تحتفل الإمارات اليوم (الثلثاء) بالذكرى ال43 لقيام اتحاد الإمارات العربية المتحدة، وكانت الانطلاقة التاريخية لهذا الاتحاد بدأت بإجماع حكام إمارات: أبوظبيودبي والشارقة وعجمان والفجيرة وأم القوين، في الثاني من كانون الأول (ديسمبر) 1971، واتفاقهم على الاتحاد في ما بينهم، إذ أُقر دستور موقت ينظم الدولة ويحدد أهدافها، وفي ال10 من شباط (فبراير) 1972 أعلنت إمارة رأس الخيمة انضمامها إلى الاتحاد ليكتمل عقد الإمارات السبع في إطار واحد، ثم أخذت تندمج تدريجياً بشكل إيجابي بكل إمكاناتها. وتعد العلاقات السعودية - الإماراتية منذ نشأتها في بداية السبعينات ميلادي وحتى اليوم، مرتكزاً مهماً في تحديد خريطة الطريق لمنطقة الخليج والشرق الأوسط عامة، إذ يعتبرها مراقبون ترمومتراً لقياس حال الأمن والاستقرار الخليجي والعربي. وحرص الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، منذ توليه الحكم على التشاور المستمر مع الملك فيصل بن عبدالعزيز - رحمهما الله -، وكانت زيارته الأولى إلى السعودية في 12 نيسان (أبريل) 1967، فور توليه إمارة أبوظبي، وبحث خلالها القضايا التي تهم الطرفان. وعلى رغم ثراء الأحداث في هذه العلاقات، إلا أنها كانت في الأخير عنواناً مهماً في معادلة أي تحرك دولي أو عالمي أو إقليمي جاد يسعى نحو إجهاض محاولات الفتنة وإثارتها بين شعوب المنطقة، مرتكزة في ذلك إلى ثوابت تاريخية واجتماعية وسياسية قائمة بين الرياضوأبوظبي على احترام الآخر، وتبني استراتيجية سياسية واقعية بعيدة المدى للحفاظ على الأمن الجماعي لدول الخليج كافة دونما استثناء. هذه العلاقة تعكسها بين حين وآخر تصريحات القيادة في البلدين، واللقاءات الدورية التي تعقد بين خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، وولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الأمير سلمان بن عبدالعزيز من جهة، ورئيس الإمارات الشيخ خليفة بن زايد، ونائبه رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد، وولي عهد أبوظبي ونائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الإماراتية الشيخ محمد بن زايد من جهة أخرى، كلما استدعت الحاجة إلى عقد مثل هذه اللقاءات. وشهدت هذه العلاقات منذ 2009 وحتى اليوم تطوراً كبيراً، تجلت نتائجها بوضوح مع اندلاع الثورات في عدد من الدول العربية، واتفاق كل من الرياضوأبوظبي على الوقوف بحسم في مواجهة محاولات تفكيك هذه الدول باسم الثورات أحياناً، أو باسم النعرات الطائفية أحياناً أخرى، ما أكسب السياسة الخارجية للبلدين كثيراً من التقدير والاحترام لدى شعوب هذه الدول، وفي المحافل العالمية ذات العلاقة. وفي أيار (مايو) 2014، وتعبيراً عن التقدير الإماراتي للدور الذي تلعبه المملكة بقيادة خادم الحرمين الشريفين على الساحة الدولية، وجه رئيسها الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، بإطلاق اسم الملك عبدالله بن عبدالعزيز على أهم وأجمل شوارع عاصمة بلاده أبوظبي، فيما أكد الشيخ محمد زايد في تصريحات له بهذه المناسبة، أن هذا القرار جاء «تقديراً للمكانة الكبيرة التي يحظى بها خادم الحرمين الشريفين في الإمارات على الصعد الإنسانية والنهضوية والثقافية كافة»، موضحاً أنها «محل تقدير جميع أبناء الخليج العربي، كما أنها مصدر تقدير عربي وعالمي شامل»، مشدداً على «عمق الروابط بين الإمارات والسعودية ورسوخها»، وقال: «إن العلاقات الإماراتية - السعودية تجسيد واضح للروابط التاريخية المشتركة». وفي الرابع من أيار (مايو) الماضي، منحت لجنة جائزة الشيخ زايد للكتاب في دورتها الثامنة جائزة شخصية العام الثقافية خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، وقام بتسلمها وزير الحرس الوطني الأمير متعب بن عبدالله. وقال ولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد، في كلمة له خلال حفلة أقامتها الإمارات بهذه المناسبة، إن «الإنجازات والمبادرات الحضارية على المستويات الإقليمية والدولية كافة، تشهد الحضور البارز والمؤثر لخادم الحرمين الشريفين في تعزيز قيم الخير والمحبة والعدالة والعطاء الإنساني». وأضاف أن «الإمارات بقيادة الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، تحتفي بالعلم ورواده من المبدعين والمفكرين في المجالات العلمية والإنسانية كافة، إيماناً منها بدورهم في الارتقاء بالأمم والشعوب». علاقات اقتصادية هي الأكبر في المنطقة تعتبر العلاقة التجارية والاقتصادية بين الإمارات والسعودية الأكبر بين مثيلاتها في دول مجلس التعاون الخليجي، وتعد الإمارات - بحسب تقرير نشرته سفارة أبوظبي في الرياض - واحدة من أهم الشركاء التجاريين للسعودية على صعيد المنطقة العربية بشكل عام ودول مجلس التعاون الخليجي بشكل خاص، بحجم تبادل تجاري يزيد على 21 بليون درهم. وتتصدّر الإمارات قائمة الدول الخليجية المصدرة إلى السعودية، كما تأتي في مقدم الدول الخليجية التي تستقبل الصادرات السعودية، وتأتي في مرتبة متقدمة في قائمة الدول ال 10 الأولى التي تستورد منها السعودية. وتلعب الاستثمارات المشتركة بين البلدين دوراً حيوياً في هذا الجانب، إذ تتجاوز الاستثمارات السعودية في الإمارات 35 بليون درهم، وتعمل في الإمارات حالياً نحو 2366 شركة سعودية مسجلة لدى وزارة الاقتصاد و66 وكالة تجارية، ويبلغ عدد المشاريع السعودية في الإمارات 206 مشاريع، بينما يصل عدد المشاريع الإماراتية المشتركة في السعودية إلى 114 مشروعاً صناعياً وخدمياً، برأسمال 15 بليون ريال. وأشار التقرير إلى أن «إطلاق مدينة الملك عبدالله الاقتصادية بكلفة تتجاوز ال 100 بليون ريال، يعتبر نقلة مهمة في العلاقات الاقتصادية بين البلدين، إذ تم تشكيل تجمع إماراتي - سعودي بقيادة شركة إعمار الإماراتية، وبالتحالف مع شركات سعودية لتنفيذ المشروع على ساحل البحر الأحمر». تبوأت الإمارات المرتبة الأولى بين دول الشرق الأوسط وال 36 عالمياً من حيث أدائها الشامل للعام 2014 في مؤشر الابتكار العالمي الذي أصدرته جامعة كورنيل، والمعهد الأوروبي لإدارة الأعمال «انسياد»، والمنظمة العالمية للملكية الفكرية، كما اختارت المنظمة العاصمة أبوظبي «عاصمة للابتكار العربي»، بعد أن تبوأت المركز الأول بين العواصم العربية، إذ سجلت 76 اختراعاً دولياً خلال الفترة من منتصف 2010 إلى منتصف 2014. وتسعى الإمارات في هذا المجال إلى إطلاق أول مسبار عربي إسلامي إلى كوكب المريخ بإشراف فريق عمل وطني بعد أن أعلنت في مبادرة استراتيجية أطلقها رئيس الإمارات الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، ونائبه رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد، خلال شهر أيلول (سبتمبر) الماضي دخولها تكنولوجيا ارتياد الفضاء، وإنشاء «وكالة الإمارات للفضاء». كما عززت الإمارات مكانتها المرموقة على الساحة الدولية بفوزها هذا العام باستضافة القمة العالمية للطاقة في العام 2019 في أبوظبي وبعضوية مجلسي «الاتحاد الدولي للاتصالات» للمرة الثالثة على التوالي، وعضوية «مجلس لوائح الراديو» الذي يعد أحد أرفع المجالس ضمن الاتحاد. وكذلك استضافة المؤتمر ال 20 للمندوبين المفوضين للاتحاد الدولي للاتصالات الذي سيعقد في 2018، وكانت الإمارات فازت في إنجاز تاريخي باستضافة معرض «إكسبو 2020» العالمي لأول مرة في منطقة الشرق الأوسط، والذي سينظم في دبي، ويعد أكبر حدث عالمي من نوعه.