أوضحت الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أن معنى التجسس هو طلب الأمارات المعرِّفة بالمنكر، ويقصد بتتبع العورات هو تتبع العورات غير الظاهرة، وكل هذا فساد في نفسه محرم شرعاً، مؤدٍّ للمفاسد، قال تعالى: (وَلا تَجَسَّسُوا). وروى الترمذي عن ابن عمر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «يا معشر من قد أسلم بلسانه ولم يُفْضِ الإيمان إلى قلبه، لا تؤذوا المسلمين ولا تعيروهم، ولا تتبعوا عوراتهم، فإنه من تتبع عورة أخيه المسلم تتبع الله عورته، ومن تتبع الله عورته يفضحه ولو في جوف رحله». وأكدت وفقاً لأحد إصداراتها التي نشرها موقع صيد الفوائد، فإن الحكمة من المنع من التجسس في الإنكار هو أن المعاصي إذا خفيت لم تضر إلا صاحبها، وإذا أعلنت أضرت بالعامة، ولذا يحتسب على المنكر الظاهر العلني ولا ينكر على المختفي. وقد تقدم في الأحاديث أن العذاب لا ينزل إلا بقوم ظهرت فيهم المعاصي ولم يحتسب عليها. ولفتت الرئاسة إلى مسألة نبّه إليها العلماء، وهي إن استسرَّ قوم بمعصية وكان فيها انتهاك حرمة يفوت استدراكها، فإنه يجوز التجسس والكشف عن الحال حذراً من فوات ما لا يستدرك من انتهاك المحرمات، ولو كانت الأمارات الظاهرة ضعيفة، ومثَّل العلماء لذلك بأن يخبر ثقة عن اختلاء رجل بامرأة ليزني بها، أو برجلٍ ليقتله، فإنه يجوز التجسس لمنع هذه المعاصي التي تفوت بانقضائها. وهذا راجع إلى القاعدة الشرعية «دفع أعلى المفسدتين بارتكاب أخفهما، ولا شك في أن مفسدة التجسس أقل من هتك العرض أو قتل النفس». من جهته، أوضح مركز الفتوى حول مسألة التجسس في العمل، ما ورد إليه من سؤال حول الموظف الذي يقوم بالتجسس على زملاء العمل، ونقل أخبارهم إلى المدير، وحكم الراتب الذي يتقاضاه أحلال أم حرام؟ فأجاب المركز بأن «الأصل المتقرر شرعاً أنه لا يجوز للمسلم التجسس، ولا يحل له تتبع زلات أخيه وإشاعتها والتشهير بها، فقد قال الله تعالى: (وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضا»، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «يا معشر من قد أسلم بلسانه ولم يفض الإيمان إلى قلبه، لا تؤذوا المسلمين ولا تعيروهم ولا تتبعوا عوراتهم، فإن من تتبع عورة أخيه المسلم تتبع الله عورته، ومن تتبع الله عورته فضحه ولو في جوف رحله». رواه الترمذي وغيره، وقال الألباني حسن صحيح. وقال: «ينبغي لمن رأى شيئاً من النقص أو الخطأ في إخوانه أن ينصحهم ويبيّن لهم الخطأ، فالدين النصيحة كما قال النبي صلى الله عليه وسلم، ولكن ينبغي التفريق بينه وبين صور أخرى قد يعدها الناس من التجسس المحرم، وهي في الواقع ليست كذلك، ومنها ما إذا عيَّن المدير أو المسؤول عن العمل بعض الموظفين ليراقبوا أداء العاملين ويمدوه بتقارير عن ذلك». وأكد المركز أن هذا ليس هذا من التجسس المحرم، بل من النظام وضبط العمل، ومنه كذلك إذا رأى أحد العاملين خللاً في العمل، ونصح العامل فلم يستجب وأصرَّ على ما هو عليه، فأخبر الجهة المسؤولة عنه، وكان هدفه إصلاح ذلك الخلل، فهذا ليس من التجسس المحرم بل هو من النصيحة للمسلمين وهكذا، أما بالنسبة لحكم الراتب فلا علاقة له بهذا الأمر، حتى وإن وقع التجسس المحرَّم من هذا العامل، فغاية الأمر أنه يبوء بإثم تجسسه، وراتبه حلال طالما أنه لم يقصر في عمله، وأن العقد وقع على عمل مباح لا على تجسس محرَّم. يذكر أن «الحياة» تواصلت مع بعض العاملين في الهيئة وبعض مسؤوليها، ولكنهم اعتذروا عن المشاركة، كما اعتذر عدد من الشرعيين عن نقد تجسس المحتسبين.