أحيت اسرائيل وأنصارها حول العالم الأسبوع الماضي ذكرى المحرقة النازية. ولعلي من قلة عربية تقول إن ستة ملايين يهودي قتلوا في المحرقة، فأنا لا أحتاج الى خفض الرقم أو إنكار المحرقة كلها لأننا لم نقتل اليهود، وإنما قتلهم الغرب المسيحي وتركنا ندفع ثمن جريمته. هم يتذكرون جريمة ارتكبت قبل 70 سنة ويتجاهلون جريمة ترتكبها اسرائيل كل يوم، أو يتعامون أو ينكرون. الكنيست لا يهمه أن يُقتَل نساء أو أولاد فلسطينيون، وإنما أقرأ أن 55 عضواً فيه وستة وزراء في حكومة نتانياهو الفاشستية ذهبوا الى بولندا في مناسبة اليوم الدولي لذكرى الهولوكوست ليحضروا احتفالاً في متحف اوشفيتز التذكاري. وقد احتج حزب بولندي على الزيارة وعارضها. لم أفتح جريدة أو موقعاً الكترونياً باللغة الانكليزية الأسبوع الماضي إلا وقرأت شيئاً عن المحرقة من نوع: - النازيون قالوا لأختي أن تحفر قبرها. وعنوان آخر في الصفحة نفسها في «التايمز» اللندنية عن هملر في رسالة الى زوجته يبلغها أنه ذاهب الى اوشفيتز. - «الهولوكوست يُروَى بكلمة واحدة مكررة ستة ملايين مرة». الكتاب في 1250 صفحة والكلمة هي «يهودي» في إشارة الى عدد قتلى المحرقة. - «نيويورك تايمز» عندها خبر يومي عن اليهود لليهود، وهي ما كانت تفوت ذكرى المحرقة فقرأت خبرين فيها عن يهود قتلوا خارج معسكرات الموت. - رئيس وزراء بريطانيا ديفيد كامرون وهو من نوع المحافظين الجدد شكل لجنة لتذكر الهولوكوست والتعلم منه تضم الممثلة هيلين بونام كارتر وكبير حاخامات بريطانيا افرايم ميرفيس. - يهودي هنغاري اميركي فاز بجائزة عن أبحاثه، وقرر أخيراً أن يعيدها احتجاجاً على زيادة اللاساميّة في هنغاريا. - الممثلة الأميركية سكارلت جوهانسون شاركت في دعاية لشركة المرطبات الاسرائيلية سوداستريم ستبث خلال مباراة «السوبربول» لكرة القدم الاميركية في الثامن من هذا الشهر. وجوهانسون سفيرة حول العالم لمؤسسة اوكسفام الخيرية البريطانية، ثم سمعنا أنها تخلت عن دورها في اوكسفام أو أن اوكسفام هي التي تخلت عنها لأن للشركة الاسرائيلية معملاً في مستوطنة. - ابراهام فوكسمان، رئيس رابطة مكافحة التشهير باليهود، قال إن استمرار سجن الجاسوس جوناثان بولارد موقف «على حافة اللاساميّة.» بولارد سلم ألوف الوثائق السرية الاميركية من عسكرية وغيرها الى اسرائيل وأضرَّ بأمن اميركا، لكن فوكسمان يريد إطلاق سراحه، بل يتهم المعارضين باللاساميّة. أبصق على فوكسمان وكل «بولارد» اسرائيلي يخون بلاده. أزعم أن كل ما سبق محاولة اسرائيلية متعمدة لتحويل الأنظار عن جرائم اسرائيل اليوم بنقل الاهتمام الى جريمة قديمة. إلا أن اسرائيل لم تعد تخدع أحداً وقد كتبت عن جمعيات أكاديمية اميركية تقاطع الجامعات الاسرائيلية بسبب الاحتلال وأزيد اليوم نشر الصحف الاسرائيلية تحذيراً من السفارة الاسرائيلية في واشنطن خلاصته أن الرأي العام الاميركي بات يعتبر اسرائيل عنيدة وغير متعاونة في عملية السلام. وفي أهمية ذلك ما نشرت «الفاينانشال تايمز» اللندنية عن أن ثالث أكبر صندوق تقاعد في العالم ومؤسستي استثمار مالي اوروبيتين تعيد النظر في استثماراتها في اسرائيل بسبب معارضتها تمويل بنوك اسرائيلية المستوطنات الاسرائيلية غير الشرعية في الأراضي الفلسطينية. أقول إن اسرائيل كلها مستوطنة وفي طريق أن تصبح غير شرعية، كحكومة الابارتهيد في جنوب افريقيا قبلها، والهولوكوست لن يغطي على جرائم ترتكب اليوم. [email protected]