واصلت الأجهزة الأمنية اللبنانية تحقيقاتها في التفجير الانتحاري الذي وقع مساء أول من أمس في منطقة الشويفات بإشراف مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي صقر صقر الذي أمر بفتح الطريق بعدما رفعت كل الأدلة من مكان الجريمة، في وقت يتم الاستماع الى افادات اشخاص لمعرفة دورهم في عملية التفجير، ويتم تحليل اشرطة مصورة التقطتها كاميرات مراقبة موجودة في المنطقة توصلاً الى كشف هوية الانتحاري والجهة المحرضة. وعاش سكان مناطق لبنانية ولا سيما الضاحية الجنوبية لبيروت والهرمل حالاً من الحذر والارتياب من السيارات والباصات وحتى المشاة. وعزز حال الارتباك دوي انفجار في محيط الطيونة ظهراً تبين انه ناتج عن قنبلة صوتية وضعت في مكب للنفايات، من دون وقوع اصابات او اضرار مادية. وكانت قنبلة مماثلة ألقاها مجهولون ليل اول من امس، من فوق جسر سليم سلام في بيروت، على مستديرة الكولا أدت الى تحطم زجاج عدد من السيارات. وعلمت «الحياة» ان فرع المعلومات في قوى الامن الداخلي أوقف الشيخ ع.غ من عرب خلدة للتحقيق معه حول قيامه بنقل الانتحاري بسيارته من خلدة الى الشويفات ليصعد في الفان الذي فجر نفسه فيه على مقربة من محطة الريشاني في المنطقة نفسها. وجرى توقيف الشيخ المذكور بناء الى اشارة النيابة العامة التمييزية واعترف بأنه نقل الانتحاري بسيارته وأنزله في الشويفات بعدما اشتبه بأن بطنه منتفخ. وأفاد الموقوف رهن التحقيق، بحسب المعلومات، بأنه تعارك مع الانتحاري واعترف لاحقاً ان الانتحاري كان يحمل عندما صعد في سيارته رشاشاً من نوع كلاشنيكوف، وتركه في السيارة، بعدما أنكر في بداية التحقيق وجود سلاح في حوزته ثم عاد وأحضره من منزله في خلدة بمواكبة أمنية من فرع المعلومات. كما تم الاستماع الى عدد من شهود عيان من بينهم الجريحة آمال الاحمدية التي كانت اصيبت لدى مرورها في المكان الذي فجر فيه الانتحاري نفسه. ودعا مصدر امني رسمي الى عدم استباق التحقيقات الاولية الجارية مع الموقوف في حضور احد القضاة في النيابة العامة العسكرية. وكما تردد ان هناك احتمالاً ان يكون الانتحاري من التابعية السورية لكن لا شيء مؤكداً حتى الساعة، لان التحقيقات مع الموقوف مستمرة وتتركز على ما اذا كان على معرفة شخصية به. وكان صاحب الفان اللبناني حسين مشيك الذي أُصيب بالتفجير خضع لعملية جراحية وحاله مستقرة في المستشفى. وكان اصيب في الجهة اليمنى لبطنه واخرج نفسه بنفسه من داخل الفان لحظة وقوع الانفجار. وصبّ أصحاب الفانات من آل مشيك غضبهم بعد التفجير الانتحاري على سوريين يقودون الفانات في ضاحية بيروت الجنوبية. وقطع عدد منهم الطريق امام الجامعة اللبنانية في الحدث بالاتجاهين، بالاطارات المشتعلة. وكانت «جبهة النصرة في لبنان» أعلنت ليل أول من أمس، مسؤوليتها عن التفجير الإنتحاري. وذكرت في بيان حمل الرقم 7 عبر صفحتها على موقع «تويتر» بعنوان «عملية استشهادية على أحد حواجز حزب اللات على طريق حي السلم - الشويفات». وذكرت فيها «ان مع استمرار جرائم حزب إيران بحق أهلنا المستضعفين في شامنا الحبيب، وإصراره على إرسال المزيد من مرتزقته لقتل الشعب السوري، ما كان منّا إلا العمل على إيقاف مذابحه والردّ بالمثل في عقر داره لكي يضطر إلى إعادة حساباته». وحذرت من «ان كل شيعي في حي السلم أو الضاحية الجنوبية يعد هدفاً مشروعاً للجبهة في أي مكان وزمان». ولفت وزير الداخلية في حكومة تصريف الاعمال مروان شربل في حديث الى اذاعة «صوت لبنان» إلى أن «القوى الأمنية تستمع إلى إفادة السائق الذي أوصل الإنتحاري إلى الفان، كي تعلم من اين أقله». ونفى علمه بأن يكون صاحب السيارة شيخاً، معرباً عن اعتقاده بأن الإنتحاري كان يتوجه إلى الضاحية. ولفت إلى انه «لا توجد معلومات حتى الساعة عن أن سائق التاكسي من أنصار الشيخ أحمد الأسير»، مشيراً إلى أن «هوية إنتحاريي الهرمل والشويفات لم تعرف بعد». وأشار إلى «وجود بعض الشكوك حول أشخاص غادروا منازلهم»، مشدداً على وجوب ترك الوقت للأدلة الجنائية وللأجهزة المعنية للتحقيق في الحادث. ردود فعل وأكد رئيس المجلس التنفيذي في «حزب الله» السيد هاشم صفي الدين أنّ «التفجيرات التي حصلت في الضاحية الجنوبية والهرمل والشويفات تثبت بوضوح أنّ هؤلاء الانتحاريين ومن يرسلهم مجموعة قتلة ومجرمين يستهدفون الأطفال والنساء والعمال والرجال وعموم الناس، ولا يحملون قضية ولا أي مشروع سياسي ولا يعبّرون عن أي تطلع». وقال صفي الدين في احتفال حزبي: «إن الضالّين والمضلَّلين مصيرهم إلى الجحيم وهم يخسرون الدنيا والآخرة حتماً»، مشدداً على أن «نور المقاومة وأتباع هذا الخط سيبقى ساطعاً مُشعاً في لبنان وكل عالمنا العربي والإسلامي». ورأى أن «هؤلاء الحمقى والأغبياء إذا ظنوا أنّه بانتحاري من هنا أو بمجنون من هناك بإمكانهم أن يغيروا معادلة فهم واهمون». وندّد رئيس «الهيئات الاقتصادية» عدنان القصار في تصريح بتفجيري الهرمل والشويفات، معتبراً أن «العقل الإجرامي فاق كل تصور وحدود، ما يؤكد مرة جديدة أن الإرهاب لا دين له، ولا يفرق بين اللبنانيين على اختلاف مشاربهم ومذاهبهم وانتماءاتهم السياسية والمناطقية. وان أفضل رد على المؤامرة التي تستهدف اللبنانيين في حياتهم ومعيشتهم، تمتين أواصر الوحدة الوطنية والتعالي عن الجراح وان يجلس الجميع الى طاولة واحدة ووضع خلافاتهم الشخصية جانبا، بغية الاتفاق على جميع العناوين الخلافية الوطنية العريضة لتنفيس حال الاحتقان، ولا بد من تأليف حكومة وطنية جامعة اليوم قبل الغد». وشدد المستشار العام لحزب «الإنتماء اللبناني» أحمد الأسعد في تصريح على أن «تدخل حزب الله في سورية لا يبرر الإجرام الإنتحاري»، وقال: «يريدون أن يقاتلوا حزب الله لأنه يدعم النظام السوري؟ فيلقاتلوه في أرض المعركة. يريدون أن ينتقموا من حزب الله؟ فليجدوا طريقة أخرى غير استهداف الأبرياء في منازلهم ومكاتبهم ومحالهم وشوارعهم وسياراتهم ووسائل النقل العام». وطالب نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ عبدالأمير قبلان اللبنانيين في تصريح ب»تشكيل شبكة أمان تحمي لبنان من الهجمات الارهابية التي تجد في المدنيين الأبرياء هدفاً سهلاً لتجسيد إجرامها ما يستدعي ان يتبرأ اللبنانيون من كل جهة إرهابية فلا يسمحوا بتشكيل بيئة حاضنة للارهاب»، مطالباً «برفع الغطاء عن أي مجرم إذ لا يجوز تحت أي عنوان من العناوين حماية الارهابين والتستر عليهم». وخارجياً، عبرت الولاياتالمتحدة عن إدانتها «الشديدة للتفجيرات الإرهابية التي يشهدها لبنان»، داعية إلى «ضبط النفس والامتناع عن المساهمة في دورة العنف». وقالت الناطقة باسم وزارة الخارجية الأميركية جين بساكي في مؤتمر صحافي ان «واشنطن تدين بأقوى العبارات التفجيرات الإرهابية الأخيرة في لبنان بما في ذلك الهجوم في الهرمل والاعتداء في الشويفات». وقدمت التعازي الى عائلات الضحايا، أسفة «لأن الشعب اللبناني يتعرض من جديد لأعمال الإرهاب هذه». ورأت انه لا «يفترض بالشعب اللبناني أن يعيش في الخوف فيما يقوم بأعماله اليومية». وطالبت ب«التطبيق الكامل لإعلان بعبدا والقرارين 1559 و1701 واتفاق الطائف». وعبرت عن «دعم أميركا القوي للقوات المسلحة اللبنانية وقوى الأمن الداخلي التي تعمل على الحفاظ على أمن لبنان»، داعية إلى «جلب منفذي التفجيرات أمام العدالة».