تعهدت المعارضة في أوكرانيا أمس، متابعة «نضالها» ضد الرئيس فيكتور يانوكوفيتش، على رغم إقرارها بأنه «لبّى جزءاً كبيراً» من مطالبها. في غضون ذلك، اقتحم متظاهرون مركزاً ثقافياً تجمّع فيه مئات من قوات الأمن وسط كييف، على بعد نحو 200 متر من مركز الاحتجاجات في ساحة الاستقلال. ودخل المحتجون «البيت الأوكراني»، وهم يصرخون «يا للعار». وحطموا زجاجاً، كما ألقوا قنابل يدوية وحجارة داخل المبنى، فيما ردّت الشرطة مستخدمة قنابل صوتية وخراطيم مياه. وخرجت الشرطة وأجهزة الأمن من المبنى، عبر ممرّ صنعه المحتجون الذين أنهوا هجومهم بعد وصول بطل العالم السابق في الملاكمة فيتالي كليتشكو، أحد قادة المعارضة، ومساهمته في التوصل إلى حلّ عبر التفاوض. وشُيِّع متظاهر قُتل في مواجهات مع الشرطة، في كاتدرائية قريبة من ساحة الاستقلال، في حضور قادة المعارضة الثلاثة فيتالي كليتشكو وارسيني ياتسينيوك واوليغ تيانيبوك. وعلى رغم سقوط قتلى وجرحى خلال الأزمة المستمرة، استبعد وزير الدفاع بافيل ليبيديف تدخل الجيش، مؤكداً أن المؤسسة العسكرية «ستلتزم التزاماً صارماً بالدستور والقوانين الأوكرانية التي تحدد في شكل واضح دوره ووظائفه ومهماته». وكان يانوكوفيتش عرض على ياتسينيوك، وهو وزير سابق للاقتصاد يرأس حزب زعيمة المعارضة المسجونة يوليا تيموشينكو، رئاسة الحكومة مع تعزيز صلاحياتها. كما اقترح تولي كليتشكو منصب نائب رئيس الوزراء للشؤون الإنسانية. وتعهد يانوكوفيتش إعادة النظر في قوانين أُقرت أخيراً، تعاقب المتظاهرين بسجنهم، ما أجّج الاحتجاجات. وأعلن عزمه التفاوض مع المعارضة للتوصل إلى «تسوية حول هذه القوانين». وأشارت الرئاسة إلى اتفاق مع المعارضة على أن «يغادر المتظاهرون وقوات الأمن تدريجاً» ساحة الاستقلال حيث يتمترسون، مضيفة أن يانوكوفيتش وافق على إنشاء مجموعة عمل تُكلَّف «تعديل قانون الاستفتاء وربما عبر هذه الآلية سيعرض تعديلات على الدستور». وتطالب المعارضة بالعودة إلى دستور عام 2004 الذي جعل أوكرانيا جمهورية برلمانية مع تمتع رئيس حكومة بصلاحيات واسعة. لكن الدستور عُدِّل لاحقاً وجعل الصلاحيات الأساسية بيد رئيس الدولة. وتتظاهر المعارضة منذ أكثر من شهرين، احتجاجاً على رفض يانوكوفيتش إبرام اتفاق شراكة مع الاتحاد الأوروبي، مفضلاً التقارب مع روسيا. وعلّق قادة المعارضة على اقتراح يانوكوفيتش، معلنين عزمهم متابعة الضغط لتلبية كل مطالبهم، في مقدمها تنظيم انتخابات مبكرة وإلغاء القانون الذي يقيّد التظاهر. وقال المعارض القومي اوليغ تيانيبوك أمام المحتجين: «النضال مستمر». وبعد مشاركته في محادثات مع يانوكوفيتش، أعلن ياتسينيوك استعداده ل «تولي مسؤولية (رئاسة الحكومة) والوصول بالبلاد إلى الاتحاد الأوروبي»، مستدركاً أنه «لا يصدّق أي كلمة» تقولها الحكومة. وأضاف: «لن نتزحزح». أما كليتشكو فأقرّ بأن يانوكوفيتش «لبّى جزءاً كبيراً من مطالب» المعارضة، مشيراً إلى أن «المفاوضات مستمرة». واستدرك: «نحن مصممون ولن نتراجع». ووصف اقتراح يانوكوفيتش بأنه «عرض مسموم لتقسيم حركتنا الاحتجاجية، إذ قال لصحيفة «بيلد أم زونتاغ» الألمانية: «سنواصل التفاوض ونستمر في المطالبة بانتخابات مبكرة. يجب ألا تذهب سدى، احتجاجات الأوكرانيين ضد الرئيس الفاسد». إلى ذلك، دعا البابا فرنسيس إلى «حوار بنّاء بين المؤسسات والمجتمع المدني» في أوكرانيا، وأن «تسود قلوب الجميع روح السلام والسعي إلى الخير المشترك، من دون استخدام القوة».