أحالت السلطات القضائية في مصر الرئيس المعزول محمد مرسي على المحاكمة أمس بتهمة «إهانة القضاء» غداة إعلان إقرار مشروع الدستور المصري الجديد. وكان لافتاً أن توجه لائحة الاتهامات بالإضافة إلى مرسي وعدد من رموز جماعة «الإخوان» في مقدمهم المرشد السابق مهدي عاكف ورئيس البرلمان السابق سعد الكتاتني، إلى معارضي حكم «الإخوان» وفي مقدمهم الصحافي الناصري عبدالحليم قنديل والناشط علاء عبدالفتاح والنائب السابق حمدي الفخراني وعضو «جبهة الإنقاذ الوطني» عمرو حمزاوي والإعلامي المثير للجدل توفيق عكاشة. ومن المقرر أن تحدد محكمة استئناف القاهرة دائرة للنظر في القضية وموعد أولى الجلسات التي ستجمع الفرقاء داخل قفص الاتهام. وهذه رابع القضايا التي سيمثل فيها مرسي ورجال حكمه أمام القضاء، إذ إنه يحاكم في قضية قتل متظاهرين أمام قصر الاتحادية في كانون الأول (ديسمبر) 2012، إضافة إلى محاكمته في قضية «التخابر» و «الفرار من السجن» التي ستنطلق 28 الشهر الجاري. وضمت لائحة المتهمين 25 بينهم 7 خارج البلاد هم المحامي الإسلامي ممدوح إسماعيل ومقدم البرامج «الإخواني» نور الدين عبدالحافظ والصحافي في وكالة أنباء الشرق الأوسط أحمد حسن الشرقاوي والقيادي في «الجماعة الإسلامية» عاصم عبدالماجد والداعية وجدي غنيم ووزير شؤون المجالس النيابية السابق محمد محسوب. وأسندت سلطات التحقيق إلى المتهمين جميعاً «إهانة وسب القضاة، من خلال عبارات تحمل الإساءة والازدراء والكراهية للمحاكم والسلطة القضائية». في موازاة ذلك، أجرى وفد من الكونغرس الأميركي يزور القاهرة برئاسة عضو لجنة العلاقات الخارجية النائب دانا روراباكر سلسلة من اللقاءات مع مسؤولين في مقدمهم وزير الدفاع عبدالفتاح السيسي. وتناول لقاء الوفد والسيسي «العلاقات الثنائية المشتركة وتطورات الأوضاع في مصر خصوصاً في ما يتعلق بخريطة الطريق والتي بدأت بالانتهاء من الدستور»، بحسب بيان عسكري مقتضب. وأوضح مسؤول عسكري ل «الحياة» أن «الوفد الأميركي قدم التهنئة بنجاح الاستفتاء على الدستور وسط إشادة بإنجاز أول استحقاقات خريطة المستقبل، وأعرب عن دعم عملية التحول الديموقراطي الجارية، كما تطرق اللقاء إلى ضرورة الإفراج عن المساعدات المجمدة». والتقى الوفد الذي يضم أعضاء لجنة الخدمات العسكرية لوريتا سانشيز ولجنة العلاقات الخارجية بول كوك وستيف ستوكمان واللجنة الفرعية للأمن القومي سينسيا لوميز، نائب وزير الخارجية المصري أمس. وأوضح الناطق باسم الوزارة بدر عبدالعاطي أن «الوفد الأميركي أشاد بإنجاز أول استحقاقات خريطة المستقبل، كما أكد أهمية العلاقات بين البلدين»، مشيراً إلى أن نائب الوزير «حرص على تأكيد أهمية العلاقات بين البلدين في إطار الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة، وضرورة العمل على دفع العلاقات الاقتصادية والسياحية بين البلدين في ضوء التحسن الملموس للأوضاع الأمنية». وكان تمرير مشروع الدستور بنسبة تأييد 98 في المئة حظي بترحيب عربي، فبعث خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز برسالة إلى الرئيس المصري عدلي منصور يهنئه فيها بنتيجة الاستفتاء، وهنأ الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي الشعب المصري بإنجاز الدستور الذي رأى أنه «يمثل ركيزة أساسية للانطلاق نحو تنفيذ بقية بنود خريطة الطريق لهذه المرحلة الانتقالية ولاستكمال الخطوات الدستورية المتعلقة بالانتخابات البرلمانية والرئاسية، والتي من شأنها أن تعزز مسيرة تحقيق الاستقرار السياسي وتحقيق تطلعات الشعب المصري في الحرية والديموقراطية والعدالة الاجتماعية». وأشاد العربي ب «الإقبال الشعبي الكبير على الاستفتاء والذي تميز بمشاركة واسعة وغير مسبوقة للمرأة المصرية عكست الإرادة الشعبية في التأسيس لمرحلة جديدة للانتقال الديموقراطي». ورأى وزير الخارجية الإماراتي عبدالله بن زايد أن «نجاح الاستفتاء سيؤدي إلى تعزيز الاستقرار والتنمية والثقة في مستقبل مصر». وأضاف أن «هذه الخطوة تعد معلماً رئيساً في خريطة الطريق التي تعبر بمصر الشقيقة إلى الاستقرار والتنمية المنشودتين». وعبر عن سعادته ب «الإقبال الكبير على الاستفتاء والتأييد الكاسح للدستور الجديد مما يعبر وبصورة جلية عن إرادة وتأييد الشعب المصري لهذا الإطار المنظم للدولة والمجتمع». ودعا وزير الخارجية الأميركي جون كيري الحكومة الموقتة إلى «أن تطبق بالكامل الحقوق والحريات التي يضمنها الدستور»، وحضها «على التقدم باتجاه المصالحة». واعتبر في بيان أن مصر «تمر بمرحلة انتقالية مليئة بالتحديات تتطلب التوافق والنشاط والاستمرار في العمل». وأشار إلى أن بلاده «تحض الحكومة الانتقالية على التطبيق التام للحقوق والحريات التي تضمنها الدستور الجديد لصالح الشعب المصري»، معتبراً أن «الديموقراطية ليست استفتاء أو انتخابات، بل هي تحقيق حقوق متساوية وحماية وفقاً للقانون لكل المصريين بغض النظر عن الجنس أو الدين أو الانتماء السياسي». واعتبرت باريس على لسان الناطق باسم وزارة الخارجية الفرنسية رومان نادال، أن اعتماد الدستور الجديد يشكل «خطوة مهمة نحو إقامة مؤسسات ديموقراطية ومدنية»، مؤكداً أن «من الأهمية بمكان أن تكون هذه المؤسسات مفتوحة أمام جميع الحركات السياسية التي ترفض العنف، وذلك وفقاً لالتزامات خريطة الطريق». وأكد دعم بلاده «العملية الانتقالية والشعب المصري في هذه المرحلة الحاسمة». ميدانياً، ساد هدوء نسبي الجامعات أمس باستثناء تظاهرات محدودة شهدها حرم جامعة عين شمس في القاهرة لم تسفر عن مواجهات مع الشرطة، بعدما تمكنت قوات الأمن الإداري من التصدي لها. لكن جامعة أسيوط (جنوب مصر) شهدت اشتباكات بين طلاب «الإخوان» والأمن الإداري بعدما اقتحم طلاب من الجماعة المبنى الإداري للجامعة. وقررت النيابة إحالة الطالب الجامعي محمد سعيد نجل شقيق الرئيس المعزول محمد مرسي و12 من زملائه على محكمة الجنايات لاتهامهم ب «الشروع في قتل عميد كلية الصيدلة في جامعة الزقازيق عبدالله الشنواني وإثارة الشغب داخل الحرم الجامعي». من جهة أخرى، أعلن الناطق باسم الجيش العقيد أحمد علي مقتل قائد الجناح العسكري ل «جماعة التوحيد والجهاد» في سيناء، خلال حملة الجيش لتمشيط المحافظة. وقال علي في بيان إن «المعلومات أكدت مقتل قائد الجناح العسكري لجماعة التوحيد والجهاد ويدعى أحمد حمدان حرب المنيعي المُلقب أبي مريم خلال مداهمة لقرية المهدية». وأوضح أن «قوات الأمن نجحت في تصفية ثلاثة عناصر تكفيرية خلال تبادل لإطلاق النيران مع قوة المداهمة، إذ كانوا يستقلون سيارة، وأثناء محاولة أحدهم، وهو أبو مريم، الفرار استهدفته القوة». وقال مسؤول عسكري رفيع ل «الحياة « أمس إن القتيل «يعد أحد العناصر القيادية للجماعات التكفيرية في سيناء»، مشيراً إلى أن «جهوداً مكثفة تُبذل للوصول إلى 4 آخرين على رأسهم شادي المنيعي».