ألا توجد مؤسسات حكومية أو أهلية تحظى بمعاملة خاصة مثل مصارفنا المحلية؟ لا أظن ذلك، فهي كما يقولون في الأمثال الشعبية «الضرس الأعلى»، وهو مَثَل يُطلق على الشخص القوي النافذ المسيطر على أية علاقة، والطرف الأقوى في أية معادلة. تحدث انهيارات في سوق الأسهم ولا تخسر، تمول مشاريع رابحة وأخرى خاسرة ومع ذلك تسترد ديونها، تنهار مصارف عالمية لها باع طويل في الاستثمار والتمويل والادخار وتعلن عن أرباح، تصدر الأنظمة تلو الأنظمة والقوانين تباعاً ولا تعترف مصارفنا إلا بما يزيد أرباحها، ولا تلتفت لهذه التنظيمات إن تعارضت مع مصالحها. حقيقة فإن ما سلف لا يهمني، وأتمنى لمصارفنا المزيد من النمو والتوسع. لكن لنأتي على حقوق الأطراف الأخرى، لن أتطرق إلا للأفراد، كما لن أكتب عن جميع حقوقهم، فقط عما يتعلق بأجهزة الصرف الآلي وبطاقات الصرف. تبدأ معاناة العملاء مع أجهزة الصرف الآلي الخاصة بالسيارات من ضيق المكان، لدرجة أنك تتخيل أنها مصممة للدراجات النارية وليست للسيارات، أما المعاناة الحقيقية فتتمثل في تلك الأجهزة الخربة التي تفتقر إلى الصيانة، أخص هنا بعض المصارف وهي - على ما أعتقد - معروفة للعملاء، كما أن هناك أحياء لا يتم الاهتمام بالصرافات الموجودة فيها، ووقفت شخصياً على جهاز صرف ظل ثلاثة أيام عاطلاً بعد إجازة عيد الفطر المبارك! شخصياً، تعرّضت لموقف حرج قبل شهر رمضان المبارك، إذ ابتلع الجهاز بطاقة الصرف خاصتي، كنت حينها متوجهاً برفقة الأسرة لشراء بعض الحاجات الضرورية للشهر الكريم، وصادفت تلك الليلة بداية الإجازة الأسبوعية. هل تخيل أحد مقدار الحرج الذي وقعت فيه؟ ولأنني لا أحب الاقتراض حرمت نفسي وأسرتي من التمتع بتلك اليومين وفضّلنا الجلوس في المنزل، كل ذلك بسبب جهاز صرف عاطل، والمصيبة أنك لا تدري بذلك إلا بعد أن تقع الفأس في الرأس ويسحب البطاقة الصراف. لا نريد من مصارفنا المشاركة في الأعمال الخيرية، ولا نريد منها أداء واجباتها الوطنية والمبادرة للمشاركة في نشاطات المجتمع، ولا حتى الاستثمار في أي مجال يخدم العباد والبلاد، طموحاتنا أقل من ذلك بكثير. باختصار، نريد السلامة من أخطائها وإهمالها واستهتارها بحقوقنا. نريد أجهزة صرف صالحة وصيانة عاجلة وحلاً ناجعاً لمن وقع في ما وقعت فيه، نريد بطاقة بديلة إذا راجعنا المصرف بلا أية عمولات إضافية، فما ذنب العميل في خطأ جهاز تابع للمصرف؟ لا أتوجه بتلك المطالبات للمسؤولين في المصارف، فالمديرون التنفيذيون للمصارف في المملكة موجودون لزيادة الأرباح لا لإرضاء العملاء، فأين سيذهب العميل منهم؟ إنما أتمنى من المسؤولين في مؤسسة النقد الالتفات - ولو قليلاً - لحقوق العملاء، التنبه لما يتعرّض له العميل من هدر لحقوقه واستغلال لأمواله واستهتار بما يستحقه من معاملة. كما قلت طموح عملاء المصارف ليس كبيراً، وبالتالي لا نطالب بأن تكون العلاقة متساوية مع المصارف، ولكن على الأقل أشعرونا بأننا عملاء، لنا حقوق ونستطيع المطالبة بها في أي وقت، ارفعوا أسهمنا قليلاً في تلك العلاقة الظالمة، فنحن الطرف الأضعف - وليس الضعيف فقط - في أي عقد تمويل أو استثمار أو ادخار مع تلك المصارف.