أسقط مجلس الشورى «توصية» تشجع القطاع الخاص من تجار وشركات على إنشاء محميات برية بأسمائهم تحت إشراف الهيئة الوطنية لحماية الحياة الفطرية، إذ اعتبر أعضاء المجلس التوصية شكلا من أشكال «تشبيك الأراضي البيضاء»، وستفتح مجالاً ل«الإقطاعيين» للتحايل والاستيلاء على مزيد من الأراضي. وعلى رغم حصول التوصية المقدمة من اللواء حمد الحسون في جلسة الشورى أمس (الثلثاء) على 59 صوتاً مؤيداً، في مقابل 54 رافضين، إلا أنها سقطت لعدم اكتمال النصاب المحدد بموافقة 76 عضواً. واستطاع الأعضاء فهد العنزي وعبدالله الجغيمان وناصر الداود في مداخلاتهم قلب الطاولة، بعد ما أعلن بعضهم اقتناعه بما أورد من حجج، إذ أكد العنزي أن إنشاء محميات للتجار والشركات تمنحهم ميزة على عقار مملوك للدولة باسم منطقة محمية، وأن ذلك يتناقض مع فلسفة نظام «المناطق المحمية» الصادر قبل 20 عاماً. وأضاف: «كما أنها ستصبح متنزهات خاصة لأفراد بعينهم بحجة إقامة محميات، ومن يرغب من التجار في دعم الحياة الفطرية بإمكانه شراء أرض وإقامة محمية عليها». من جهته، قال ناصر الداود إن الناس يشتكون من التضييق عليهم في المتنزهات البرية، ما يضطرهم إلى قطع مسافات معزولة عن الخدمات ليستمتعوا بأجواء الربيع، ويترتب على ذلك حوادث ضياع وموت وانقطاع للاتصال. وبهذه التوصية سيتمكن القادرون من تشبيك مزيد من الأراضي البور. بدوره، اعتبر مقدم التوصية حمد الحسون أن طلبه غريب في مجتمع يعتمد على القطاع العام في جميع أعماله، مضيفاً: «الهيئة تواجه مشكلات عدة، منها الوعي البيئي للمجتمع، وضعف الدعم المالي، وإشراك التجار سيساعد الهيئة». وأيد محمد أبو ساق والدكتور خضر القرشي ما ذهب إليه اللواء الحسون، موضحين أن التوصية لا تنص على التملك وإنما «تهيئة المكان»، مؤكدين أنها لن تمكن التجار والإقطاعيين من «التشبيك» - بحسب أقوال القرشي-. وأقر المجلس توصية للعضو عوض الأسمري طالب فيها بالإسراع في إنشاء شرطة بيئية، نتيجة صعوبة ضبط المخالفين، ولقلة الصلاحيات الممنوحة لأفراد «الحماية الفطرية»، مبيناً أن إنشاء كيان مستقل للشرطة البيئية يخلق فرصاً وظيفية خصوصاً للمبتعثين الذي تولد لدى معظمهم حس بيئي نتيجة مكوثهم في بلدان تطبق أنظمة بيئية صارمة. وأشار إلى أنها ستسهم في رفع سمعة المملكة، خصوصاً وأن الإسلام يحث على حماية البيئة، «إلا أن الواقع عكس ذلك تماماً». وتحدث الأسمري في مبرراته عن بقايا الطعام والنفايات المتطايرة في كل مكان أمام مرأى الجهات الحكومية، من دون أن يحرك أحد ساكناً، مؤكداً أن وجود شرطة بيئية ذات صلاحيات كبيرة يمكِّنها من الحفاظ على البيئة في المملكة، مستشهداً بالوضع السيئ الذي أكدته دراسات في مراكز أبحاث محلية أثبتت أن تلوث الأجواء يتسبب في زيادة أمراض السرطان والأمراض الأخرى المعدية بسبب موقع بعض المصانع، والتي لا تلتزم بمتطلبات السلامة الدولية، وأثرت بشكل مباشر في المياه الجوفية. وفي السياق نفسه، أقر مجلس الشورى توصيات عدة للهيئة السعودية للحياة الفطرية، منها المطالبة بزيادة ابتعاث المتخصصين، وإيجاد الحوافز الكافية لاستقطاب الطيارين للعمل في المراقبة الجوية، والإسراع في تهيئة وتشغيل المرافق اللازمة لتشجيع السياحة الداخلية.