إسرائيل تواصل قتل المدنيين في سبيل تحقيق أهدافها    نتنياهو يقيل وزير الدفاع غالانت ويعين كاتس خلفاً له.. وساعر وزيراً للخارجية    العالمي يخزي العين    أرتيتا: رايس لن يشارك في مباراة أرسنال وإنتر بدوري الأبطال بسبب إصابة    انطلاق المؤتمر الرابع للأمراض المناعية    الأمريكيون حائرون    ملتقى الصحة العالمي يختتم النسخة السابعة بإطلاقات تجاوزت 50 مليار ريال    أمير المنطقة الشرقية يستقبل سيدات الفكر    رئيس مجلس السيادة في السودان يستقبل نائب وزير الخارجية    بلان يعلن غياب بنزيما عن لقاء الاتحاد والعروبة بسبب إصابته العضلية    دوري ابطال الخليج: ديمبيلي يقود الاتفاق لكسب القادسية الكويتي    "فيفا" يكشف عن قواعد بطولة كأس العالم للأندية 2025    في قلب السويدي.. ثقافات تلتقي وتناغم يحتفي بالجميع    تعاونية الرؤية تدشن أول مركز تسويق زراعي متكامل بحضور قيادات وزارية    مستشفى الملك خالد بالخرج ينقذ حياة مواطنة بحالة حرجة عبر مسار الإصابات    أمير منطقة تبوك يستقبل القنصل المصري    إسلام 11 شخصًا في وقت واحد من الجالية الفلبينية بالخبر في جمعية هداية    الاتفاق يعبر القادسية    الموافقة على الإطار العام الوطني والمبادئ التوجيهية للاستثمار الخارجي المباشر    ترمب يدلي بصوته ويؤكد توجهه لتحقيق «النصر»    أمانة منطقة الرياض راعيا رسميا لملتقى بيبان 24    فيصل بن عياف يلقي كلمة المملكة في الجلسة الوزارية بالمنتدى الحضري العالمي بالقاهرة    أبرز 50 موقعًا أثريًا وتاريخيًا بخريطة "إنها طيبة"    محافظ الطائف يناقش مع الجهات الحكومية الجوانب التنمويّة    نائب أمير الرياض يؤدي صلاة الميت على والدة الأميرة مضاوي بنت تركي بن سعود الكبير    "سلمان للإغاثة" يجري 54 عملية جراحية في طرسوس بتركيا    المملكة تختتم مشاركتها في الدورة الوزارية للتعاون الاقتصادي والتجاري "الكومسيك"    خسائرها تتجاوز 4 مليارات دولار.. الاحتلال الإسرائيلي يمحو 37 قرية جنوبية    شتاء طنطورة يعود للعُلا في ديسمبر    يعد الأكبر في الشرق الأوسط .. مقر عالمي للتايكوندو بالدمام    أمير الشرقية يستقبل الرئيس التنفيذي لهيئة تطوير محمية الملك عبدالعزيز الملكية    الاستخبارات الأمريكية تكثف تحذيراتها بشأن التدخل الأجنبي في الانتخابات    محافظ الخرج يستقبل مدير عام فرع هيئة الأمر بالمعروف بالرياض    أمين عام رابطة العالم الإسلامي يرأس اجتماع المؤسسة الثقافية الإسلامية بجنيف    تعليم الطائف بدء تطبيق الدوام الشتوي بالمدارس مع بداية الفصل الدراسي الثاني    المملكة تثري الثقافة العربية بانطلاق أعمال مبادرتها "الأسبوع العربي في اليونسكو" في باريس    فوز 11 شركة محلية وعالمية برخص الكشف في 6 مواقع تعدينية    توقعات بهطول الأمطار الرعدية على 5 مناطق    إشكالية نقد الصحوة    أرباح «أرامكو» تتجاوز التوقعات رغم تراجعها إلى 27.56 مليار دولار    الأسمري ل«عكاظ»: 720 مصلحاً ومصلحة أصدروا 372 ألف وثيقة    المملكة تستحوذ على المركز الأول عالمياً في تصدير وإنتاج التمور    «جاهز للعرض» يستقطب فناني الشرقية    «التعليم»: 5 حالات تتيح للطلاب التغيب عن أداء الاختبارات    إعادة نشر !    سلوكيات خاطئة في السينما    نحتاج هيئة لمكافحة الفوضى    مسلسل حفريات الشوارع    للتميُّز..عنوان    لماذا رسوم المدارس العالمية تفوق المدارس المحلية؟    كلمات تُعيد الروح    قصص من العُمرة    الأمير عبدالعزيز بن سعود يتابع سير العمل في قيادة القوات الخاصة للأمن والحماية    الأمير تركي بن طلال يستقبل أمير منطقة الجوف    الاستقلالية المطلقة    تشخيص حالات نقص افراز الغدة الدرقيه خلال الحمل    النظام الغذائي المحاكي للصيام يحسن صحة الكلى    سعود بن بندر يهنئ مدير فرع التجارة بالشرقية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل تنجح المرأة السورية في ما فشل الرجال فيه؟
نشر في الحياة يوم 20 - 01 - 2014

مبادرة لنساء سوريات في رعاية من «مكتب المرأة في الأمم المتحدة» ووزارة الخارجية الهولندية، أعلنت أخيراً لتؤكد حقهن في المشاركة في العملية السياسية وبناء سورية في المرحلة المقبلة.
غير أن الخبر كان مدعاة للتشكيك لدى بعض الناشطين السوريين، ومنهم المحسوبون على المثقفين. وقد يفسر رد الفعل على الخبر بفقد السوريين ثقتهم بأي تجمّع سوري، أو لانعدام الثقة بقدرة النساء على عمل شيء مختلف لبلادهن يتميز عما أنجزته التجمعات السياسية ذات الأكثرية الرجالية المطلقة حتى الآن.
بدأت المبادرة التي رعتها الأمم المتحدة قبل شهرين في اجتماع عمّان واستكملت في جنيف خلال 11 و12 كانون الثاني (يناير) الجاري، وكانت ترجمة لقرارات عدة صدرت عن الأمم المتحدة، آخرها القرار 2122 عن مجلس الأمن الذي يشدّد على أهمية دور النساء في عملية السلام، مطالباً الوسطاء الدوليين باستشارة القيادات النسائية في أماكن الصراع في مرحلة مبكرة من النزاعات، مع كتابة تقرير في ذلك لأعضاء مجلس الأمن. وطالب القرار الحكومات باعتماد نساء في وفود الأطراف المتفاوضة. ويستند هذا التوجه إلى تراكم خبرة وتجارب سابقة أشرفت عليها الأمم المتحدة أو منظمات دولية أخرى، أثبتت فيها النساء نجاحاً في تحقيق السلام وتهدئة النزاعات، كما حصل في شمال إرلندا، وفي عدد من بلدان أفريقيا مثل ليبيريا وكينيا وأوغندا.
وها هي الأمم المتحدة تضع جهدها لوضع النساء السوريات في واجهة عملية السلام للاستفادة من جهودهن ورؤيتهن للأزمة من منطلق أنهن وجه الإنسانية وحارسات السلام، وفق تعبير فومزيل ملامبو - نجكوكا، المديرة التنفيذية للجنة المرأة في الأمم المتحدة في كلمتها، مضيفة: «أنا على ثقة بأن النساء السوريات سيغيّرن قواعد اللعبة وسيكنّ صانعات سلام وواجهة لمجتمعاتهن. ولن يكون هناك سلام من دون مشاركة نصف المجتمع».
على المستوى السوري تميزت هذه المبادرة عن بقية التجمعات السورية، بأنها لم تركز على طرف واحد في النزاع. فقد حضرت ممثلات عن مختلف الأطياف السياسية والنسوية، إضافة إلى مستقلات من داخل سورية ومن دول الشتات، جلسن للتحاور حول مصير بلادهن ودورهن في صوغ العملية السياسية للانتقال بسورية الى مرحلة جديدة يعمّها السلام والاستقرار بعد نزاع دموي لثلاث سنوات استهله النظام السوري وانجرّت إليه قوى مسلحة استدرجت مقاتلين أجانب أيضاً. ولن أدعي بأن النساء كن ملائكة الحوار في نقاشاتهن على مدى أكثر من يومين حول البيان الختامي، أو حول من يمثلهن في لجنة المتابعة للضغط على مشاركتهن في العملية السياسية. ولن أقول إنهن قبلن بوجهات نظر بعضهن بعضاً بكل أريحية طوال الوقت، فقد طفت الخلافات السياسية في النقاشات، بين أفضلية معارضة داخل وخارج، أو مطالبة إحدى المشاركات بمنع انتخاب أي امرأة انتمت إلى تنظيم معارض أيّد يوماً الحلّ العسكري في سورية، «حتى لو تراجعت عن ذلك لاحقاً»!
في الحقيقة كادت حدّة المناقشات حول نقاط معينة، مثل المطالبة برفع الحصار الاقتصادي عن سورية، أن تصل بالاجتماع إلى نتائج مشابهة للاجتماعات السورية الأخرى، لولا وجود «ميّسرين» يعملون مع الأمم المتحدة بصفتهم خبراء في إدارة الحوار بين الأطراف المختلفة عملوا بجهد مشكور وخبرة لافتة على تفكيك الآراء المطروحة وتقديم بدائل وسطية للتوافق حولها، وهي آلية سرعان ما كانت تلقى قبولاً لدى الحضور، ساهمت في إخراج الاجتماع متماسكاً موحداً في خطابه.
وعلينا، للإنصاف أن نؤكد أنه كان لطبيعة المرأة دور في التقارب من خلال الهمّ الإنساني، وهذا ما كان يظهر في الأحاديث الجانبية وفي لحظات الاسترخاء، وغفلت الحاضرات بغالبيتهن عن الخلاف السياسي وناقشن أموراً تتعلق بالجهد الإغاثي وغياب الخدمات والغذاء والدواء، أو عن عوائلهن وأنفسهن عموماً بما يتخلل ذلك من تعليقات طريفة وضحكات. ولم تخل التعليقات داخل الاجتماع وخارجه من دموع على الوطن والشعب من دون خجل في إخفائها. وهذه كلها سمات إنسانية تحسب للنساء عموماً وتشكل عنصراً إيجابياً لأرضية تفاهم بينهن لمصلحة تغيير ما يجري على الأرض من عنف وخراب.
لقد اجتمعت السوريات في جنيف، وقبلها في عمّان في رعاية الأمم المتحدة وحضور منظمات نسوية ومجتمع مدني وممثلات عن بعض التنظيمات السياسية، إضافة إلى مستقلات، لدعم تمكينهن من المشاركة في صنع مستقبل سورية وشراكتهن في فض النزاع وعدم استبعادهن عن المفاوضات في أي عملية سياسية مقبلة. وتوافقن في المرتين على اعتماد «جنيف - 1» ومبادئه الستة أساساً لإطلاق مسار تفاوضي حقيقي، يهدف كما ذكرت سميرة التويجري، المديرة الإقليمية للجنة المرأة في الأمم المتحدة، إلى «بناء سلام كامل يضمن عدالة انتقالية وبناء دولة القانون والمواطنة في سورية وكتابة الدستور وتحقيق المساواة بين الجنسين وحقوق الإنسان في سورية». ولم تغفل المشاركات عن قضايا تخص النساء تحديداً في هذا النزاع، مثل تزويج البنات القاصرات والإتجار بالمرأة ووجود أعداد كبيرة من النساء والفتيات من معتقلات الرأي أو الإغاثة أو مختطفات رهينات لمعاقبة الرجال النشطاء من أقربائهن. وتم التشديد على أسماء ناشطات مثل رزان زيتونة وسميرة الخليل، وأليس مفرج التي اعتقلت عندما راجعت الجهات المختصة في شأن جواز سفرها استعداداً لحضور هذا الملتقى.
بتمهيده لمشاركة المرأة في صنع مستقبل سورية، حقق اجتماع جنيف أكثر من إنجاز ومنحها فرصة لقاء مسوؤلين دوليين، بدءاً من الأخضر الإبراهيمي، الوسيط الدولي الذي التقى المشاركات مرتين، إلى الديبلوماسيين الدوليين وممثلي المنظمات المعنية بالجندر والسياسة والإغاثة، كما منحهن فرصة التحدث من على منصة دولية مهمة هي مقرّ الأمم المتحدة بجنيف، تحدثن منها للصحافيين عن هواجسهن، وقدمن شهاداتهن على ما يحدث في سورية.
وكان أسرعَ ثمرة لهذا الملتقى قرار بإرسال مندوبتين لحضور جلسة مجلس الأمن بتاريخ 19 من هذا الشهر حيث القضية السورية ضمن ملفات الاجتماع.
وفي المحصلة، شدّدت كل هذه المداخلات على أن السوريات إيجابيات وفاعلات وشريكات مؤهلات، لا مجرد ضحايا عنف متعدد.
ومن المحزن أن هذا الدعم الدولي يتم التشكيك به سياسياً ومن منطلق «جندري». فمثلاً، ما معنى أن يستخدم الشيخ معاذ الخطيب، الرئيس الأسبق للائتلاف، وصفاً لم يستخدمه مع الرجال، عندما أبدى تخوفه على صفحته في «الفايسبوك» من أن تكون محاولة إشراك النساء في «جنيف - 2»، «امتداداً للأصابع الماكرة التي تتلاعب بنا»! وهو وصف تنميطي للمرأة الدمية وحُكم ذكوري لا تغيره الثورات بسهولة، ويحتاج من المرأة في مختلف المكونات السياسية والاجتماعية إلى التكاتف مع شقيقاتها للتحالف والتغلب عليه.
* كاتبة وصحافية سورية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.