشيرة إلى أن صيغته «لا تشير صراحة إلى حقوقها التاريخية في مياه النيل». واعتبرت مصر أن الصيغة المطروحة للاتفاق «تتعارض مع ضرورة التشاور في أي مشاريع مائية يتم تنفيذها في دول الحوض، بما لا يؤثر في المصالح المصرية، وكذا ضرورة الموافقة بالإجماع وليس بالغالبية على أي قرارات تمس حقوق دول الحوض من المياه». ورأت أنه «إذا كانت الموافقة بنظام الغالبية، فلا بد من ضمان صوتي مصر والسودان في هذه الغالبية، باعتبارهما دولتي المصب». وقالت مساعدة وزير الخارجية للشؤون الأفريقية السفيرة منى عمر إن بلادها «قد تبدي مرونة خلال الجولات المقبلة، شرط أن لا يمس الاتفاق حقوقها التاريخية في المياه»، مشيرة إلى أنها ستقوم مطلع شهر المقبل بجولة أفريقية تشمل عدداً من دول حوض النيل «في إطار حرص مصر على تعميق وتوسيع نطاق علاقاتها في شكل مستمر مع الأشقاء الأفارقة، خصوصاً دول حوض النيل». لكن عمر رفضت الربط بين زيارات المسؤولين المصريين إلى دول حوض النيل وجولة وزير الخارجية الإسرائيلي. وأكدت أن سياسة بلادها الخارجية «لا تقوم على رد الفعل لأي حدث آخر، بل هي سياسة ثابتة تقوم على أسس وتوجهات راسخة... ولا مجال للمقارنة بين العلاقات الوثيقة التي تربط مصر ودول حوض النيل وبين علاقات إسرائيل بهذه الدول». وكان وزير الري المصري زار السودان بهدف تنسيق المواقف قبل المفاوضات، فيما يقوم وفد يرأسه وزير الخارجية أحمد أبو الغيط بزيارة عدد من دول حوض النيل. ومن المنتظر أن يزور رئيس الحكومة أحمد نظيف الشهر المقبل إثيوبيا مع وزراء ورجال أعمال مصريين للبحث في «تعظيم الاستفادة» من مياه النهر. وشددت عمر على أن بلادها «تولي اهتماماً كبيراً بإثيوبيا التي يأتي منها 85 في المئة من إيراد مصر من مياه النيل». ونوَّهت بالزيارة «المهمة» التي سيقوم بها نظيف، مشيرة إلى أنها «ستكون بداية لعدد من الزيارات المماثلة لباقي دول حوض النيل». وأشارت إلى اتفاقات مهمة مع رواندا، وهي إحدى دول الحوض، وقعها في القاهرة مطلع الشهر الجاري وزيرا خارجية البلدين «في مجالات الصناعة والزراعة والطاقة والتجارة والاستثمار والنقل والسياحة والثقافة».