قلّل حزب «العدالة والتنمية» الحاكم في تركيا من أهمية فضيحة الفساد التي تهزّ الحكومة، مبرراً «الصراع» في البلاد بأنه «شجار بين إخوة»، لكنه حذر من استغلال القانون لإعادة رسم «الخريطة السياسية» للبلاد. ونفذت الحكومة حملة تطهير ضخمة في الشرطة والقضاء، بعد الكشف الشهر الماضي عن فضيحة فساد تطاول وزراء وبيروقراطيين مقربين من رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان الذي يتهم جماعة الداعية فتح الله غولن باستغلال الشرطة والقضاء لشنّ «حملة قذرة» هدفها زعزعة حكمه، قبل انتخابات بلدية في آذار (مارس) المقبل ورئاسية في آب (أغسطس) المقبل. وقال حسين جليك، نائب رئيس حزب «العدالة والتنمية»: «إذا ارتكب الساسة أخطاءً، يحاسبهم الشعب الذي يدفع ضريبة أخطائهم، ويخضعون إلى مساءلة قضائية، لكننا مستعدون لمواجهة كل من يسعى إلى استغلال قوة الدولة والقضاء لمنفعته، وإعادة صوغ الخريطة السياسية للبلاد». وأقرّ بأن الحزب الحاكم يرتكب أخطاء، مستدركاً أن «نهجه يسير على الطريق الصحيح، والأشخاص المخطئون سيتركون مسيرة الحزب التي ستبقى مستمرة، في بلد ديموقراطي تعددي وتيارات سياسية متعددة». وتابع: «هذا التنوّع ليس مثيراً لمشكلات، بل يشكّل ثراءً حقيقياً، وأي صراع بين الألوان المتنوعة في بلادنا، ليس سوى شجار بين إخوة ينقضي بعد أيام». وشدد جليك على أن الحكومة «ليست لديها مشكلات مع جماعات تعمل تحت مسميات مختلفة، مثل جماعة فتح الله غولن»، مؤكداً أن حزبه «تعامل بشفافية مع كل الملفات». وعلى رغم الكلام المطمئن لجليك، تابعت الحكومة التركية حملة تطهير في صفوف خصومها، إذ أعلن «المجلس الأعلى للقضاة والمدعين» أنه أمر بنقل 20 مدعياً، بينهم المدعي العام لإسطنبول تورهان جولاكادي، وبدء تحقيق يشمل قضاة في إسطنبول كُفَّت أيديهم عن التحقيق في فضيحة الفساد. وأحالت الحكومة على البرلمان مشروع قانون اعتبرته المعارضة مخالفاً للدستور، لإعادة هيكلة القضاء، ما يجعله تحت سيطرة الحكومة، من خلال منح وزير العدل كلمة الفصل حول قرارات تعيين أعضاء «المجلس الأعلى للقضاء والمدعين». وبعدما رفض الاقتراح، اثنان من أحزاب المعارضة الثلاثة الممثلة في البرلمان، قال نور الدين جنقلي، نائب رئيس الكتلة النيابية للحزب الحاكم: «سنعرض المشروع على لجنة العدل النيابية، خلال جلسة يحضرها كامل أعضائها، على الأرجح الأسبوع المقبل، وسنصوّت عليه. ليس متوقعاً حدوث أي تأخير أو تجميد أو سحب للمشروع». لكن مفوض مجلس أوروبا لحقوق الإنسان نيلس مويزنكس حذر الحكومة التركية من محاولة «تسييس» القضاء، إذ قال: «الحدّ من استقلال القضاء سيشكّل خطراً على واقعه ويقلّل من ثقة الجمهور، لا في القضاء فقط بل في الدولة برمتها». وأضاف: «أي ضغط يُمارَس على القضاء سيكون خطراً على الديموقراطية التركية، أياً تكن مبرراته. وأي قرار يتخذه قضاء مسيّس، سيكون بالضرورة مشبوهاً». وأعرب عن «قلق كبير لأن مشروع القانون هدفه حرمان المجلس الأعلى للقضاء والقضاة من بعض صلاحياته، لمنحها لوزير العدل، عكس التطورات التي تدعو إليها هيئات في مجلس أوروبا». وذكّر بأن القضاء التركي حقّق تقدّماً كبيراً منذ سنوات، مستدركاً: «لذلك فوجئت بالتسرّع في عرض تلك الاقتراحات، من دون استشارة مناسبة مع خبراء محليين ودوليين».