تعدُ لغة الحوار منذ زمن بعيد ذات قيمة كبيرة لدى الشعوب المتحضرة، فهي لغة العقل والتعقل التي يستخدمها الناس كأداة راقية وأسلوب مقنع للتعايش والتفاهم في تعاملاتهم كافة وعند تحاورهم وتواصلهم مع الشعوب الأخرى كذلك، فمهما تباعدت وجهات النظر واختلفت عقائد الشعوب الاجتماعية والثقافية أو مُعتنقاتهم السياسية أو بأي مسمى آخر، فستظل لغة الحوار تقوم بدورها العظيم في تقريب وجهات النظر والحفاظ على القيم والمبادئ الإنسانية والأخلاقية التي ميز الله الإنسان بها عن المخلوقات الأخرى، فمن سمات الشعوب المتقدمة التي تحظى بالاحترام والاستقرار الأسري والمجتمعي الإيمان بقيمة وإيجابية لغة الحوار في حياتهم، لذلك لا بديل لديهم عن لغة الحوار في إيجاد حلول لمشكلاتهم الخلافية مهما بلغت، فيلجؤون إلى التحاور الإنساني والأخلاقي المبني على احترام الرأي والرأي الآخر، ونراهم يتحدثون مع بعضهم بأساليب راقية نابعة من إيمانهم بأن الاختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية. وبهذه السمات حافظت الشعوب المتقدمة على مكانتها بين الأمم، فالإنسان المتحضر هو الذي يضع صورة وتاريخ وطنه نصب عينيه قبل التعبير عن وجهة نظره وأفكاره، لكي يفرض احترامه على الآخر، بخاصة عندما يتسم حواره بالهدوء، ويستمع لمن يحاوره بالأسلوب الذي يتقبله ويتمناه لنفسه، ومن هنا كان للحوار أهمية بالغة في حياة الشعوب وأمورنا الحياتية والمعيشية كافة. [email protected]