يقِف الدكتور سكوت سمال وهو باحِث في مجال الذاكِرَة ، أمام لوحٍ أسود في المركز الطبي في جامعة كولومبيا ليرسم خَطّين متقابِلَين. يمثّل الخَطَّ الأول التَقَدّم في العُمْر والثاني يمثل الذاكِرَة. ويؤكد سمال: «كلّما ارتفع خطّ التَقَدّم في العُمْر انخفض خطّ الذاكِرَة. إنّه أمر طبيعي، إذ يمرّ الجميع بمرحلة ضعف الذاكِرَة المرتبط بتقدّم العُمْر. إذا شعرتَ أنك بَدأت تنسى أسماء الأشخاص وأرقام الهواتف وأماكن الأشياء، لا تدع الذعر يتملّكك». على هذا النحو، تُقارِب الكاتبة الأميركيّة سو هالبيرن مسألة النَظرَة العلميّة المُعاصِرَة الى مُشكِلَة الذاكِرَة في كِتابها «لا أستطيع تَذكّر ما نَسَيتَه: أخبار جيّدة من الجَبهَة الأماميّة للذاكِرَة»I can't Remember What I Forgot The Good News From the front Lines of memory. منذ منتصف العمر يرى الكِتاب أن ليس من الغريب أن يبدأ المرء الشعور بوهن الذاكِرَة بداية من منتصف عُمْره، لكن أعراض النِسْيان التي يؤكّد الطب أنها طبيعيّة تماماً لا تزال مُزعِجَة لأصحابها إلى حدّ كبير. وبينما يحاول المرء ألا يبالغ في تقدير شعوره بالنِسْيان، إلا أنه لا يستطيع أن يسيطر على قلقه وخوفه من أن يقع في تلك الشريحة التي تصاب بمرض «ألزْهايْمَر» Alzheimer أو أي شكل من أشكال خَرَف الشيخوخَة. ويتوقّع خبراء في علوم الذاكرة، بحسب كِتاب هالبيرن، إصابة ما يزيد على 34 مليون شخص بمرض «ألزْهايْمَر» بحلول العام 2025، ونحو 14 مليون شخص في الولاياتالمتحدة خلال السنوات الأربعين المقبلة. وتتوقع بُحوث كثيرة أن يشعر نصف الأميركيين بأعراض هذا المرض مع بلوغ عامهم ال85، مع ملاحظَة أن متوسط عُمْر الفرد في الولاياتالمتحدة هو 80 عاماً عند السَيّدات و75 عاماً عند الرِجال. وساهم التَقَدّم العِلمي وتطوّر أجهزة المَسحْ والتصوير الطبيّين، وزيادة المَعرِفَة بخصائص هيكل المُخ وكيميائه، في مساعدة العلماء على اكتشاف المشاكل المتعلقة بالذاكِرَة والبحث عن طُرُق حلّها. وينقل كِتاب هالبيرن عن الاختصاصي الأميركي موني دي ليون وهو مدير «مركز صحة المُخّ» في مستشفى «تيستش» في جامعة نيويورك، أن النِسْيان يعتبر عارِضاً طبيعيّاً، مع إشارته إلى وجود أمل جديد في علاج هؤلاء الذين يعانون ما هو أكثر من مجرد أعراض النِسْيان الطبيعيّة.