تشرف وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد على كم كبير من المساجد والجوامع، وبحسب تقرير صادر عنها فإن خطبة الجمعة هي أكثر خطاب يستمع إليه المجتمع وجوباً كحكم فقهي تكليفي. ما هو محتوى خطبة الجمعة، وما هو مستوى لغتها؟ خطاب الجمعة كيف يتحول إلى نشرة أخبار ثائرة ومنحازة؟ هل لا يزال خطيب الجمعة «الإخباري» يظن أن مستمعي خطبته لا يفيقون إلا على الأنباء بالتفصيل التي يقرأها عليهم؟ ألم يعلم أنهم أوسع اطلاعاً وأكثر قدرة على التحليل والفهم والخروج بنتائج أكثر وعياً منه؟ إذاً وقبل أن أستمع للسؤال البدهي: عن ماذا تريد أن يتحدث خطيب الجمعة؟ ولوجاهة هذا السؤال وأهميته، فإنني أطالب وزارة الشؤون الإسلامية برسم خطة استراتيجية تهتم بوعي الخطاب «المساجدي» عموماً وخطبة الجمعة خصوصاً، حتى تكتسب خطبة الجمعة حيويتها. لماذا لا يُعلن مسبقاً عن موضوع خطبة الجمعة على الأقل في الجوامع الكبيرة والمشهورة في المدن والمحافظات عبر بوابة الوزارة ومواقع التواصل الاجتماعي؟ أو على الأقل في الجامع نفسه، وذلك حتى يتحفز المصلون للمواضيع التي تشدهم وتتلاقى مع اهتماماتهم. لماذا ينتظر المصلون تحت وقع المفاجأة الموضوع الذي سيتفضل به خطيبهم، ولا يخلوا من كونه مكروراً، أو تعليقات من رؤية فردية على ممارسات تفصيلية في المجتمع، أو في بعض الأحيان عرض فقهي متخصص يرجح بين المذاهب وأقوال الفقهاء.. واختيار الأحوط والأضيق والأشد، باعتبار أن الناس في هذا الزمن مهملون ضائعون! يجب ألا تمارس وزارة الشؤون الإسلامية الإشراف بمعنى «التحذير والمنع والإيقاف»... فلديها مهمة الوعي الديني والوطني والاجتماعي والأمني من خلال خطبة الجمعة وخطاب المسجد من الدروس والمحاضرات والمواعظ. هل سنسمع في خطبة الجمعة وخطاب المسجد موعظة وحدانية تصل القلوب بجلال الله وجماله، وتجعل الإنسان يستشعر قرب الله منه، ومحبته له ورحمته به؟ وأن نكون مع الله كأننا نراه؟ هل سنستمع في خطبة الجمعة وخطاب المسجد لجمال وروعة حياة نبينا محمد وكأننا معه. إن في الحياة النبوية الخاصة والمجتمعية السلوك النفسي والمعاشي الذي يبهر الإنسان ويجعله مسافراً عبر الزمن ليلتقي بتلك الأنفاس الطاهرة في عالم ملكوتي كله عطاء وحب وجمال. هل سنسمع في خطبة الجمعة وخطاب المسجد خطاباً إنسانياً يتدفق بحلوة الإيمان وسلامة النفوس وسكونها بالحب والتسامح، بعيداً من التجريح الإنساني والاستنقاص البشري. خطاباً يتوجه إلى المكلف باعتباره إنساناً حراً مختاراً لا مكرهاً مجبراً. هل سنستمع في خطبة الجمعة وخطاب المسجد إلى حديث مستقبلي عن العلم والمعرفة والمشاركة والفاعلية في الحياة؟ نحن بحاجة إلى خطاب يحترم العلم الديني والدنيوي ويحترم العلماء في كل حقول المعرفة. * عضو مجلس الشورى. [email protected] alduhaim@