كتبتُ في هذه الصحيفة مقالة بعنوان «الرياض تغرق» بتاريخ 23 تشرين الثاني (نوفمبر) 2013، على خلفية الأمطار التي هطلت على الرياض وقتها، والتي أربكت الدفاع المدني والمواطنين، وأودت بحياة البعض منهم غرقاً، وقلتُ فيه، أن الجاني هو «أمانة مدينة الرياض» لا غير، خصوصاً إدارتي المشاريع والدراسات، وبالذات الأولى، للأسباب التي سأذكرها بصراحة في هذه المقالة، هذه الأيام هطلت أمطار على الرياض مرة أخرى، ولا أخفيكم، أننا عندما يدعونا ولي الأمر لصلاة الاستسقاء نبادر في الاستجابة لندائه، وفي نفوسنا ما فيها! ولكنه يبقى حديث النفس لا يتجاوزه، لذا لسنا محاسبين عليه إن شاء الله، والحال تلك، تعالوا معي إلى المصيبة التي حلّت في قرطبة الشرقية، أقل ما توصف به، أنها كارثة ستلحقها أمها، ما لم يتم تدارك الأمر، لتصبح أم الكوارث وأبوها إن شئت، دخلت المياه في المنازل، فتدخّل الدفاع المدني لانتشال من فيها وإنقاذهم وإسكانهم خارج المنطقة، تلف أثاث المنازل، تتكرر هذه الحال كلما هطلت أمطار على الرياض منذ أعوام، ولو بمستوى قليل في هذه المنطقة بالذات، وأمانة الرياض من دون أمانة، وسأقول لكم كيف فقدت أمانتها؟ أقدمت على خطوة غير محسوبة الجانب، أقل ما يقال عنها إنها «جريمة» من العيار الثقيل، دفع أهالي قرطبة الشرقية بسببها الثمن غالياً، يوم أن قامت في الليلة الظلماء بإغلاق عبّارة ذات ثلاث فتحات كبيرة على طريق الرياضالدمام أمام قصر الموعد للاحتفالات، كانت معدة في الأصل لمرور السيول معها من الشمال إلى الجنوب، فلما أغلقتها رجع السيل أدراجه ملحقاً بأضرار كبيرة، يعرفها مسؤولو أمانة الرياض، لكنهم يغمضون أعينهم عنها، كونهم شركاء في الجريمة، إذ كيف لهذه العبّارة أن تغتال، قبل أن يوجد الحل البديل، هذه المشكلة الأولى مع أمانة الرياض بكاملها، تعالوا لنقف على الجريمة الأخرى التي بطلها إدارة المشاريع في الأمانة، انتهت من تمديدات تصريف السيول في حي اليرموك وحي قرطبة، ولم يتبق إلا عملية التوصيل من الشمال إلى الجنوب من أسفل طريق الدمام، هذه التوصيلة الصغيرة لها عام لم تنته مشكلتها، وحجة الأمانة عرقلة مؤسسة التحلية التي تخشى على أنابيبها من الكسر، ووعود من إدارة المشاريع لا تصدق، وحي قرطبة الشرقي يدفع ثمن هذه الوعود التي تنم عن استهتار مسؤولي الأمانة، وبخاصة إدارة المشاريع التي ليس لديها إلا قول واحد، يعشعش فيها الخلل الكبير، ويبدو أنها ليست بحجم مشكلات الرياض، بدليل وقوفها متفرجة أمام كوارث الأمطار، من دون أن تسيطر على الحلول، بودي أن يستبدل اسم (أمانة الرياض) إلى (بلدية الرياض)، كون المعنى الشرعي لكلمة (أمانة) كبيراً وعظيم الدلالة، وهؤلاء لم يؤدوا معشاره، مشكلات هذا الجزء الكارثي في قرطبة الشرقية يتكرر كل عام، ومسؤول الأمانة في إجازة عن الأمانة، يخدرون مواطني هذا الحي بجحافل الوايتات، لشفط مياه الأمطار بطرق بدائية مقرفة جداً، هذا ونحن في العاصمة! المسؤولون في أمانة الرياض، أقولها بأمانة لأجل وطني وخوفي عليه من الشياطين الذين يستغلون مثل هذه التقصيرات الظالمة من المسؤول، ماتت ضمائرهم، يحتاجون إلى من يحييها بالنظام، وهنا دور هيئة الفساد، أدعوها للمسارعة في التحقيق مع من افتعل هذه المشكلات، مع من أغلق العبّارة الكبيرة ذات الفتحات الثلاث، ولمصلحة منْ أغلقت! كتبتُ مقالات كثيرة هنا وهناك عن ذات المشكلة، وأمانة الرياض لا تكترث بها، تحبذ الصمت لا تستطيع الرد، كونها شريكاً بالفعل، قولاً وعملاً، هي من تمنح الفسوحات، ولا يمكن أن تُغلق العبّارة من دون علمها، إذاً هي الجهة التي تتحمل تبعاتها، ويجب التحقيق معها وإلزامها بدفع قيمة الأضرار التي لحقت بمنازل وأملاك المواطنين، والتحقيق معها لمعرفة أسباب ودوافع إغلاق العبّارة، والتحقيق معها، بالذات مع إدارة المشاريع، من جراء تأخير تنفيذ الوصلة المتعثرة من تحت طريق الدمام، والخاصة بتصريف السيول، هاتان صورتان من صور تقصير أمانة مدينة الرياض، مع قناعتي بوجود الكثير في أنحاء العاصمة، وكل يصيح بالصوت الرفيع، وإذن من طين وأخرى من عجين، وبالتالي فالرياض، تغرقها الأفعال الناقصة من المسؤولين، ودمتم بخير. محمد أحمد الجوير dr-al-jwair@hotmail. com