افتُتح في السعودية أمس صرح اكاديمي جديد على ضفاف البحر الاحمر، يحظى باحدث واهم التجهيزات التقنية في العالم، ويهدف إلى فتح ابواب المملكة على مصراعيها امام الابحاث والانجاز العلمي. وألقى رئيس جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية البروفيسور تشون فونغ شيه كلمة، قال فيها: «لقد اجتمعنا على شاطئ البحر الأحمر هنا عند ملتقى الشرق والغرب ملتقى القديم والجديد ملتقى التحديات والفرص لنشهد ولادة أحدث جامعة في العالم، لقد جئنا من جميع أنحاء العالم من المؤسسات الأكاديمية والصناعية من أروقة السلطة وقطاع الأعمال ومختبرات العلوم من مختلف مناحي الحياة توحدنا تطلعاتنا المشتركة». وأضاف: «لقد اشترك كثيرون عبر فترات زمانية طويلة وبذلوا جهوداً شاقة ووهبوا قلوبهم وأفرغوا طاقاتهم لإنشاء جامعة غير عادية في زمن غير عادي، ويشرفني أنني ساهمت مع جمع غفير من الناس المتفانين المخلصين لنصل إلى هذا اليوم المشهود». واشار في كلمته إلى أن «دار الحكمة» كان مركزاً عظيماً للتعلم ومستودعاً للمعارف واجتذب العلماء من جميع انحاء العالم المعروف آنذاك أسهموا في تقدم المعرفة في مجالات عديدة مثل الرياضيات والطب وعلم الفلك وطبقوا اكتشافاتهم لتحسين حياة الناس القريب منهم والبعيد، وفي أكثر من مناسبة سمعنا من خادم الحرمين الشريفين حديثه عن هذه الجامعة باعتبارها بيتاً جديداً للحكمة واعتبارها ايضاً هدية منه إلى شعب المملكة العربية السعودية وشعوب العالم. وأوضح البروفيسور تشون فونغ شيه أن الجامعة تهدف إلى اكتشاف المعرفة وتبادلها وتطبيقها وهي تجمع العلماء الرواد والواعدين من جميع انحاء العالم لمتابعة تحصيلهم العلمي ليكونوا في مقدمة صفوف الباحثين والمخترعين والمبتكرين والذين ستساعد انجازاتهم العلمية المنتظرة في رفع مستوى حياة الناس والتصدي للتحديات الكبيرة التي تواجه البشرية. وأكد ثقته أنه سيأتي اليوم الذي نرى فيه الجامعة راسخة في هذا المركز الحيوي، بينما يجري الاعتراف بدورها المحفز بالنمو الاقتصادي للمملكة على نطاق واسع في الداخل والخارج، كما نرى أفضل الخريجين من أبرز جامعات العالم يختارون متابعة اهتماماتهم العلمية في الجامعة، وأصبحت مركزاً ذا شهرة عالمية للعلوم والتقنية والابتكار والمشاريع واصبحت تقف كتفاً إلى كتف مع شركائها من الجامعات ومؤسسات الصناعة في جميع انحاء العالم سعياً وراء ايجاد احدث الحلول والتحديات العلمية الرئيسية. وتوقع البروفيسور تشون فونغ شيه ان تحقق الجامعة بعد جيل واحد من الآن حلم خادم الحرمين بأن تكون ملتقى للعلوم والبحوث ومنارة من منارات المعرفة للأجيال المقبلة، متمنياً لجامعة الملك عبدالله دوام النمو والازدهار وان تبقى هبة نابضة للحياة من اجل اجيال العالم المقبلة. وشارك عدد من رؤساء الدول فضلاً عن علماء وباحثين مرموقين في حفلة افتتاح جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية (كاوست)، التي جاء افتتاحها تزامناً مع العيد الوطني السعودي. وتعمل الجامعة على حفظ مكان للمملكة بين صفوف البلدان الاكثر اهتماماً بالابحاث، الا ان الهدف غير المعلن لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، الذي يريد ان تخطو بلاده بشكل كامل الى القرن ال 21، هو الحد من الضوابط المفروضة على المرأة في الحياة. وفي غضون ثلاث سنوات فقط، انشأ السعوديون مباني متطورة جداً لتشكل حرم الجامعة على مساحة 36 كيلومتراً مربعاً، على بعد 80 كيلومتراً شمال مدينة جدة على البحر الأحمر. كما ادخلوا إلى الصرح الجديد مئات العلماء والطلاب من مختلف أنحاء العالم. وتمثل الجامعة منعطفاً بالنسبة لمستقبل المملكة. وتحظى الجامعة بحواسيب فائقة التطور والسرعة، اضافة الى تجهيزات تقنية من الاحدث في العالم، بكلفة تتجاوز 1.5 بليون دولار. وسبق للجامعة ان اطلقت برامج مشتركة للابحاث مع مؤسسات عريقة مثل جامعة سنغافورة الوطنية والمعهد الفرنسي للنفط وجامعتي كامبريدج البريطانية وستانفورد الأميركية. كما انشأت الجامعة وحدات للابحاث خاصة بها، وذلك في مجالات تكنولوجيا النانو والرياضيات التطبيقية والطاقة الشمسية وعلم الجينات. وقال رئيس الجامعة السنغافوري شون فونغ شيه لوكالة فرانس برس: «قبل سنتين، لم يكن هنا الا الرمال والبحر، واليوم لدينا واحدة من افضل البنى التحتية للابحاث في العالم». وتعطى الدروس في الجامعة باللغة الانكليزية. وهي بدأت في ايلول (سبتمبر) الماضي مع 71 استاذاً و374 طالباً يشكل السعوديون بينهم نسبة 15 في المئة بينما يأتي الباقون من ستين بلداً. واستعان السعوديون بعلماء وأكاديميين رفيعي المستوى لاسيما من الولاياتالمتحدة لإطلاق عملية توظيف الأساتذة وقبول الطلاب. وستحظى الجامعة بوقف بقيمة عشرة بلايين دولار، بهدف تمويل الابحاث، وقد سمح هذا الوقف للجامعة بدفع رواتب مرتفعة للعاملين فيها وبتقديم منح دراسية للطلاب. ويرى خبراء ان اختلاط الجنسين الممنوع أصلاً في السعودية، أمر ضروري لنجاح الأبحاث خصوصاً ان 15 في المئة من الطلاب هم نساء سبق ان تلقين دراستهن في جامعات أجنبية.