فرح الشعب السعودي بالأمر الملكي الصادر الأسبوع الماضي الذي يجرّم الإرهاب والمقاتلين والمحرضين والمبررين، كأن لم يفرحوا بقرار آخر قط، وهذا دليل على ارتفاع نسبة الوعي بين المواطنين وإحساسهم بالخطر الذي يهدد وطنهم، ويهدد أبناءهم والقذف بهم إلى المجهول، والزج بهم في حروب لا ناقة لهم فيها ولا جمل، سوى هلاكهم خلف أهداف المحرضين الذين جعلوا من الجهاد لعبة في أيديهم خارج نطاق أنفسهم وأبنائهم. كتبت هنا في مقالتي السابقة التي بعنوان: «الثامنة يدّق الجرس»، مطالبة ببرنامج وطني يشترك فيه الأمن والإعلام والمفكرين والكتاب لمحاربة الإرهاب والمحرضين ومعاقبتهم، والحمد لله تحققت هذه المطالبة بخروج هذا الأمر الملكي الذي أسعد كل المواطنين المحبين لوطنهم وحرصهم على أمنه وسلامة أهله، وهو ما جعلهم يحتفلون بهذا الأمر بوضع «هاشتاقات» خاصة به، كتبوا فيها آراءهم ومقترحاتهم وتصوراتهم ومخاوفهم أيضاً، ومنها: سلامة فكر اللجنة المتخصصة التي ستباشر العمل في تنفيذ القرار، لأن الكثير من وزارتنا تسرب إليها الفكر المبرر والمتعاطف مع هؤلاء المجرمين في شكل أو آخر، خصوصاً والجميع يرى مدى تغلغل هذا الفكر في كثير من طرحهم وتغريداتهم التي يتلاعبون من خلالها بتبرير ضلالاتهم بحرفية مذهلة تجعلهم ظاهرياً مع ولي الأمر، مختبئين بباطنهم مما يفسر من خلال القراءة غير الخافية على القراء، فالمواطن ليس بذلك المستوى من الغباء بحيث تنطلي عليه عباراتهم المبطنة بالتغرير والتحريض. يرجو المواطنون أن تكون اللجنة على مستوى الأمانة الملقاة على عاتقهم بتنفيذ الأحكام بقوة وحزم بلا شفاعة أو تمييع للقضية والتلاعب بمبادئها الواضحة جداً، بحيث لا تحتمل التخمين أو التغيير، كما غرد أحدهم مستهزئاً بعامة الشعب، بأن ولي الأمر يقصد ما لم يفهموه من القرار، ولعمري هذا أول تلاعب ولمز في القرار، يجاهر به عياناً بياناً ممن يعرف الجميع تعاطفه ومناصرته لحزب الإخوان المسلمين. وعلى قدر ما يحاصر القرار الإرهاب والمرهبين، إلا أن آليات التنفيذ واللجنة المكلفة هي من ستحسم هذا الحصار بقوة القانون وعدم التحايل عليه والعبث بمفاهيمه، وإن حدث أي خلل من اللجنة، فلا بد من معاقبتها تبعاً لبنود القرار، فهذه أمانة جوهرها الوطن الذي لا يساوم عليه إلا جبان خوان، ولا شك في أن للجهات المسؤولة بعد نظر في من تراهم أجدر بهذه المهمة الشريفة لخدمة الوطن. بصراحة، قالها المواطنون لا يريدون في اللجنة واحداً من المعروفين بالتغرير، ولا يريدون واحداً من المعروفين بالتبرير ولا من المحرضين، لأن هؤلاء المتلونين سيغيرون من ثيابهم وعباراتهم، بغاية الوصول إلى هذه اللجنة، ليعود التلاعب من جديد، ويعود كل ما حذّر منه في شكل كارثي مخيف، قد يخسر فيه الوطن ما لم يخسره الآن، هؤلاء المخادعون كالأفاعي يغيّرون جلودهم ومواقفهم تبعاً لمصالحهم، أما وقد انكشفت سوءاتهم، وطاحت عروشهم ومنابرهم المسكونة بهالة التقديس والتطبيل واللمسة الدينية المحفوفة بأشخاصهم الهمجية، فسيعملون المستحيل ليتسللوا إلى مواطن التنفيذ بأتباعهم ومؤيديهم، وزرع أنصارهم في كل مكان، وكما تسللوا قديماً إلى تعليمنا ووزاراتنا، وسرقوا من الشعب أمنه واستقراره، وزرعوا النار في طريقه، فلا يستبعد ذلك منهم، فهم يشعرون بالهزيمة، وسيدخلون إلى عقول الجهلاء من باب أن الدولة تشجع العلمانية والليبرالية التي لا يفهمون معناها إلى الآن، وربما يوجهون الجهاد من وجهة نظرهم داخلياً، ليستعيدوا هيبتهم المشوهة بتغيير خططهم وآلياتهم، فمن امتهن الكذب والخداع والتضليل والتدليس والتلاعب بتأويل الكتاب والسنة لخدمة أهدافه لن يعدم الحيلة. [email protected] zainabghasib@