توقع تقرير صدر أخيراً أن تلعب الأعمال الصغيرة والمتوسطة دوراً أكبر في التنمية في منطقة الشرق الأوسط في السنوات المقبلة، وأن تصبح الأسواق أكثر تطوراً وقدرة على المنافسة. وسلط بنك «ستاندرد تشارترد» الضوء، في تقرير حول «الشرق الأوسط والأهمية المتزايدة للشركات الصغيرة والمتوسطة»، على كيف يمكن أن تساعد الشركات الصغيرة والمتوسطة في خلق فرص العمل، وتنويع مجالات قطاع الأعمال والمساهمة في الناتج المحلي الإجمالي، لكن التقرير ذكر أن هناك عوامل كثيرة في المنطقة لا بد من التعامل معها من أجل دعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة. وأشار التقرير إلى أن الشركات الصغيرة والمتوسطة تسهم مساهمة كبيرة في الناتج المحلي الإجمالي في الأسواق الناشئة والناضجة. لافتاً الى أن التكتلات الكبيرة هي التي تحدد بيئة الأعمال التجارية في البلدان المصدرة للنفط في الشرق الأوسط، خصوصاً في منطقة الخليج، في حين أن الشركات الصغيرة والمتوسطة تلعب دوراً أكثر تأثيراً في بعض البلدان مثل مصر والأردن. ووفقاً للخبراء الاقتصاديين في البنك فإن الأهمية الاستراتيجية لقطاع الشركات الصغيرة والمتوسطة في الشرق الأوسط، تكمن في عاملين، الأول خلق فرص عمل للشباب وتنمية القطاع الخاص للحد من الاعتماد الاقتصادي على قطاع النفط في دول الخليج، والثاني تحسين مستويات المعيشة في البلدان الأخرى في المنطقة. وبينت البيانات الواردة في التقرير أن نسبة السكان تحت سن 24 سنة يمثلون 57 في المئة من السعوديين، وحالياً يعمل 1.5 في المئة فقط من القوة العاملة في دول الخليج في قطاع النفط والغاز. وذكر التقرير أنه يجب أن توجد فرص عمل كافية لاستيعاب طوفان الداخلين الجدد إلى سوق العمل في المستقبل القريب جداً. واوضح التقرير ان الشركات الصغيرة والمتوسطة تسهم بنحو 30 في المئة فقط من الناتج المحلي الإجمالي في السعودية والامارات، إلا أنها تمثل 86 في المئة من العمالة. وقال ان كلا البلدين تهيمن عليهما شركات القطاع العام، وإلى حد كبير في قطاع البتروكيماويات. وتميل الشركات الصغيرة والمتوسطة، بحسب التقرير، في البلدان المنتجة للنفط الى أن تكون في قطاع الخدمات. وأظهر التقرير أن 55 في المئة من الشركات الصغيرة والمتوسطة غير قادرة على الحصول على الائتمان المطلوب. وغالباً ما تفتقر المؤسسات الصغيرة والمتوسطة إلى تنظيم البيانات المالية والشفافية والانضباط المالي، ما يصعب حصولها على الائتمان. في السعودية، على رغم المبادرات التي اتخذتها الحكومة للتخفيف من السيولة، إلا أن نمو الائتمان كان ضعيفاً. وفي الربع الثاني من عام 2009، انخفضت الائتمانات المصرفية بنسبة 0.7 في المئة في مقابل 28 في المئة من النمو في العام الماضي. وأكد التقرير أن التمويل ليس العقبة الوحيدة بل هناك حاجة إلى بناء القدرات والتدريب في مجال الإدارة والمعرفة التقنية، وتجاوز النقص في اليد العاملة الماهرة. وبحسب التقرير، تسعى السعودية إلى تبسيط بدء الأعمال التجارية في عملية المتابعة، إلا أن هناك قصوراً رئيساً في دور رجال الاعمال في تنفيذ العقود، إضافة إلى أن النظام القضائي بحاجة إلى إصلاح لتوضيح قوانين الإفلاس وغيرها من الشركات، علاوة على ذلك، الملكية الأجنبية الكاملة غير مسموح به في قطاعات معينة. وأشار إلى أنه من المرجح أن تولد فرص العمل في قطاع الخدمات والقطاع التجاري، لأنهما أكثر كثافة لناحية العمالة من القطاعات الأخرى، اذ الشركات الصغيرة والمتوسطة هي الأكثر نشاطاً في أعمال الفندقة وقطاع البناء. وأبان التقرير أنه على رغم أن الشركات الصغيرة والمتوسطة يمكن أن تسهم في نمو الاقتصادات في المنطقة في شكل كبير، إلا أن العديد من المشكلات تعوق المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في أن تصبح لاعباً كبيراً. الشركات الصغيرة والمتوسطة تبدو الأكثر تضرراً جراء التباطؤ العالمي، بحسب التقرير، بالنظر إلى افتقارها إلى إمكان الحصول على الائتمان، ما يجعلها أكثر عرضة من الشركات الكبيرة في البيئة الاقتصادية المتردية، اذ تم تشديد شروط الائتمان والمشاريع الصغيرة والمتوسطة، الى جانب تراجع الطلب من الدول الأجنبية. وقال التقرير: «إن الإمارات والسعودية هما أكثر اعتماداً على آسيا للواردات والصادرات ونتوقع حدوث انتعاش أقوى في الأسواق الآسيوية في عام 2009. ومع ذلك، تبدو ضعيفة بوجه عام وسط ظروف الاقتصادي العالمية، والشركات الصغيرة والمتوسطة هي في وضع غير موات بالنسبة للشركات الكبيرة لأنها لا تستفيد من الوفورات الكبيرة، منذ صارت البنوك أكثر تردداً في إقراض المشاريع الصغيرة والمتوسطة».