ماريون كوتيار (39 سنة) من ألمع نجمات الجيل السينمائي الصاعد، على المستوى العالمي. وعلى رغم كونها فرنسية أصيلة، فهي نجحت في لفت انتباه هوليوود إليها، خصوصاً منذ أن أدت شخصية المغنية الكبيرة الراحلة إيديث بياف في الفيلم الفرنسي «الصبية» الذي جلب لها جائزة «أوسكار» أفضل ممثلة، إضافة إلى جوائز أخرى عالمية مرموقة جعلتها في ما بعد تساهم في أعمال أميركية مميزة تحت إدارة أشهر المخرجين، وإلى جوار ألمع النجوم، مثل جوني ديب وراسل كرو وكريستيان بيل. وقد نزل حديثاً إلى الصالات، بعد المشاركة في أكبر المهرجانات السينمائية طوال عام 2013، كل من فيلمي «أربطة الدم» الذي أخرجه زوج ماريون كوتيار غيوم كانيه، ثم «المهاجرة» من إخراج الأميركي جيمس غراي، مع العلم أن كوتيار تتولى البطولة النسائية المطلقة في هذين العملين السينمائيين القويين. «الحياة» التقتها في باريس وحاورتها. حدثينا عن فيلميك الحديثين «أربطة الدم» و«المهاجرة» اللذين لقيا أصداء إيجابية، سواء من النقاد أم من الجمهور. - أود أن أسلط الضوء أولاً على كوني محظوظة جداً في الفترة الراهنة، وما أعيشه هو حلم كل ممثلة، وأقصد الترويج في آن واحد لفيلمين كبيرين ممتازين من بطولتي ومن إخراج سينمائيين من طراز غيوم كانيه وجيمس غراي. يروي «المهاجرة» حكاية شابة بولندية في مطلع القرن العشرين، تغادر بلدها من أجل حياة أفضل في أميركا، لكنها تقع لدى وصولها إلى «الجنة» المزعومة بين أيدي عصابة يترأسها شاب يدعي أنه يحبها ويضغط عليها من أجل أن تمارس بيع الهوى حتى تكسب ما قد يسمح له بتوفير العلاج لشقيقتها الصغرى المريضة والتي جاءت معها إلى الولاياتالمتحدة. الفيلم درامي، بطبيعة الحال، وهو سمح لي بتقمص شخصية صعبة تعاني من الفقر والمذلة وتضحي بكل شيء في سبيل أختها غير أنها تقع في فخ رجل يعدها بالزواج وبحياة سعيدة بينما لا يفكر في الحقيقة سوى في استغلالها كمورد رزق بالنسبة إليه وذلك بفضل جاذبيتها الفذة. وقد سعدت بالعمل تحت إدارة المخرج جيمس غراي، خصوصاً أنني أساساً من أشد المعجبات بأفلامه، وأعتبر المسألة بمثابة حلم تحقق. وعن «أربطة الدم» فقد أخرجه زوجي ووالد طفلي، غيوم كانيه، وهو كان يعمل للمرة الأولى في الولاياتالمتحدة. والفيلم مأخوذ عن رواية شهيرة سبق وحولت إلى أعمال سينمائية في أكثر من مرة. والطريف أن غيوم كان قد مثّل في الفيلم الفرنسي المقتبس عن الرواية نفسها قبل حوالى ثماني سنوات، وأنه منذ ذلك الحين راح يحلم بتحويل السيناريو ذاته إلى فيلم أميركي من إخراجه، وقد فعل. وأنا هنا أؤدي دور زوجة رجل يخرج من السجن ويعد بتغيير سلوكه وبكسب لقمته بطريقة شريفة، إلا أن أصدقاء السوء يلاحقونه ويضغطون عليه من أجل أن يعاود الإجرام. ويمكنك أن ترى كيف أن هذا الفيلم أيضاً ينتمي إلى اللون المأسوي. هل وافقت على أداء بطولة هذا الفيلم لأنه من إخراج شريك حياتك؟ - طبعاً وإلا لماذا؟ لا، أنا أمزح بطبيعة الحال، ولو لم يكن النص قد أثار اهتمامي والدور المطروح علي من أقوى ما تسنّى لي تمثيله أمام الكاميرا حتى الآن، لما وافقت، بصرف النظر عن هوية المخرج. لكنني سعيدة إلى أكبر درجة بسبب وقوف زوجي وراء المشروع. كيف كان يتصرف زوجك معك أثناء التصوير، هل كان يصدر الأوامر لك، مثل أي مخرج مع ممثلة ما في فيلمه؟ - نعم، تماماً وكأنني ممثلة عادية في فيلمه، فلم يمكنه التصرف بأي أسلوب مختلف أمام سائر أفراد الفريق الفني والتقني، وجميعهم كانوا يراقبوننا من أجل التأكد من أنني لا أحظى بمعاملة أفضل منهم. وهل كنتما تتكلمان في منزلكما عن دورك مثلاً؟ - لا، وكنا نتعمد تفادي الدخول في تفاصيل الفيلم خارج أوقات التصوير حتى نستطيع التمتع بحياة عادية كأي زوجين في المساء بعد العودة من العمل. والطريف أننا كنا نصوّر الفيلم في نيويورك، ولم نكن بالتالي نقيم في بيتنا بل في فندق. أنت الفنانة الفرنسية الثالثة في التاريخ الفائزة بجائزة «أوسكار» الأميركية كأفضل ممثلة، علماً أن سيمون سينيوريه حصلت على الجائزة نفسها قبل حوالى نصف قرن وعن دور ناطق بالإنكليزية، بينما كان فيلمك أنت وهو «الصبية» فرنسياً بحتاً. كيف عشت هذا الحدث الاستثنائي؟ - عشته وكأنه ينتمي إلى الخيال البحت، ولم أصدق أنني بالفعل صعدت فوق خشبة المسرح في لوس أنجليس وتلقيت التمثال الصغير من يد النجم العملاق فوريست ويتاكير. إن الموضوع كان أكثر من مجرد حلم تحقق، ولا أعرف كيف أسميه. لقد دخلت في تلك اللحظة دنيا الكبار في الفن السابع. هل تغيرت تصرفاتك في ما بعد تجاه أهل المهنة السينمائية؟ - نعم ولا، لم أتغير كامرأة وكإنسانة، بمعنى أنني لم أتحول فجأة إلى صاحبة نزوات غريبة كما يحدث للنجمات في بعض الأحيان. لكنني على صعيد آخر اضطررت فعلاً إلى تغيير سلوكي والتزام تصرف مسؤول وجدّي في علاقتي مع سينمائيي هوليوود، فلم يكن أمامي أي خيار آخر من أجل الاستمرار في المهنة. وإضافة إلى ذلك فأنا في الحقيقة كبرت ونضجت وصرت أعير عملي جدية من نوع جديد ومختلف، من دون أن يعني الأمر أنني لم أكن في السابق جادة في شؤوني المهنية، لكنني كنت مثل المراهقة وفجأة صرت امرأة ناضجة وبالغة. أنت غنيت ورقصت في فيلم «تسعة» الاستعراضي، فهل تمارسين هذين النشاطين منذ شبابك الأول؟ - لا، لقد تدربت على الغناء والرقص من أجل هذا الفيلم بالتحديد وحتى أكون على مستوى كل من نيكول كيدمان وبنيلوبي كروز من الناحية الاستعراضية، بما أنني شاركتهما البطولة. وقد تلقيت عرض المشاركة في «تسعة» من السينمائي روب مارشال الذي اعتقد أنني في الأساس أجيد الرقص والغناء، فهو معتاد على التعامل مع الفنانات الأميركيات اللاتي يمارسن الاستعراض منذ بداية حياتهن الفنية. إنها الطريقة الأميركية، ونحن في أوروبا لا نعتمد الأساليب نفسها فالممثلة ممثلة والمغنية مغنية والراقصة راقصة. لم أقل أي شيء في هذا الخصوص ورحت أتعلم وأتدرب ليلاً نهاراً، وتصرفت أثناء التصوير وكأنني محترفة، مثلي مثل غيري. ماذا عن بنيلوبي كروز، فهي أوروبية مثلك بما أنها إسبانية؟ - هذا صحيح، لكنها بدأت تعمل في هوليوود قبلي بسنوات، الأمر الذي يفسر إجادتها الفن الاستعراضي قبل مشاركتها في فيلم «تسعة».