دخل المرجئة التاريخ ك «عملاء» لبني أمية، وكان الفكر «العلوي» لهم بالمرصاد، وكان بالمرصاد لكل من خالفه... فهم لم يحاربوا بني أمية، وكانت فكرتهم تعتمد على إرجاء الأحكام... وهذا معنى قول القائلين: إن الصراع في الإسلام كان سياسياً ولم يكن دينياً، فالمسلمون لم يختلفوا على مسألة دينية. أما أول سيف سُلّ في الإسلام فكان على الخلافة، أي على الحكم والسياسة. كان «التكفير» سائداً. فالذين دفعوا بالمسلمين البسطاء إلى «الاقتتال»... كانوا كفاراً. وقال المرجئة: إن إطلاق أحكام «الكفر» مسألة لا تخص البشر. بل إن الله، سبحانه، هو الذي يحكم بالكفر يوم القيامة. فهم «يرجئون» الحكم إلى يوم القيامة، ويدعونه بيد الله، سبحانه، ومن هنا جاءت التسمية، وظهرت فرقة «المرجئة» في التاريخ الإسلامي. وكان المرحوم أحمد أمين في «فجر الإسلام» الذي صدرت طبعته الأولى عام 1927 بمقدمة لطه حسين، أول من ذكر «المرجئة» ضمن ذكره للفرق الإسلامية في القرن الأول الهجري. وهذا أفادني في تأمّل مدى القابلية للاستفادة من فكرة «الإرجاء» في سياستنا المعاصرة. إن في «الإرجاء» نوعاً من الليبرالية. فعدم إصدار الأحكام طابع ليبرالي، وهو التقاء بينهما. وهنا يقف «اجتهادي» في التنبيه إلى ذلك، ففكرة السياسة المعاصرة «التفكير» في هذه الإمكانية. وسأعينهم من جانبي في هذا المسعى! 1- على الليبراليين الجدد أن يتمسكوا بالانتخاب وصندوق الاقتراع. 2- كان المرجئة القدامى يقدمون الإيمان على ما عداه من الممارسات الدينية. وكان شعارهم: «لا تضر مع الإيمان معصية، كما لا تنفع مع الكفر طاعة)». فإن كان الإيمان راسخاً لا تضر معه أية معصية يرتكبها الإنسان، أما إذا كان الإنسان كافراً فإن إتيانه بالطاعات لا ينفع. وهذه أهمية الإيمان بمبدأ، فإن كان الإيمان غالباً، فإنه لا تضر معه أية مخالفة له. أما إذا كان الكفر غالباً، فإنه لا تنفع معه أية طاعة لمواضعاته. 3- كان هذا الشعار يسيح مع «الإرجاء»، جنباً إلى جنب، وكان هذان المبدآن يمثلان فكر «المرجئة» التي مثلّت بذرة لليبرالية، لا بد من الاستفادة منها في حياتنا المعاصرة. * أكاديمي وكاتب من البحرين