أكد مسؤول غربي رفيع المستوى ل «الحياة» أمس، ضرورة دخول وفد «الائتلاف الوطني السوري» المعارض خلال المفاوضات مع وفد الحكومة السورية «في جوهر المسألة، وهي تشكيل هيئة حكم انتقالية بصلاحيات كاملة وقبول متبادل»، مشيراً إلى أن الدعوة التي وجهها الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون إلى الطرفين السوريين والوفود الأخرى «لم تتضمن محاربة الإرهاب». وكان المبعوث الدولي - العربي الأخضر الإبراهيمي التقى في جنيف أمس على حدة، كلاًّ من رئيس وفد الحكومة وليد المعلم ورئيس «الائتلاف» أحمد الجربا لوضع اللمسات الأخيرة على صيغة المفاوضات التي تبدأ في مقر الأممالمتحدة في جنيف للإجابة على أسئلة تتعلق بما إذا كانت المفاوضات ستجري في غرفة واحدة أم في غرفتين منفصلتين، وآليات التواصل، ومدة الجولة الأولى من المفاوضات. وقال المسؤول إن التوقعات أن تستمر الجولة الأولى أسبوعاً، وأن احتمال انهيارها وارد من اليوم، الأمر الذي استدعى بقاء ممثلي الدول الخمس الدائمة العضوية في ممرات قاعة المفاوضات، مع إعطاء القيادة للجانبين الأميركي والروسي. وتابع المسؤول: «يجب عدم التقليل مما حصل في مونترو (أول من امس). بعد 19 شهراً من المناقشات وصدور بيان جنيف الأول، انطلقت عملية تنفيذ البيان والدخول في الجوهر، وهو تشكيل هيئة حكم انتقالية وكيفية حصول ذلك»، منوهاً ب «قرار المعارضة المشاركة وعدم الانجرار إلى ردود فعل متشنجة». وأضاف: «أن قطار التسوية انطلق، لكن ماذا بعد؟ ندرك جميعاً الصعوبات الهائلة التي تقف أمام العملية التفاوضية بين الطرفين. كل الأطراف الدولية والمعارضة تحدثت عن هيئة الحكم الانتقالية، وأن أساس المفاوضات هو بيان جنيف الأول، مع ضرورة القيام بإجراءات بناء الثقة، مثل فتح ممرات للمساعدات الإنسانية وتبادل السجناء واتفاقات محلية لإطلاق النار. لكن الطرفين السوريين يجب أن يتفاوضا حول كيفية حصول ذلك». ولاحظ المسؤول أن مندوب سورية في الأممالمتحدة بشار الجعفري تحدث مساء أول من امس عن «بيان جنيف» بعدما ركز المعلم في افتتاح المؤتمر على «محاربة الإرهاب». وعلم أن «النواة الصلبة» التي تضم 11 دولة من «مجموعة أصدقاء سورية» نسقت مواقفها أمس، وقدمت دعماً ل «الائتلاف» للتركيز على هيئة الحكم الانتقالية. وقال المسؤول: «يجب أن يدخل وفد الائتلاف بجوهر المفاوضات، وهو البحث في كيفية تشكيل هيئة الحكم الانتقالي بالتوازي مع بحث إجراءات بناء الثقة»، لافتاً إلى أن بيان جنيف الأول، الصادر في 30 حزيران (يونيو) 2012، تضمن «خريطة طريق كاملة» للحل من وقف إطلاق النار إلى بدء المرحلة الانتقالية. وقال المسؤول إن «أصدقاء سورية» شجعت «الائتلاف» على استئناف الاتصالات مع «هيئة التنسيق الوطني للتغيير الديموقراطي» (معارضة الداخل) لمراجعة قرارها عدم المشاركة في مؤتمر «جنيف2»، علماً أن «حزب الاتحاد الاشتراكي» بزعامة حسن عبد العظيم، شهد إعلان إشخاص الخروج منه بعد رفض المشاركة في المؤتمر الدولي. في المقابل، قال مسؤول غربي آخر ل «الحياة»، إن مؤتمر مونترو حقق ثلاث نتائج: «الأولى، أن النظام السوري يعترف لأول مرة بوجود معارضة، حيث إن وفد الحكومة جلس إلى الطاولة نفسها وتحت السقف نفسه معها، بعدما كان يصمها بالإرهاب. أي أن المعارضة حصلت على اعتراف بأنها شريك. الثانية، أن هناك معارضة واحدة فقط، وهي ممثلة بالائتلاف، حيث لم تنجح كل محاولات مشاركة معارضين آخرين. الثالثة، أنه لأول مرة من ستة أشهر، عاد الموضوع السوري إلى الساحة السياسية والإعلامية العالمية». واتفقا على ضرورة «التركيز على تشكيل هيئة الحكم الانتقالية». وأضاف: «لا يمكن أبداً قبول أن يكون الحديث عن إجراءات بناء الثقة والاتفاقات المحلية لوقف إطلاق النار وتبادل السجناء بديلاً من التفاوض حول المرحلة الانتقالية، لأن هذا هو جوهر المسألة». كما اتفق المسؤولان على أن المفاوضات بين وفدي الحكومة والمعارضة ستكون «معقدة وصعبة وشاقة»، مشيرين إلى أنها «ستأخذ وقتاً طويلاً. لكن المهم أن قطار التسوية انطلق ومحطته الأخيرة معروفة، وهي بدء المرحلة الانتقالية في سورية باتفاق بين السوريين». ونقلت وكالة الأنباء السورية أمس عن وزير الخارجية وليد المعلم قوله في سويسرا: «إن الأولوية هي لمحاربة الإرهاب وهذا يفسح في المجال أمام بدء العملية السياسية». وذكرت «فرانس برس» من جنيف أن الأخضر الإبراهيمي يحاول إقناع مسؤولين في الحكومة السورية ومعارضين بالتفاوض المباشر اعتباراً من اليوم الجمعة بعد افتتاح مؤتمر السلام في أجواء من التوتر في مونترو الأربعاء. وكان المؤتمر أنهى أعماله الافتتاحية مساء الأربعاء من دون أن يتحقق في الظاهر أي تقدم على صعيد ردم الهوة بين وفدي النظام والمعارضة اللذين التقيا للمرة الأولى منذ بدء النزاع في سورية قبل 34 شهراً. إلا أن الوفدين بإدارة من الإبراهيمي، سيدخلان في صلب الموضوع الجمعة في جنيف التي تنتقل إليها الوفود المشاركة لبدء مرحلة البحث عن حل للأزمة. وحذر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف من أن المفاوضات «لن تكون سهلة أو سريعة». واعتبر عضو وفد المعارضة هادي البحرة الخميس أن المؤتمر الذي عُقد في مونترو «صب في مصلحة المعارضة» و «أظهر بلطجية» النظام. وقال لوكالة «فرانس برس»: «إن المؤتمر الذي عُقد (أول من) أمس كان بالتأكيد لمصلحتنا. وصلتنا أصداء أن التأييد في الداخل السوري كان ممتازاً. للمرة الأولى نشعر بمثل هذا الالتفاف حول الائتلاف». وأضاف: «النظام عاد إلى الأسطوانة القديمة نفسها. الديبلوماسية أثبتت أنها ليست ديبلوماسية، بل استخدمت أسلوب البلطجية». وانتقد الائتلاف في بيان أمس «استمرار نظام الأسد بحملات القتل والقصف والإجرام بالتوازي مع التمسك بالسلطة، ورفض الرضوخ لمطالب الشعب السوري في الرحيل وتسليم السلطات لهيئة انتقالية كاملة الصلاحيات». واعتبر أن ذلك يؤكد «إصراره على إفشال جميع مبادرات الحل السياسي». ووجهت صحف سورية انتقادات إلى المعارضة والدول الداعمة لها. وكتبت صحيفة «البعث» الناطقة باسم الحزب الحاكم أن جلسات الافتتاح أظهرت «محاولة أعداء الدولة الوطنية السورية والشعب السوري، وعلى رأسهم الرباعي الأميركي - الفرنسي - السعودي - التركي، فرض رؤية محددة» تقوم على «تنفيذ بند الحكومة الانتقالية ذات الصلاحيات التنفيذية الكاملة».