ها أنا أقف في منتصف أروقة المتحف الفني الإسلامي في كوالالمبور، ثابتة كتمثال. عيناي تتحركان بدلاً عني، تبحثان عن ألواني، عن قطعة من بعضي، عن خيط فجر يُوحي بأن أرسم الكلمة في حكايات، أن أنقشها لأروي بها مذكرات مررت بها، تأبى النسيان. بغتة، تستيقظ بنا المفاجآت لتعيد ما ضاع منا. في هذه اللحظة تخطفني نفسي لأتجوّل بلا قدم، روحي تمضي عني، باحثة عن روح منها مُعلّقة على جدران المتحف، ترى هل ستعرفني؟ هل ستتذكر بأننا لوّنا ولعبنا «وضحكنا ضحك طفلين معاً، وعدونا فسبقنا ظلنا». دقات قلبي أقرب إلى الصمت. كثرة السفر تنقلني من سكك المطبات نحو السلامة. عرفت من تجاربي المتعددة كيف أحمل فرشاتي دون وجل. أرسم مدونات ملونة، كم عدد صفحاتها؟ لا أتذكر. بعضها بقيت في حوزتي، وبعضها صارت ملكاً لغيري. خطوات، أدنو من لوحاتي، أسميتها «مذكرات سجادة»، كي تحكي عني حكاياتنا المنسية. ربما تثرثر للزائرين عن سجاجيد أبي. كان يحملها على قلبه، مع كل سفرة يعود بواحدة جديدة. يحكي الكثير عنها، كنت حينها طفلة أسمعه بانبهار، من دون وعي لما يرمي إليه. بعد رحيله المفاجئ، أدركت بأن حياتنا سجادة، نحيكها بألواننا. لذا كانت سجادة أبي هي الروح التي تسللت إليها، عانقتها، كي أرسمها في أكثر من وجه. أنسجها مع كل فجر بشكل مغاير، كي لا يباغتني التكرار. الحرف عندي حر، ليس كوفياً، ولا ديوانياً. أخطّه في أشكال متعددة عفوية متشابكة، كي تظل في حالة عطف على بعضه. أن تتحقق الأمنيات من دون أن نسعى لها، فمعنى ذلك أن القدر يكتب عنا معجزاتنا. أذكر جيداً في عام 2006، حين كنت في زيارة سياحية للمتحف الفني الإسلامي في ماليزيا. رفعت رأسي صوب السماء مستفسرة: هل يمكن أن تصل أعمالي التشكيلية إلى هنا؟ بعد 7 سنوات جاء الرد، بدعوتي ضمن 36 فناناً من أنحاء العالم، في معرض من مقتنيات المتحف تحت عنوان «ن والقلم». إذاً الأحلام تتحقق بالصبر والمثابرة، وإن تأخرت عنا. ما زالت الهواجس تتقلب في عقلي، دقائق أفتح مذكرات سجادة. ما بين اللقاء والفراق انتظارات، ها نحن نلتقي. نلتقط الصور. أطير بين ألواني مبتهجة، ولكني أعود بتساؤل كبير: كيف لا تحتضن المملكة العربية السعودية متحفاً إسلامياً؟!