استبق رئيس الجمهورية ميشال سليمان استئناف الاتصالات اليوم لإزالة ما تبقى من عقبات أمام إصدار مرسوم تأليف الحكومة الجامعة مع الرئيس تمام سلام، بإعلانه من تونس، حيث ألقى كلمة لبنان في احتفالية إقرار الدستور التونسي، أن «الديموقراطيات لا يمكن ان تحقق كامل مقاصدها من دون الارتضاء بنتائجها ومفاعيلها، خصوصاً على صعيد التداول الدوري للسلطة، ومن دون احترام قرارات هيئاتها الناظمة، بعيداً من أساليب العرقلة والتعطيل». والتقى سلميان في تونس الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند، وبحثا العلاقات الثنائية وآلية تنفيذ الهبة المالية التي أعلن عنها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، والتي ستخصص لتجهيز الجيش اللبناني بالأسلحة والعتاد. وجدد الرئيس الفرنسي «التزام باريس دعم لبنان»، واعداً ب «العمل بالسرعة اللازمة على تزويد الجيش اللبناني بالأسلحة التي يطلبها ضمن الهبة السعودية». كما التقى سليمان رئيس البرلمان الإيراني علي لاريجاني، وبحثا العلاقات الثنائية وسبل تعزيزها، اضافة الى الأوضاع التي تشهدها المنطقة. وشدد لاريجاني على «أهمية الأمن والاستقرار في لبنان، خصوصاً في ظل الأوضاع الدقيقة التي تمر بها منطقة الشرق الأوسط». وفيما شاء سليمان إسقاط كلامه من العاصمة التونسية على الوضع اللبناني الراهن والأزمة الحكومية التي تزداد تعقيداً في معرض مدحه للدستور التونسي الجديد واصلاحاته، معتبراً أنه ساهم في اضفاء «درجة عالية من الصدقية على المرحلة الانتقالية»، فإن عودة سليمان الى بيروت ليل أمس يفترض أن يليها في الساعات المقبلة تكثيف الاتصالات لتعبيد الطريق أمام ولادة الحكومة على رغم استمرار التكهنات بأن هذه الولادة قد تتأخر أياماً اضافية، بهدف ضمان ردود فعل هادئة من قبل حلفاء رئيس «تكتل التغيير والإصلاح» النيابي العماد ميشال عون في قوى 8 آذار، الذين تضامنوا مع اعتراضه على المداورة في الحقائب الوزارية وإصراره على الاحتفاظ بحقيبة الطاقة، خصوصاً ان الحكومة ستصدر مع تطبيق كامل لهذه المداورة. وقالت مصادر معنية باستعجال اعلان الحكومة إن اتصالات اليوم ستركز على حسم الموقف من مطالبة قوى «14 آذار» وتيار «المستقبل» بحقيبة الداخلية للواء المتقاعد أشرف ريفي الذي اعترض «حزب الله» على اسنادها اليه، معتبراً اياه «استفزازياً»، بعدما كان اعترض أصلاً على اسنادها لوزير من قوى 14 آذار، التي تطالب أيضاً بحقيبة الدفاع تحقيقاً للمساواة بينها وبين قوى «8 آذار» في الحقائب السيادية الأربع حيث ستحصل الأخيرة على المالية (لحركة أمل) والخارجية (لعون)، ورد اللواء ريفي أمس رافضاً أن «يبتز الذين امتهنوا إضعاف الدولة بمعادلة توازي بيني وبين وزراء الفشل والفساد»، معتبراً أن «الثقة والمحبة اللتين أشعر بهما بين أهلي أرفع من كل المواقع»، واتهم «حزب الله» بأنه ضرب الرقم القياسي بالانقلاب على العهود والتعهدات. وإذ دعا ريفي الى حكومة حيادية، فإن مصادر مقربة من رئيس الجمهورية أوضحت ل «الحياة» ان لا مشكلة حول حقيبة الدفاع مع «14 آذار» ورجحت ان تقبل الأخيرة بإسنادها الى من يسميه سليمان، في حين أكدت مصادر 14 آذار ل «الحياة» انها ما زالت على مطلبها الحصول على الدفاع والداخلية معاً. واستغربت المصادر نفسها طلب قوى «8 آذار» مزيداً من المهل قبل اعلان الحكومة بحجة البحث عن مخارج لمطالب العماد عون، معتبرة ان هذا الفريق يطلب دائماً المهل من أجل الانقلاب على اتفاق ما. وقال نائب الأمين العام ل «حزب الله» الشيخ نعيم قاسم أمس إن «الحكومة الجامعة تعني أن يتوافق الناس بعضهم مع بعض بتبادل التنازلات وتدوير الزوايا وليس بفرض بعض الأمور التي لا تنسجم مع اتفاق الجميع». وقالت مصادر مواكبة للتأليف إن الاتصالات الجارية في الوقت الممدّد لعملية التأليف تفيد بأن سليمان وسلام سيواجهان استقالة وزراء عون من الحكومة وتضامن قوى «8 آذار» معهم، وكذلك رفض ممثل «القوات اللبنانية» الاشتراك في الحكومة، برفض هذه الاستقالات، وهذا قد يعطي وقتاً لمراجعة الحسابات وايجاد مخارج للأزمة الحكومية. وكانت كتلة «المستقبل» اعلنت ان الشعب اللبناني يريد حكومة تنصرف الى معالجة المشكلات في وقت ضاقت سبل العيش، ورأت أن الإرادة الوطنية تعاني من ثغرات في مواجهة الإرهاب تفاقمها مشاركة حزب الله في القتال في سورية، داعية ايران الى رفع يدها عن لبنان. من جهة أخرى كان لقائد الجيش العماد جان قهوجي أمس موقف لافت في لقاءات عقدها مع الضباط من الرتب كافة، فأكد ان الجيش «لن يتخلى عن حقه في فرض الاستقرار ومنع الأمن الذاتي». وخاطب الضباط قائلاً: «ممنوع على أي كان أن يتطاول على الجيش وأن ينسج علاقة مع الضباط لمصلحة أي فئة سياسية أو حزبية، فمرجعيتكم هي قيادة الجيش». وشدد على أن مهمة الجيش في الأشهر الأخيرة «مكافحة الإرهاب وهو لا يقاتل أحداً بسبب أفكاره إنما بسبب الاعتداءات ضد المواطنين والعسكريين»، مؤكداً أن الجيش «لن يترك طرابلس أو أي منطقة».