ليس واضحاً بعد كيف ستُنقل مباريات نهائيات كأس العالم التي ستقام في البرازيل صيف العام المقبل. كل ما عرفناه أن الاتحاد الدولي لكرة القدم «فيفا» اتخذ قراراً بعدم احتكار البث التلفزيوني كما جرت العادة في الدورات الأخيرة للمونديال. هذا نفهمه بداية بتوزيع حقوق البث على جهات كثيرة، هي غالباً قنوات تلفزيونية تشمل بلدان العالم كله، وهي صيغة لا تستقيم إلا بإعادة البث الى المحطات التلفزيونية الأرضية التي هجرها الناس في شكل كامل تقريباً. هي احتمالات نحاول من خلال فهم الكيفية التي سيدير من خلالها «فيفا» النقل التلفزيوني لمباريات الدورة الكروية العالمية الأهم، والتي تنتظرها الملايين وتتابعها في بلدان العالم، وهي الفرصة الأبرز للاستثمار التلفزيوني في حقل الرياضة. الأمر يتعلق بجهتين رئيستين، الأولى مستهلكة يمثلها جمهور عشاق اللعبة، والثانية مستثمرة يمثلها أصحاب القنوات التلفزيونية الذين تتولى محطاتهم إيصال المباريات الى جمهور اللعبة في بلدانهم. وهي معادلة تنهض على استقامتها عملية النقل بل وأيضاً مناسبة النهائيات ذاتها والتي لم تعد ممكنة ولا مقبولة بعيداً من البث التلفزيوني المباشر. ولعلنا بهذه المناسبة نستعيد بخيالنا شكل حدث المونديال قبل انتشار البث التلفزيوني وتوليه إيصال المباريات الى المشاهدين، ومدى ضعف العلاقة بين الفرق والمنتخبات وبين جمهور المتابعين. ليس التلفزيون في حدث المونديال مجرد وسيط يمكن الاستغناء عنه، أو حتى التقليل من شأن دوره بمقدار ما بات ومنذ زمن طويل «لاعباً» رئيساً لا يقوم حدث اللعبة من دون وجوده، بل من دون وجوده بفاعلية وكفاءة. إلغاء التشفير والاحتكار قرار اتخذه ال «فيفا» فأثلج صدور كثر من عشاق اللعبة، لكنه فتح بعد ذلك باب تكهنات لا تحصى عن شكل الحل البديل ومضمونه، أي عن كيفية إسعاد أولئك الذين طالما أعلنوا تذمرهم من الاحتكار والتشفير، والذين يبحثون اليوم بقلق عن تفسير مقنع لما يمكن أن تكون عليه المشاهدة شكلاً وموضوعاً، خصوصاً وقد اقترب موعد الحدث الرياضي، إذ لا تفصلنا عنه سوى شهور خمسة أو أقل قليلاً. هي بالتأكيد شهور الخطوات الأخيرة والنهائية لاكتمال العرس الكروي بأبهى صورة ممكنة.