خمسون عاماً مرّت على ما يُعرف ب "اتفاق 10 شباط" (فبراير)، الذي نصّ على وقف اطلاق النار بين الجيش العراقي والقوات الكردية، ومنح الأكراد حكماً ذاتياً في شمال العراق، وأرسى علاقات جامعة بين الأكراد والدولة العراقية عام 1970، بعد انشقاقات كردية وتراجع في المواقف العراقية. وجاء هذا الإتفاق بعد قتال شرس بين الجيش العراقي، في عهد عبدالكريم قاسم، والقوات الكردية بقيادة مصطفى البارازاني نتيجة الإصرار الكردي على نيل الحكم الذاتي، ما أدى الى نشوب حرب بينهما وشن رئيس الحكومة العراقي حملة عسكرية على معاقل البارازاني عام 1961. وأطاح البعثيون قاسم عام 1963، وعيّنوا عبد السلام عارف رئيساً جديداً للجمهورية العراقية. وتضمّن الاتفاق، الذي سمي "اتفاق 10 شباط" (فبراير) بين الدولة العراقية والحركة الكردية، إقرار الحكومة العراقية الحقوق القومية للشعب الكردي وتثبيت هذه الحقوق في الدستور المقبل للبلاد. وتضمّن إطلاق سراح المعتقلين و المحتجزين بسبب حوادث الشمال، و إصدار قانون العفو العام ورفع الحجز عن الأموال المنقولة وغير المنقولة، وإعادة الإدارات المحلية إلى المناطق الشمالية، وإعادة الموظفين والمستخدمين الأكراد إلى وظائفهم، ورفع القيود عن تسويق المواد المعيشية على اختلافها. والشروع في إعمار المنطقة الشمالية فوراً، وتعويض أصحاب الأراضي التي غمرتها المياه. لكن الإتفاق لم يدخل إطار التنفيذ، بسبب تداخلات دولية وانشقاقات داخل الحركة الكردية، وبدأت خلافات جوهرية تظهر بين الزعيم الكردي الملا مصطفى البارزاني ومؤيديه من جهة وإبراهيم أحمد وجلال طالباني من جهة أخرى. إذ انفصل الأخيران عن الحزب الديموقراطي الكردستاني ليشكلا المكتب السياسي للحزب الديموقراطي الكردستاني. وفي عام 1966، شكّلت المجموعة المنشقّة حلفاً مع الحكومة العراقية برئاسة عبد الرحمن عارف، شقيق عبد السلام عارف الذي توفي في حادث تحطم مروحية، كان يستقلها مع بعض وزرائه في 13 نيسان (ابريل) 1963. وشاركت المجموعة المنشقّة في حملة عسكرية ضد الحزب الديموقراطي الكردستاني . عام 1968 زار البارزاني إيران سراً، ما أدى إلى دعم حركته من جانب الشاه محمد رضا بهلوي. وأدى ذلك إلى زيادة القوة القتالية للأكراد، ما أسفر عن خسائر كبيرة في صفوف القوات العراقية. في 11 آذار (مارس) 1970، جرى التوقيع على اتفاق الحكم الذاتي للأكراد بين الحكومة العراقية والزعيم الكردي الملا مصطفى البارزاني، واعترفت الحكومة العراقية بالحقوق القومية للأكراد مع تقديم ضمانات للأكراد بالمشاركة في الحكومة العراقية واستعمال اللغة الكردية في المؤسسات التعليمية، ولكن لم يجر التوصل إلى حل حاسم في شأن قضية كركوك التي بقيت عالقة، بانتظار نتائج إحصاءات لمعرفة نسبة القوميات المختلفة في مدينة كركوك.