صوّت المجلس الوطني التأسيسي التونسي (البرلمان) مساء أمس، لصالح منح الثقة لحكومة الكفاءات المحايدة التي يترأسها مهدي جمعة، لينتهي بذلك حكم حركة «النهضة» الإسلامية الذي دام أكثر من سنتين. وتستعد الحكومة الجديدة لتسلم السلطة رسمياً من حكومة علي العريض اليوم، بعد أدائها اليمين الدستورية أمام رئيس الجمهورية محمد المنصف المرزوقي لتصبح بذلك سادس حكومة تمسك مقاليد الحكم في البلاد بعد هروب الرئيس السابق زين العابدين بن علي. وتعهد جمعة في خطابه أمام المجلس أمس، بالكشف عن المتورطين في اغتيال المعارضَين العلمانيَين محمد البراهمي وشكري بلعيد ومكافحة كل مظاهر العنف والإرهاب. وقال: «للثورة دولة تحميها ولا مكان للإرهاب في تونس»، مضيفاً أن من أبرز أهداف حكومته هو السير بالبلاد إلى انتخابات حرة وشفافة. وجدد التزامه بخريطة طريق الحوار الوطني واتخاذ الإجراءات اللازمة لتوفير المناخ المناسب للتنافس الانتخابي وفي مقدمها «تحييد المحافظين ومراجعة التعيينات في المنشآت والإدارات العمومية في كل الوظائف التي لها علاقة بالانتخابات على أساس الحيادية والكفاءة»، مجدداً التأكيد على العمل بانسجام مع سائر مؤسسات الدولة وعلى رأسها رئاسة الجمهورية والمجلس التأسيسي وكل الأحزاب. وطالب جمعة التونسيين بدعم توجهات حكومته الجديدة مطالباً الأحزاب والمنظمات المدنية بمنحه «هدنة اجتماعية»، مشدداً على أنه «لا مجال للتساهل مع الفوضى وتعطيل الإنتاج مع ضمان حقّ التظاهر السلمي في الوقت ذاته». وأعرب جمعة عن استعداد حكومته لمراجعة قانون الموازنة الذي أدى إلى احتجاجات شعبية ضد ما أُقر من ضرائب شملت الفلاحين والتجار عبر إعداد قانون موازنة تكميلي، مطالباً بإنشاء مجلس وطني للحوار. من جهة أخرى، اعتبر رئيس الكتلة الديموقراطية المعارضة محمد الحامدي، في تصريح إلى «الحياة»، أن الوضع الذي تمر به البلاد يحتاج توافقاً وطنياً بين كل الفرقاء، معتبراً أن فريق جمعة الحكومي يستحق الدعم والمساندة. في المقابل، رأى القيادي في الجبهة الشعبية الجيلاني الهمامي أن حكومة جمعة تمثل امتداداً لحكومة الترويكا المستقيلة، إذ تضم وزير الداخلية الذي يتحمل المسؤولية السياسية في عملية اغتيال النائب البراهمي. وعلى رغم أن حكومة مهدي جمعة كانت حصيلة للتوافقات في الحوار الوطني الذي أشرف عليه الرباعي الراعي للحوار إلا أنها لا تحظى بدعم جميع الأطراف السياسية في البلاد، إذ تدعمها حركة «النهضة» الإسلامية (صاحبة الكتلة الأكبر) وحزب «التكتل» و «التحالف الديموقراطي» و «نداء تونس» و «آفاق تونس» وعدد من المستقلين مقابل تحفظ من قبل الحزب «الجمهوري» والمسار الديموقراطي» و «الوفاء للثورة» ورفض من «الجبهة الشعبية» و «تيار المحبة». على صعيد آخر، أعلن وكيل الرئيس التونسي السابق بن علي، المحامي أكرم عازوري، أن تصريح مدير الاستخبارات العسكرية التونسي السابق الجنرال أحمد شابير يؤكد أن موكله لم يعط الأمر لإطلاق النار على المتظاهرين في كانون الأول (ديسمبر) 2010 وكانون الثاني (يناير) 2011، مطالباً بإعادة المحاكمة. وأكد عازوري أنه سيرفع شكواه إلى مجلس الأمن والاتحاد الأفريقي والجامعة العربية.