تجمّع حوالى 20 ألف شخص في أنقرة أمس، للاحتجاج على الحكومة التركية التي استهدفتها فضيحة فساد ما زالت فصولها تتوالى، فيما بدأ البرلمان مناقشة مسودة تعديل دستوري اقترحتها حكومة رجب طيب أردوغان لإعادة هيكلة الهيئة العليا للقضاء بعراك بالأيدي بين نواب من حزب «العدالة والتنمية» الحاكم وآخرين من المعارضة طالبوا بحضور وزير العدل بكر بوزداغ. وتزامنت تظاهرة أنقرة مع عودة أردوغان من جولة استمرت أسبوعاً في آسيا، ورددت هتافات «الثورة ستنظّف هذه القاذورات»، و «إنهم لصوص»، في إشارة إلى «حزب العدالة والتنمية»، ورفع المحتجون صور دولارات رسم عليها وجه أردوغان. وبعد إرجاء مناقشة مسودة التعديل الدستوري، بحث النواب في مسودة مشروع ثانٍ قدمته الحكومة لمنح وزير الاتصالات حق إغلاق أو منع أي موقع إلكتروني من دون حكم قضائي، باعتباره «ضرورة لضبط فوضى مواقع تبث أكاذيب ومعلومات مضللة» حول فضيحة الفساد التي طاولت وزراء استقالوا من حكومة أردوغان. وتحاول المعارضة التي تتمثل بثلاثة أحزاب في البرلمان، هي: «الشعب الجمهوري» و «الحركة القومية» و «السلام والديموقراطية»، عرقلة إقرار المشروعين. وكانت الهيئة العليا للقضاة اعتبرت أن مشروع الحكومة لإعادة هيكلتها يناقض بصيغته الجديدة المقترحة أسس الدستور ويُخضع القضاء لسلطة الحكومة مباشرة، إذ يعطي وزير العدل وحده حق اختيار أعضاء الهيئة الجديدة التي سيكون من مهماتها تعيين وكلاء النيابة والقضاة وترقيتهم ومحاسبتهم. ورداً على سؤال للمعارضة في البرلمان، قال وزير العدل إن وكلاء النيابة طلبوا التحقيق مع أربعة من الوزراء المستقيلين، وتدرس الوزارة الطلب قبل إحالته على التصويت في البرلمان لرفع الحصانة عن الأربعة والسماح بمحاكمتهم. ودان حزب «الشعب الجمهوري» إخفاء وزارة العدل هذا الأمر وتأخير بته من دون مبرر. في المقابل، تحتدم المعركة بين الحكومة وجماعة رجل الدين فتح الله غولن، مع الإعلان عن تغيير تموضع بيروقراطيين في الحكومة وأجهزة الأمن وإقالتهم. وطالبت صحيفة «يني شفق» الإسلامية المقرّبة من الحكومة بترك موقف الدفاع وشنّ الحرب على جماعة غولن و «تصفيتها فوراً بلا رحمة»، ليتزامن ذلك مع أنباء أوردتها صحف محسوبة على غولن تفيد بأن الحكومة تعدّ لخطة شاملة لتصفية المؤسسات الاقتصادية والإعلامية والتعليمية الخاصة، التابعة لجماعة غولن. إلى ذلك، أكدّ الكاتب الصحافي جمال أوشاك، نائب رئيس مؤسسة «وقف الصحافيين والكتّاب» وأحد الناطقين البارزين باسم جماعة غولن الدينية في تركيا والذي تربطه علاقة مباشرة مع زعيمها، أن المعركة ستستمر وسيكون لها تأثير في نتائج الانتخابات المقبلة، مؤكداً أن جماعة غولن أو جماعة الخدمة كما يسميها أصحابها، ستسحب دعمها لأردوغان في الانتخابات. وقال أوشاك في مقابلة صحافية إن الحكومة ووزراءها يدلون بتصريحات «عبثية وغير صحيحة»، ولا دليل على اتهام أردوغان الحركة بتشكيل دولة داخل الدولة، وزاد أن المحققين في قضية الرشاوى «أظهروا أدلة ووثائق» تشير إلى وجود فساد في الحكومة، فيما «أردوغان ووزراؤه لم يأتوا بأي دليل على اتهاماتهم للحركة بأنها تعدّ لانقلاب أو تسيطر على مؤسسة القضاء أو الأمن».