يفتتح «مركز بيروت للفن» السادسة مساء الأربعاء 22 كانون الثاني (يناير) الجاري، معرض «ما بعد الأطلس» من فكرة المتخصّص في تاريخ الفن والفيلسوف الفرنسي جورج ديدي هوبرمان والمصوّر النمسوي المقيم في فرنسا أرنو غيسينغر. «ما بعد الأطلس» هو تكملة لمعرض «أطلس: كيف تحمل العالم على ظهرك» الذي أُقيم في المتحف الوطني، مركز الملكة صوفيا للفن في مدريد في العام2010 والذي نظّمه جورج ديدي هوبرمان. قُدّم المعرض نفسه في ZKM في كارلسروه (2011) وساملونغ فالكنبرغ / دايختورهالن في هامبورغ (2011). وكان محاولة لفهم النهج الفني والفكري ل140 فناناً وكاتباً ومخرجاً ومنظّراً من خلال أعمالهم التحضيرية والأصلية. «ما بعد الأطلس» هو عمل فوتوغرافي لغيسينغر يعرض في بيروت بنسخته الثالثة، ويأتي كردّ فعل على الصور الفوتوغرافية الوثائقية المؤلفة من مونتاج مفهومي لمعرض «أطلس» في ساملونغ فالكنبرغ. وقُدّمت قبل ذلك نسخ هذا التعاون في استوديو فرينوا الوطني للفنون المعاصرة (2012) ومتحف ريو للفن (2012). وُلدت فكرة المعرض من عدم القدرة على نقل معارض ضخمة للأعمال الأصلية مثل «أطلس» إلى مؤسسات ثقافية ذات موارد مالية متفاوتة تقع في بلدان مختلفة. مجموعة معارض ما بعد «أطلس» إشادة معاصرة بآبي واربرغ (1866 - 1929) المتخصّص الألماني في تاريخ الفن الذي أنشأ أطلسه لصور أعمال فنية تحت عنوان «Mnemosyne Atlas». ونسّق مجموعات صور ذات موضوع مشترك، ساعياً إلى استكشاف روابط جديدة بين أشكال بصرية عدة نشأت في مساحات وأوقات مختلفة، خالقاً بالتالي معاني جديدة عالمية لتصورات ورغبات وأحاسيس. ستُملأ جدران المعرض في «مركز بيروت للفن» بصور بحجم ملصق (2.5 x 3.5 متر)، من مونتاج صور غيسينغر، مؤلفة من صور فوتوغرافية لأعمال أصلية، كأجزاء من عقود وصور من عملية إنتاج المعرض، إضافة إلى إنعكاسات ومساحات وتفاعلات. كما ستُعرض مقتطفات من إنتاجات سينمائية حديثة ومعاصرة نسّقها هوبرمان وفق مواضيعها على أحد جدران المعرض. فكرة معرض ما بعد «أطلس» المسافر الذي يُعاد إنتاجه ليتأقلم مع سياق المعرض المحلي، مستوحاة من فكرة آبي واربرغ ال Wanderung، أي الهجرة عبر التاريخ لأشكال تتّخذ معاني جديدة في أمكنة وأزمنة مختلفة. قد يطرأ تداخل في المحتوى، إلا أن كل نسخة من المعرض تظهر بحلّة جديدة. في فرينوا طُبعت صور غيسينغر بأحجام أصغر مشكلةً شريطاً فيلمياً وكاشفةً مساحة المعرض في الغاليري العليا. أمّا الطابق الأرضي الذي لا يمكن رؤيته إلا من الغاليري في الأعلى، فقد أصبح شاشة عرض لمقتطفات من إنتاجات سينمائية. وطُبعت لمتحف ريو للفن مجموعة مختارة من صور لغيسينغر على خشب، ووُضعت على أرضية المعرض، فاختبر الزائرون مرّة أخرى مشاهدة الصور من الأعلى. يفتح «ما بعد الأطلس» المجال لنقاش حول سياسة الفن المعاصر وتجسيداته وعرضه، فتواجه هالة والتر بنيامين في العمل الفني الأصلي مقاربة آبي واربرغ في تصوير الأعمال الأصلية أو نسخها، وفي إبداع مونتاجات فوتوغرافية وتقديم معرفة غير نموذجية. في هذه النسخة المحلية المتميّزة ببراغماتيّتها والأكثر ماركسيةً في نهجها، سيعيد المشاهد التفكير في ميزة واربرغ وإعادة تقويم التصوير الفوتوغرافي كوسيط، وذلك لإمكاناته اللامتناهية في إعادة التنسيق والتّناص والمتعة الجمالية. ويُطرح السؤال المهم عن ما هو متأصّل في قيمة الفن. وسيكون المهتمون بهذه الأعمال الفنية على موعد مع محاضرة «MONTAGE MON BEAU FUSIL» يلقيها جورج ديدي هوبرمان، الثامنة مساء الخميس 23 كانون الثاني (يناير) الجاري، باللّغة الفرنسية. ويتناول فيها قيمة المونتاج في أعمال جان لوك غودار. أما أفلام فيديو «ما بعد الأطلس» تنسيق جورج ديدي هوبرمان وأرنو غيسينغر، فستعرض ليالي الأربعاء ما بين 5 شباط (فبراير) المقبل وحتى 26 آذار (مارس) المقبل. وهي أفلام تتلاقى فيها أعمال فيديو لبنانية مع مختارات «أطلس الصور» المنبثقة من سياقات مختلفة. يذكر أن جورج ديدي هوبرمان فيلسوف ومتخصّص في تارخ الفن. يحاضر في جامعة الدراسات العليا للعلوم الإجتماعية في باريس. أصدر منذ العام 1982 نحو 50 عملاً عن الصورة، كان آخرها «L'Album de l'art à l'époque du Musée imaginaire». أدار معارض عدة منها «البصمة» في مركز جورج بومبيدو (باريس، 1997). أما أرنو غيسينغر فهو فنان نمسوي يقيم في باريس. طوّر ممارسة تربط التصوير الفوتوغرافي بعلم التأريخ، عاملاً على تصوير الماضي عبر التساؤل عن مكانة الصور في المجتمعات المعاصرة.